قال السفير أماني محتبي سفير إيران في القاهرة إنه قضي نحو 4 سنوات كاملة بمصر يحتفل فيها مع المصريين في صيام شهر رمضان المبارك وقد اكتشف أن كثيراً من مظاهر رمضان متشابهة في البلدين. الأجواء الروحية التي يعيشها معظم الناس في إيران تبدو وكأنها محطة استراحة في حياة الساعين وراء لقمة العيش ودعوة إلي التوقف أياما معدودات عن الاستغراق في هموم الدنيا وما يكتنفها من المعاناة.. ففي هذا الشهر تتسابق المراكز الدينية كالمساجد والحسينيات في وضع العديد من البرامج الثقافية والفكرية والعقائدية مع الاستعداد التلقائي للصائمين والأجواء الروحية التي تسيطر علي الشهر الفضيل لتوجيه رسائل التوعية وحث الميسورين والأغنياء علي المساهمة في مساعدة الفقراء والمحتاجين وكسف المزيد من الدعم في تطوير المسجد. وللإيرانيين علاقة خاصة بالدعاء خلال شهر رمضان وعندهم طقوس خاصة في قراءته والاستغراق في معانيه ودلالاته وتجد الدعاء منتشراً بمعظم القنوات الفضائية بأشكال شيقة وممتعة للسامعين فهم يحرصون علي قراءة القرآن في أوقات متعددة من اليوم فهناك "دعاء السحر" الذي تبثه محطات الإذاعة والتليفزيون ويبدأ مع استيقاظ الصائمين لتناول السحور منذ الواحدة بعد منتصف الليل وينتهي عند آذان الفجر.. ويحرص الكثير من الصائمين علي المشاركة في البرامج التي تقيمها المساجد بعد تناول طعام الفطور ومنها قراءة دعاء الافتتاح الذي يقرأ بصوت منغم يضفي جوا يعين علي انطلاق شفافية الروح وتحقق صفاء النفس. يسهم المحسنون والأغنياء من المؤمنين في تأمين الإفطار للفقراء في هذا الشهر إذ تقام في مدينة طهران موائد الإفطار في أكثر من 100 جامع كبير ضمن مشروع خيري يطلق عليه "إفطار ضيوف الرحمن".. وعند سماع صوت الآذان تبدأ عملية توزيع وجبات الإفطار الذي يتكون عادة من قدح من الماء الساخن أو الشاي وقليل من التمر والجبن الأبيض وشيء من الخضراوات إضافة إلي قطعة من الخبز قبل البدء بالوجبة الرئيسية للإفطار. أما ليالي شهر رمضان في طهران فإنها تختلف عن سائر أيام العام حيث تتجمع عائلات الأقارب والأصدقاء بعد الإفطار في المقاهي الشعبية "سنتي" لتناول الشاي والشيشة وأنواع المكسرات والتمور وتكتظ المساجد في المناطق الشعبية بروادها وقت الإفطار لاسيما الطبقة البسيطة من العمال الذين يستمر عملهم ساعات متأخرة من الليل ويفضلون الإفطار في الجوامع بسبب الازدحام المروري الذي يحول دون وصولهم إلي منازلهم في الوقت المحدد والعسر الذي يمنعهم اللجوء إلي المطاعم الفاخرة وتعمد الأسر الإيرانية إلي تناول الوجبة الرئيسية من الإفطار بعد ساعة من أذان المغرب ولا تخلو المائدة الرمضانية الرئيسية هنا من "الآش رشتة" وهو عبارة عن حساء دسم مليء بأنواع البقوليات والمكرونة والخضراوات الورقية بالإضافة إلي شوربة ماء اللحم ويسمي هنا أبكوشت.. كما تشهد المطاعم ازدحاما شديدا بعد الأذان. وتتغير ساعات العمل في الدوائر والمؤسسات الإيرانية عند حلول شهر رمضان المبارك حيث ينتهي العمل قبل ساعة واحدة من انتهاء موعد العمل في الأيام العادية الأخري تقديرا لوضع الصائم. وتختلف العادات والتقاليد الرمضانية في إيران من مدينة إلي أخري ففي مدينة أصفهان التاريخية "وسط إيران" يفطر الصائمون علي دوي المدفعية الرمضانية التي تقع بإحدي الساحات القديمة في المدينة.