أكد الرئيس محمد مرسي أن جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع ملف مياه النيل موضحاً أن مصر لن تسمح أبداً بأن يهدد أمنها المائي. أضاف مرسي في كلمة أمام المؤتمر الشعبي الوطني للحفاظ علي موارد مصر المائية "ان نقصت مياه النيل.. فدماؤنا هي البديل". دعا الرئيس مرسي الجميع لمصالحة وطنية شاملة تنطلق من الرؤية الموحدة لملف النيل معرباً عن استعداده للذهاب للجميع من أجل مصلحة الوطن وهذا وقت الاصطفاف الحقيقي. وفيما يلي نص كلمة الرئيس مرسي أمام المؤتمر: أيها الإخوة والأخوات أبنائي وأشقائي يا شعب مصر العظيم.. شعب الحضارة الضاربة في أعماق التاريخ.. شعب الأصالة الذي أضاءت حضارته العالم القديم وتجلت إبداعاته وانجازاته علي مر العصور. قضية مصيرية أتحدث إليكم اليوم عن قضية مصيرية تتجاوز كل الاهتمامات وتعلو فوق كل الخلافات وتتخطي كل المصالح الشخصية والرؤي الفردية إنها قضية نهر النيل العظيم الذي ترتبط به حياة جميع المصريين وتتشابك حوله مصائر أبناء مصر كشعب واحد عظيم كما واجه من تحديات لكنه يخرج منها دائماً أبدا منتصراً. وما هو ماء.. ولكنه وريد الحياة وشريانها.. إن حضارة الشعب قامت ونمت علي ضفاف نهر عظيم مثَّل الحياة وشكل التاريخ وأصبح عنواناً لحاضر الأمة المصرية ومستقبلها. اسمحوا لي أن أتحدث إليكم اليوم ليس كرئيس للدولة المصرية فقط وإنما قبل ذلك كمواطن مصري مشغول كملايين المصريين بالتحديات التي فرضت علي بلادنا ولم نسع إليها يوماً لكنه الواقع الذي يتوجب علينا مواجهته وليس أمامنا من خيار إلا أن نجتازه بنجاح ولست أشك للحظة أننا سننجح فيه ثقة في الله سبحانه وتعالي ثم اعتماداً علي تلك الإرادة المصرية التي تقهر الصعاب. إن المشكلة التي نواجهها لم تكن وليدة اللحظة وإنما حصيلة تراكمات سابقة ليس مجال ذكرها الآن وفيما يلي أعرض علي حضراتكم عدداً من الحقائق ومن ثم أوجه عدداً من الرسائل الواضحة الجلية. تحركات مشتركة أولاً: إن التعرض لموضوع سد النهضة وتقييمه بشكل دقيق لا يمكن أن يتم بمعزل عن استعراض الاتصالات والتحركات التي قامت بها مصر مع الجانبين الإثيوبي والسوداني شريكنا في حوض النيل الشرقي علي مدار العامين الماضيين.. فمنذ شهر مايو 2011 شاركت مصر في اجتماعات ما يسمي بلجنة الخبراء الدولية والتي تم تشكيلها خصيصاً لدراسة وتقييم الآثار المحتملة لسد النهضة علي دولتي المصب "مصر والسودان". ثانياً: خلال تلك الفترة عقدت اللجنة ستة اجتماعات وأربع زيارات ميدانية إلي موقع المشروع ونجحت اللجنة في تجميع كل ما يتوفر لدي الجانب الأثيوبي من دراسات بشأن هذا السد وتبين أن الدراسات المتوفرة لا تتناسب مع مشروع بهذا الحجم وأنها لا تكفي للوقوف علي تقييم دقيق بشأن الآثار المحتملة لهذا السد علي حجم ونوعية المياه الواردة إلي مصر فضلاً عن تأثيراته البيئية والاجتماعية الأخري. ثالثاً: قام الجانب المصري بإعداد دراسات فنية موازية استعان فيها بخبراء دوليين متخصصين في مجالات السدود حيث برز وجود مؤشرات لآثار سلبية محتملة للسد إذا تم تشييده علي النحو المقترح من الجانب الأثيوبي. رابعاً: شهد العامان الماضيان تطوراً ملحوظاً في علاقات مصر مع دول حوض النيل وأثيوبيا علي وجه الخصوص تم ترجمتها في شكل زيارات رفيعة المستوي علي الجانبين لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وعدد كبير من الوزراء وزيادة ملحوظة في حجم التبادل التجاري وصلت إلي 50% مع دول حوض النيل وحجم استثمارات مصرية كبيرة في أثيوبيا وصلت إلي ما يزيد علي 2 مليار دولار. خامساً: عقب عودة الوفد المصري المشارك في اللجنة الثلاثية من أديس أبابا مباشرة التقيت مطولاً بهم ثم عقدت اجتماعاً للقوي الوطنية ثم لقاء المجلس الوزاري الطارئ يوم 3 يونيو الجاري وتقرر تشكيل لجنة قومية تضم