اعلم أنك تعيش في دولة متحضرة إذا التزمت حكومتها بتنفيذ أحكام القضاء .. ولا أدري ماذا يمكن أن نطلق عليها إذا لم تلتزم بذلك .. صحيح هناك آلاف الأحكام صدرت لصالح أشخاص أو جماعات أو هيئات ولم تستطع وزارة الداخلية تنفيذها ربما لكثرتها وربما لاختفاء المدانين الذين صدرت ضدهم هذه الأحكام وعدم التوصل إلي أماكنهم. لكن .. ماذا لو تجاهلت الحكومة تنفيذ حكم ضدها صدر لصالح الشعب؟ وممن يأخذ الشعب حقه .. أو بالأصح من الذي يمكن معاقبته من أعضاء الحكومة التي لا تلتزم بتنفيذ الأحكام؟! الكلام كثير حول تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الحرس التابع لوزارة الداخلية في جامعة القاهرة .. ورغم تصريحات رسمية بأن الحكومة ملتزمة بتنفيذ الحكم إلا أن هناك تصريحات رسمية أخري توحي بالالتفاف عليه وانه سيكون هناك حرس ولكنه غير تابع لوزارة الداخلية. الناس تتكلم حول خلع الحرس الحالي ثياب الشرطة الرسمية واستبدال ملابس مدنية بها .. وان رجال أمن الدولة لن يغادروا الجامعة وسيظلون موجودين بها!! الحكومة معها حق في الخوف علي منشآت ومعامل الجامعة من جماعات مشاغبة تتربص بالاستقرار داخل الحرم الجامعي ومستعدة لانتهاز أية فرصة لممارسة تصرفات غير مسئولة .. ولكن سكوت الحكومة حتي الآن عن إعلان كيفية تنفيذ الحكم وكيفية إنشاء حرس بديل لرجال الشرطة يعطي الناس الحق في كثرة الظنون والتشكيك. المفروض ان تكون الحكومة قد فكرت في برنامج لخلع حرس الشرطة من جامعة القاهرة وتدارست الموقف مع رئيس الجامعة للاتفاق علي كيفية إحلال حرس تابع له بدلاً من حرس الشرطة .. وهل يمكن تكليف شركات أمن بتوفير أفراد مدربين للحراسة .. أم تعلن الجامعة نفسها عن قبول طلبات أفراد تتوافر فيهم شروط خاصة لتعيينهم كحرس جامعي؟! وفي هذه الحالة ما هو السلاح الذي يسمح لهؤلاء الأفراد بحمله؟! ومن أين يتم توفيره؟! ظني ان الحكومة لم تفكر في هذه التفاصيل حتي الآن .. ومن هنا تأتي التصريحات المتضاربة التي أثارت الشكوك. وإذا كان هذا الموضوع يشغل الرأي العام الآن فهناك موضوع أكثر أهمية وهو عدم تنفيذ الحكومة لحكم المحكمة الإدارية بوضع حد أدني لأجور العاملين في الدولة. فقد سبق ان أصدرت محكمة القضاء الإداري حكماً ألزمت فيه الحكومة بوضع حد أدني للأجور ولم يتم تنفيذه بالمخالفة للدستور والقانون .. الأمر الذي دعا المحكمة برئاسة المستشار كمال اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة لاصدار حكم جديد يلزم الحكومة بتنفيذ الحكم الصادر في مارس الماضي بوضع حد للأجور. ولكن السؤال الذي يحتاج إلي إجابة: هل تنفذ الحكومة الحكم الجديد؟!!!