نور الإيمان حينما يستقر في القلب يمنح الانسان رجلاً أو أمرأة طاقة تدفعه إلي المضي قدما في الالتزام واداء الواجب دون تقصير ليس هذا فحسب وإنما دائماً يبحث عن الرقي في الاداء والاجتهاد في تطبيق قيم الإسلام علي نفسه. ضميره حي يقظ وإذا حدث أي خطأ في حياته ولا يعرف كيف يتم تصحيح هذا الخطأ وتجاوزه بصورة لا تغضب الله سبحانه. يدقق في كلماته وكل ما يصدر عنه. مراقبة دائمة وسلوكيات في التعامل مع الآخرين بأسمي صورة وأفضل أخلاق ومن بين النسوة اللاتي تنسجم تلك العبارات التي أشرت اليها آنفا السيدة خولة بنت ثعلبة وهي أنزل الله فيها قرآنا يتضمن حلاً لأي امرئ يقع في خطأ مثل الذي وقع فيه زوج "خولة" وتحكي آيات القرآن لوعة هذه المرأة ومعاناتها حينما أقسم عليها زوجها أوس بن الصامت يميناً أحدث ارتباكا في حياة الأسرة ولكون الضمير يتفاعل في وجدانها ذهبت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم تبحث عما يزيل سحابة الخطأ التي فاجأت مسيرة حياة الأسرة. خولة امرأة مسلمة ترعي زوجها في كل شئون حياتها وتحافظ علي عدم احراجه ترعي الله في تعاملاتها معه خاصة أنه ابن العم ورب الأسرة. الإيمان استقر في وجدانها. ولذلك تسعي إلي ادخال السرور إلي نفسه. تلك المبادئ التي حرص الإسلام علي غرسها في نفوس اتباعه فصاروا نجوما يتحدث التاريخ عنهم كنماذج لكل من أراد المضي في طريق النور والسعادة في الحياة الدنيا والآخرة. وصدق الله العظيم حين قال: "من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب" 20 الشوري. في ظلال هذه المبادئ عاشت خولة بنت ثعلبه مع زوجها وابن عمها حياة هنيئة لا ترفض له طلبا وتسعي لارضائه. سقف حياتهما امتلأ بالكثير من المشاعر الطيبة. فهي تربي أولادها علي أساس القيم التي تحرص علي غرسها في نفوسهم منذ الصغر. تدربهم علي النهوض بالواجب في أقسي الظروف لكي يتعودوا علي تحمل المشاق وخوض معارك الحياة بكفاءة واقتدار كما لا يفوتها أن تدربهم علي كيفية خوض المعارك مع الخصوم إذا صادفت مسيرة حياتهم. كما كان زوجها أوس بن الصامت رجلا قويا صاحب اداء في المواقف الصعبة التي تتعرض لها هذه الأسرة الصغيرة. مسيرة حياة هذه الأسرة مضت هادئة هنيه لكن مع مرور الأيام وتقدم أوس بن الصامت في العمر خاصة أنه شهد غزوة بدر وكل المشاهد مع رسول الله صلي الله عليه وسله وفي مثل هذه السن أصاب الرجل الكثير من أعراض الشيخوخة وبدأت بعض الخلافات تشتعل بينهما لكن خولة كانت تغلب العقل علي نذر الشر في مشاعرها لكن الرجل في احدي المرات تجاوز وأقسم عليها يمينا عطل مسيرة هذه الحياة الهانئة ففي لحظة الغضب قال أوس لخولة: أن علي كظهر أمي. ولم تمض سوي لحظات حتي تدارك الرجل مدي الخطأ الذي وقع فيه. فقد استيقظ ضميره فهو المسلم المحارب في صفوف المسلمين الأوائل. اعتراه الندم وقال لزوجته إن هذا اليمين كان يتضمن تحريم المرأة علي زوجها في زمن الجاهلية قبل الاسلام. فقالت له أنت لم تذكر طلاقا. لكنه طلب منها أن تذهب للرسول وتستفسر منه. فقالت أذهب أنت لكن الحياء منعه فأصر علي أن تتوجه هي للرسول وتسأله. استعارت ثوبا من احدي جاراتها وتوجهت إلي الرسول تعرض عليه هذه المشكلة التي طرأت علي حياتهما بسبب هذا اليمين. وعندما حكت للرسول: قال لها "ما اراك الا قد حرمت عليه " فولت المسكينة تشتكي إلي عقب مجادلة مع الرسول وفي هذا الجدال يكرر عليها ذلك القول لكن الحق تبارك وتعالي سمع هذا الحوار وأنزل قرآنا يتضمن حلولاً لمشاكلها. ولكل امرأة ورجل في مثل هذا الموقف الذي تعرضت أسرة أوس وزوجته خولة. أنزل سورة المجادلة: "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلي الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير" وأخذت الآيات تقرر مبادئ لابد أن يلتزم بها كل من يقع في هذا الخطأ وهي تتضمن حلولاً لكي تمضي مسيرة الأسرة دون معوقات. والحلول تتمثل في: إما عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً. هذه الحلول يجب أن يلتزم به كل من يؤمن بالله واليوم الآخر. هذه الصراحة بين الزوجين خاصة صحوة أوس بن الصامت نبهت زوجته إلي ضرورة أن تمضي حياتهما بعيداً عن أي شئ محرم يغضب الله عليهما ولذلك بعد القسم الذي صدر من أوس أصابه الندم فطلب من زوجته أن تذهب بحثا عن حل لهذا اليمين. انها قيم الايمان التي التزم هذا الزوجان. ورغم كل الشوائب التي أحاطت بهذه المشكلة. فإن صحوة الضمير هي التي أضاءت الطريق لحلول لكل مسلم يقع في مثل هذا الخطأ. ليت كل رجل وامرأة يلتزمان بتلك المبادئ في حياتهما.. إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو القي السمع وهو شهيد.