؟!!!كانت تمازح صديقتها وتسألها : هل تعرفين طريقة عمل عصير الشعب ؟ أجابتها : وماهو عصير الشعب ؟ وما مقاديره ؟ وما هى طريقة إعداده؟ ابتسمت متحسرة : هذا هو المشروب المفضل لكل من يتولى منصبا هاما ويجلس على الكرسي ....يتناوله بمجرد ما يغلق عليه باب مكتبه المكيف ليمده بالطاقة والمقدرة على الاستمرار في مكانه المهم...أما طريقة تحضيره فهى معروفة و لا تختلف من مسئول لآخر... وتتلخص في إحضار شعب مطحون ...ثم نخلطه مع كثير من البطالة و الفقر والجهل والمرض ، ونضيف إليه دستور مسلوق .... ونبيته من العشاء كل عشرة في غرفة مظلمة لا ترى شمسا ولا يدخلها هواء ، ونقطع عنه الكهرباء والماء بالساعات مع مراقبته جيدا كلما ارتفع ندكه دكا فنعيده إلى مكانه ...إلى أن نشعر بارتفاع ضغطه وزيادة سكره وانفجار مرارته و عند اكتمال تفاعله مع بعضه ...نقوم بتسويته على نار الأسعار ثم نرفع عنه الدعم ونزيد عليه الضرائب شيئا فشيئا ولما يستوي على الآخر، نضربه ونخلطه إما في حادث قطار أو انقلاب عربة أمن مركزي متهالكة أو تحطم سيارة ميكروباص مكتظة بالبشر تسير على طريق غير ممهد ...هنا يسيل القهر من شرايينه وتختلط أشلاؤه بذل السنين ...فينتج عصيرا مرا بمرارة الأيام التي عاشها تحت خط الفقر...يتجرعه كل من لم يقف في لهيب الشمس باحثا عن فرصة عمل أو لقمة عيش ، فتسلى حرارتها كرامته وآدميته ، ويشرب منه كل من لم يشعر ببرودة الشتاء القارصة وهى تجمد آماله وطموحاته وأحلامه، ولا بالمطر يغرق ما تبقى له من عافية في مستنقع المرض فيشرب الدواء بماء ملوث يقطع أمعاءه ... وفى النهاية يدفع فاتورة ألاعيب الكبار وتجارتهم في العقول والسلاح ، وجريهم وصراعهم على الكراسي والمناصب ، وهم يفرمون لحوم شعوبهم مع عظامهم ويخلطون دماءهم بحلاوة الانتقام وتصفية الحسابات ، ويشربون خلاصة ما تبقى منهم ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ...هذه هي الطريقة المتبعة في فرم وعصر أي شعب ، وإعداد عصير الشعب الذائب في دمائه...فما رأيك يا عزيزتي؟!!! بقلم / سحر فوزي / كاتبة وقاصة مصرية