أتمني علي جماعة الإخوان المسلمين أن تنظر إلي التاريخ وما يمكن أن يسجله عليها في هذه الفترة الفارقة من تاريخ مصر. أتمني ألا تسيطر عليها روح الغضب الحادة والانتقام وهي تدافع عما تراه حقها في السلطة التي خرجت من أيديها.. وتعيد تقييم الأمور والمواقف التي أدت بها إلي هذا المصير. ما نراه علي الساحة يؤكد أن الجماعة تسير في طريق التصادم مع المؤسسة العسكرية.. وهي بذلك لا تصطدم بهذه المؤسسة الوطنية وحدها. وإنما تصطدم بكل أبناء الشعب الحامي لجيشه المحتضن له الذي يمده بكل أسباب القوة. في يد قيادات جماعة الإخوان أن يحافظوا علي وجودها لتظل فصيلا فاعلا في الحياة السياسية.. ولن يتأتي لها ذلك إلا بمراجعة خططها للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر. وبالتراجع عن سياسة العنف والتسبب في إراقة دماء الأبرياء الذين تضعهم في صدارة المشهد. لو أعاد العقلاء من قيادات الإخوان تقييم سياساتهم خلال السنة التي حكموا فيها مصر بأسلوب منطقي وواقعي وعقلاني لأدركوا يقينا بغير لبس أنهم ارتكبوا أخطاء وضعتهم في جانب وبقية الشعب في الجانب المقابل. ومن هنا فإننا نطالبهم بأن يعوا هذا الدرس ويستفيدوا من أخطائهم حتي يتم إعادة التواصل بينهم وبين الجماهير التي تخلت عنهم نتيجة لتصرفاتهم. سوف يدفع الإخوان ثمنا باهظا إذا أصروا علي انتهاج سياسة الصدام مع القوات المسلحة. وأخشي ألا تقوم لهم قائمة بعد ذلك ويعودوا إلي العمل تحت الأرض بعد أن سنحت لهم الفرصة للظهور في النور والمشاركة في الحياة السياسية علي قدم المساواة مع بقية التيارات والأحزاب الأخري. نصيحة لوجه الله أتوجه بها إلي كل قيادي في الجماعة وأخص هنا الدكتور محمد البلتاجي والدكتور عصام العريان وغيرهما أن يخففوا من لهجة التهديد والوعيد وأن يحاولوا رأب الصدع الذي حدث في العلاقة بين الجماعة وبين المواطنين ويظهروا الوجه السمح في التخاطب. وأن يتقدموا بمبادرات للعمل علي توحيد الصفوف وعودة الوئام للمجتمع المصري الذي عرف بتكاتفه ووحدته علي مر السنين. أوجه هذا النداء وهذه النصيحة رغم ما يلوح في الأفق عكس ذلك فتيار العنف والمواجهة مسيطر في الجماعة ويوشك أن يأخذنا إلي طريق مسدود. بالإصرار علي الاعتصامات وتعطيل المصالح وقطع الطرق والتحرش بالمواطنين المسالمين وفتح جبهات ضد الجيش والشرطة في سيناء.. وتهديدات بالزحف هنا أو هناك وآخرها اقتحام المطار. لقد أصبحنا الآن أمام أمر واقع لا رجعة فيه وكل محاولة للعودة بعقارب الساعة إلي الوراء سوف تبوء بالفشل.. وعلي الجماعة أن تعترف بهذا الواقع وتعيد صياغة سياستها وتحركاتها لتعود إلي حضن المجتمع فصيلا سياسيا فاعلا وبناءً وساعيًا لخير البلد. أقول للجماعة مرة أخري: انظروا إلي التاريخ واختاروا المكان الذي تضعون فيه أنفسكم.. لأن حكم التاريخ قاس وهو الفيصل الذي لا يقبل النقض.