بالرغم من القلاقل التي أحاطت بالأوبرا وتوقف العروض الا ان المايسترو صلاح غباشي حمل شعلة البداية وانتصر لرأي الحكماء ان الأوبرا يجب ألا تخفت أنوارها وقدم ليلة رائعة في مسرح الجمهورية احتفل فيها بذكري ميلاد الشيخ سيد مكاوي من خلال فرقة عبدالحليم نويرة واستطاع باختياره الجيد لفقرات البرنامج ان يعيد للأذهان ذكريات زمن الفن الجميل.. والموسيقار سيد مكاوي أحد عمالقة ملحني ومطربي الموسيقي العربية وآخر من حمل لقب شيخ الملحنين بعد زكريا أحمد وأحمد صدقي والمقصود باللقب الاسلوب المميز في الحفاظ علي القواعد الشرقية الاصيلة في التلحين. ولد عام 1926 بحي السيدة زينب في القاهرة وفقد بصره أثناء الطفولة مما دفع أسرته إلي تحفيظه القرآن الكريم فكان يقرأ القرآن ويؤذن للصلاة في الحي وما أن تماثل لسن الشباب حتي انطلق ينهل من تراث الانشاد الديني من خلال متابعته لكبار المقرئين والمنشدين آنذاك حيث كان في بدايته مهتماً بالغناء وتقدم للاذاعة المصرية في بداية الخمسينيات وتم اعتماده كمطرب حيث كان يؤدي أغاني تراث الموسيقي الشرقية علي الهواء مباشرة في مواعيد شهرية ثابتة وبعد نجاحه كلف بغناء ألحان خاصة وكانت أول أغانيه المسجلة بالاذاعة من ألحان صديقه المخلص والملحن الناشيء في هذا الوقت الفنان عبدالعظيم عبدالحق وفي منتصف الخمسينيات بدأت الاذاعة المصرية في التعامل معه كملحن الي جانب كونه مطربا وبدأت في إسناد الأغاني الدينية إليه حيث قدم للشيخ محمد الفيومي الكثير منها توجها بأسماء الله الحسني كما قدم أغاني شعبية خفيفة منها "آخر حلاوة". "يالا يا مسعدة نروح السيدة" وتوالت بعد ذلك ألحانه للاذاعة وتنوعت بين الوطنية والشعبية وكانت بداية شهرته من خلال لحن "مبروك عليك يا معجباني يا غالي" لشريفة فاضل واللحن الأشهر لمحمد عبدالمطلب "اسأل مرة عليّا" والذي دوي في جميع أنحاء مصر وسلط الضوء علي ذلك الملحن الناشيء والذي تتجلي عبقريته في شدة بساطته وعمق مصريته التي استمدها من المدرستين الموسيقيتين لكل من سيد درويش وزكريا أحمد وبدأ تهافت المطربين والمطربات عليه للحصول علي ألحانه التي نالت شهرة كبيرة كما لحن لكوكب الشرق أم كلثوم ووضع المقدمة الموسيقية للعديد من المسلسلات الاذاعية والتليفزيونية كما كان تعاونه مع الشاعر صلاح جاهين من أهم مراحل مشواره الفني. حصل سيد مكاوي علي وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولي. ووسام صدارة الفنون من الدرجة الأولي. كما حصل علي شهادات تقدير من جهات فنية عديدة. ورحل عن عالمنا في 21 ابريل عام 1997 تاركاً ارثاً فنياً يعد من علامات الموسيقي العربية ولهذا الاحتفال به وتخصيص حفلات لألحانه فكرة جيدة تعود بالفائدة علي الجمهور وعلي الفرق وخاصة عندما تكون هناك محاولة لاكتشاف أعماله التي لم تنل حظاً من الشهرة كما حدث في هذا الحفل حيث تضمن لحن "يابو زعزيعة" الذي تم تقديمه بتوزيع جماعي ونال استحسان الحاضرين وبشكل عام تميزت السهرة ببعض الألحان الجماعية التي تم فيها استثمار جيد للكورال تعويضا عن غياب دوره في الأغاني الفردية حيث كانت البداية مع اللحن الشهير "الأرض بتتكلم عربي". غنت سماح عباس أغنية صباح "أنا هنا يا بن الحلال" التي تتميز بتوزيع موسيقي وإيقاعات وجاءت مناسبة لصوت سماح ثم شدا إسلام سعيد بأغنية "حلوين من يومنا والله" وأدي محمود فوزي أغنية و"حياتك يا حبيبي" وغني تامر عبدالمنعم أغنية "ليلة إمبارح" ونجح الثلاثة في الأداء حيث جاءت الأغاني مناسبة لأصواتهم كما ان الثلاثة ذو خبرة وسبق لهم أداء هذه الأعمال. الجزء الختامي كان من نصيب الأصوات النسائية فامتعتنا أجفان بأغنية "لو تعرفوا" ثم شدت رحاب مطاوع بأغنية "أوقاتي بتحلو" "ويامسهرني" لتختتم هذه السهرة الجميلة والتي كانت بداية لعودة عروض الأوبرا بعد انقطاع والتي تستحق الشكرعليها جيهان مرسي المسئولة عن الموسيقي العربية في الأوبرا.