إذا كان التغيير في أعقاب ثورة 25 يناير قد لحق الكثير من الهيئات والمؤسسات الحكومية فإن المثقفين يتطلعون إلي الهيئات الأهلية لكي تشهد تغييرات مماثلة لصالح الثقافة العربية بعامة ولصالح المثقفين بخاصة ثمة اتحاد الكتاب ونادي القصة وأتيلييه القاهرة وجمعية الأدباء ورابطة الأدب الحديث وهيئة الفنون والآداب بالإسكندرية وغيرها من الجمعيات والهيئات والروابط في العاصمة والأقاليم تعاني ما يشبه حالة سكون دائمة إلا من أنشطة روتينية كتنظيم المحاضرات والندوات مقابلا لغياب النظرة الاستشرافية والخطط التي ترسم المستقبل. في رأيي د.رمضان بسطاويسي إنه من السابق لأوانه أن نتحدث عن النتاج الثقافي الذي يمكن أن يظهر فيه تأثير ثورة 25 يناير في أشياء كثيرة لم تتبلور بعد النتاج الثقافي حدث مكتمل ويؤدي دوره لكن الأمر مازال يتخلق كل يوم تحدث أشياء وهناك سهولة في التغير هو تغير سريع يجعل من الصعب استيعابه لأنه لم يصنع صيغة محددة للحياة المشهد العام سيتحرك ببطء ولكن في اتجاهات مختلفة علي المستويات السياسية والأدبية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ثمة صيغ مختلفة لم تستقر بعد وهناك حراك كثير كان مضمرا أو مسكوتا عنه من المهم أن تحدث حالة من الحراك والصراعات الصحية لكن ما هو موجود يعد نوعا من الانفعال العاطفي للثورة لم يتحول إلي صيغة للحياة ويعبر عن تطلع جديد يري الإنسان فيه نفسه ويكتشف صيغة جديدة للحياة اليومية تقدم رؤية جديدة للوجود ودور الإنسان ويستوعب الطموحات المقبلة للإنسان المصري الأدب في حقيقته يمارس الدور النقدي للواقع بما فيه الثورة نفسها وإلي الآن لم تكتمل عناصر النقد فكلنا الآن نضع أشكالا لأنه لم تكن هناك قوانين تستبدل شيئا بشيء الإنسان ينقد الماضي وعليه أيضا أن ينقد الحركة اليومية ولا يمكن للإنسان أن يعمل بمفرده في ظل مؤسسات غير موجودة بالشكل الفعال لا توجد آليات للتغيير في كل المؤسسات كل ما نراه هو نوع من الاجتهادات نحن الآن نلحظ من يتحولون حسب المكاسب يحاولون إيجاد أدوات لهم للحفاظ علي هذه المكاسب أو إحراز مكاسب جديدة بعد الثورة.. كل هذه الأمور لم تحسم ولن تحسم إلا بعد مرور فترة السيولة التي نعيشها الآن. تفاعل ومن المفروض في تقدير د.جمال عبدالناصر أن المؤسسات الثقافية والجمعيات الأهلية جزء من المجتمع بشكل عام ومن ثم فهي لا تستطيع أن تعيش بمعزل عن الأحداث والمتغيرات المتلاحقة إذ لابد أن تتفاعل مع هذه المتغيرات لحظة بلحظة بمعني أنه يجب أن يكون لها رد فعل مباشر ويجب ألا يكون رد فعل انفعاليا رموز هذه المؤسسات لابد أن يتدارسوا بعض الشيء ويراجعوا المواقف المختلفة للوقوف علي أهم المكاسب والإيجابيات وكذلك أهم الخسائر والسلبيات علي هذه المؤسسات والجمعيات الأهلية أن تحدث ثورة داخلية موازية للثورة الخارجية عليها أن تنبذ الفكر الرجعي والمتخلف وتقوم بإعداد فكري تنموي مستنير يواكب اللحظة ويجب أن يكون أساس هذا البرنامج هو التغيير علي مستوي القيادات بهدف الاستعداد للتعامل مع مستقبل جديد وتطورات جديدة كما تستهدف التطلعات والطموحات وليدة اللحظة وتنظيم العلاقات وصياغة العلاقات التي تربط بين الأعضاء علي مستوي القمة والقاعدة ثم صوغ أساليب جديدة للاتصال والتواصل مع مؤسسات المجتمع الأخري والالتحام بالثورة والمشاركة في صنع القرار السياسي والثقافي وتقديم كوادر لها فكر جديد يمكن أن تسهم في رسم خارطة الطريق للجميع في القريب. ويلاحظ د.