الجهات الرسمية والشعبية والخبراء المختصين في هذا المجال طالعتم الرموز الوطنية المرشحة لها عبر وسائل الإعلام. كما انتهز هذه الفرصة لأوجه عدداً من الرسائل: * الرسالة الأولي: إلي الشعب المصري.. تدفعني مسئوليتي كرئيس للدولة المصرية وأحد مواطني هذا الشعب العظيم أن أصارحكم بكلمات واضحة لا لبس فيها عن أمن مصر المائي الذي يحظي باهتمام وأولوية مطلقة لدي كل مصري.. لا فرق هنا بين حكومة ومعارضة.. ولا رئيس ومواطن.. ولا قبطي ومسلم.. إن أمن مصر المائي لا يمكن تجاوزه أو المساس به وأنني كرئيس للدولة إذ أؤكد أن جميع الخيارات مفتوحة في التعامل مع هذا الملف.. إن عظمة الشعب المصري تكمن دائماً في وحدته ولحمته وقت المحن.. والوطن يحتاج ذلك منكم الآن فهل أنتم فاعلون؟.. يسعدني كثيراً ما أسمعه وأتلقاه منكم يومياً من مساهمات بالرأي والنصيحة في هذا الموقف.. ورغم اختلافي مع بعض الآراء إلا أنني أدعو الجميع لعدم البخل أو التباطؤ في تقديم المشورة التي تعكس مدي حب هذا الشعب لوطنه. * الرسالة الثانية: للقوي السياسية والوطنية إطلاق الحريات قيمة من قيم الثورة نحرص عليها نعم.. والاختلافات السياسية وتباين الرؤي ظاهرة صحية في ديمقراطية وليدة مازالت تتشكل.. نعم.. لكن إزاء التحديات الكبري التي تواجه الوطن وعلي رأسها ملف نهر النيل أدعوكم أن نتناسي جميعاً خلافاتنا الحزبية وصراعاتنا السياسية حماية لمصر وشعبها حتي يمكن أن نتخطي التحديات.. وبما يدفعني مرة أخري وقلت لكم إنني لن أيأس من الدعوة إلي مصالحة وطنية شاملة تنطلق من الرؤية الموحدة لهذا الملف هدفها الولاء المطلق والصادق لمصرنا الحبيبة دون شعارات أو مزايدات.. وإنني علي ثقة بأن هذا النداء سيجد صداه عند قيادات سياسية لا يزايد أحد علي انتمائها لهذا الوطن وحبها له.. وصولا لاستراتيجية موحدة بين القيادة والشعب لحماية التاريخ والحاضر والمستقبل. احترام متبادل * الرسالة الثالثة: إلي دول حوض النيل وخصوصا اثيوبيا.. سعت مصر ولاتزال تسعي إلي تأكيد الاحترام المتبادل وتوحيد العلاقات الأخوية مع الشعوب الافريقية الصديقة والشقيقة انطلاقا من مسئولية مصر التاريخية والحضارية تجاه قارة افريقيا التي نعتز بالانتماء إليها.. وتعظيما لخيار التعاون والتنمية التي تكفل الاستقرار والازدهار للجميع.. ارتكزت تلك المبادرة علي مبدأ أساسي وهو عدم الممانعة في إقامة أي مشروعات تنموية في دول حوض النيل علي ألا تؤثر تلك المشروعات أو تضر بالحقوق القانونية والتاريخية لمصر الحبيبة ولا لأي دولة في مياه النهر في إطار المصالح المشتركة ووحدة المصير التي تجمع شعوب تلك الدول في رابطة تأبي الصراعات وتنبذ الخلافات وتخرج عن المصالح الضيقة لكل طرف من الأطراف.. ولا نزال نأمل أن يلتزم الجميع بذلك. وختاما.. فأنا علي ثقة من أن الله سبحانه وتعالي موفق هذا الشعب المصري الكريم ومؤيده بما يستحق من تأييد.. وأن مشروع الثورة المباركة سيبلغ غايته التي طالما حلمنا بها جميعا برغم ما يواجهه من تحديات خارجية وداخلية لا تزيدنا إلا إصرارا علي أن نسعي مع المصريين جميعا قلبا واحدا ويدا واحدة.. لبناء غد أفضل. والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كان الرئيس مرسي قد شهد فعاليات المؤتمر الشعبي الوطني للحفاظ علي موارد مصر المائية الذي يعقد بقاعة خوفو بمركز المؤتمرات بمدينة نصر. بدأ المؤتمر بعزف السلام الوطني لجمهورية مصر العربية وسط تصفيق حاد من جموع الحاضرين.. ثم تلا القارئ محمد نعينع آيات من القرآن الكريم. حضر المؤتمر رئيس الوزراء هشام قنديل ورئيس مجلس الشوري أحمد فهمي ووزير الموارد المائية والري محمد بهاء الدين وعدد من الوزراء والمحافظين وأعضاء مجلس الشوري إضافة إلي ممثلين عن أحزاب سياسية ورموز العمل الوطني والنقابات المهنية والعمالية.