عمار علي حسن أن الثورات الكبري تليها ثورات صغيرة وقد حدثت هذه الثورات الصغيرة في بعض المؤسسات الصحفية والاقتصادية وغيرها التي انتفض العاملون فيها من أجل تغيير القيادات وأغلبها جاء إلي مناصبه بعد موافقة الجهات الأمنية الأمر يختلف في الروابط التطوعية مثل اتحاد الكتاب ونادي القصة والجمعيات الأهلية والنقابات المختلفة فقد جاءت مجالس إداراتها عن طريق انتخابات سليمة من الناحية الشكلية لأن من أشرف عليها هم أعضاء الجمعية العمومية إلا أن هذا لا يعني أنها كانت مرتعا للفساد والاستبداد أوجده القائمون عليها للارتباط بالنظام القائم آنذاك لنيل مكاسب شخصية وكانت السلطة تستخدم ذهب المعز وسيفه والآن فإن القائمين علي هذه الروابط أن يتجهوا إلي الناس وإلي أشواقهم للحرية والعدالة والكفاية الاجتماعية ويصبحوا في خدمة الوطن ولن يتأتي ذلك إلا بأن ندفع بالعناصر الجادة والحرة فهي إذن تحتاج إلي ثورات صغيرة وليس بالعنف الذي شهدته مؤسسات أخري الاصلاح سيأتي بالضرورة بشخصيات مستقلة عارضت ما كان يحدث إلي صدارة المشهد وهذا ما أرجو حدوثه من خلال حوار بين أعضاء هذه الجمعيات أو النقابات بحيث يفرز في النهاية شخصيات تمثل الاتجاهات الحادثة الآن. شركاء ويري د.أحمد عثمان أن معظم أعضاء الجمعيات الأهلية شاركوا بدرجة وبأخري في ثورة الشعب فهم إذن شركاء في الثورة وفي تقديري أنه لابد من تقدير دور الشعب بكل تكويناته في تسيير أمور الدولة كنا -في الماضي- ننظر إلي الجمعيات الأهلية وكأنها أحزاب معارضة مرفوض تدخلها في العمل إلا في أقل القليل فالجمعيات الثقافية لم يكن لديها القبول من حيث السلطات والإعانات وإشراف الدولة كان صارما جدا وكانوا يسألون حتي عن الملاليم التي نتصرف فيها رغم أنها من جيوبنا ثم عرفنا أن هناك الملايين المخصصة لأنشطتنا دون أن نعرف عنها شيئا. علي الأعضاء الذين يشتركون في الجمعية الأهلية أن يضعوا أنفسهم في خدمة أهداف الجمعيات التي قامت من أجلها ويكون العمل تطوعيا ويمارسه من لديه استعداد لتقديم الخدمة للآخرين أما من يجدون في الانضمام إلي هذه الجمعيات وجاهة اجتماعية أو مكسبا ماديا أو معنويا فلابد من التخلص منهم مطلوب من الجمعيات عن طريق صندوق الاقتراع أن تظهر صفوفها المخادعون والمتسلقون لا وجود لهم في الفترة القادمة والمفروض أن نطردهم من هذه الجمعيات هذا العمل يقوم به أعضاء الجمعية العمومية دون تدخل جهة أخري في هذا الأمر ولكي يحدث هذا لابد من تغيير القانون المنظم للجمعيات بحيث يتماشي مع الروح الجديدة للثورة وأنا ضد أن تكون الجمعيات تابعة لوزارة الضمان الاجتماعي لابد من إعادة النظر في كيفية الإشراف فيشرف عليها الاتحاد الإقليمي للجمعيات أي أن تشرف علي الجمعيات جهة أهلية وليست حكومية لانريد من القيادي الجديد في هذه الجمعيات إلا أن يتشرب روح الثورة وأن تكون لديه القدرة علي خدمة الآخرين والتضحية من أجل الصالح العام وليس من أجل مصالح شخصية ضيقة. ويعبر القاص فرج مجاهد عن دهشته من تكرار الأسماء في معظم الجمعيات الأهلية ثمة أعضاء في مجالس إدارات اتحاد الكتاب ونادي القصة وجمعية الأدباء وأتيلييه القاهرة كلها أو اثنين منها والمفروض أن يتقدم الشخص لعضوية مجلس إدارة الجمعية الأقرب إلي نفسه وإلي اهتماماته بهدف إفادة زملائه من الأعضاء أما أن تتحول عضوية مجلس الإدارة إلي هدف دون نيبة للفعل الإيجابي في صالح الجماعة فهو ما أرفضه بشدة لأنه هو السبب في تقاعس هذه الجمعيات عن أداء دورها المطلوب خلال السنوات الماضية بصورة حقيقية الأخطر أن بعض المتطلعين للحصول علي المناصب القيادية في مجالس الإدارات يسعون إلي مكاسب مادية بحتة وعلي هؤلاء أن يتنحوا ليحل بدلا منهم من يسعي إلي خدمة الجماعة.