تتجه الأنظار إلي ساحل العاج أملاً في أن يرحل لوران جباجو الذي اتفقوا علي تسميته بالرئيس المنتهية ولايته. جباجو هذا مثل أي ديكتاتور قفز علي السلطة بانتخابات مزورة ورغم اعتراف العالم أجمع بفوز منافسه الحسن وتارا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. إلا أن صبيان جباجو شأنهم مثل غيرهم في الدول المطحونة. أعلنوا أن جباجو هو الفائز وظهر رئيس المحكمة الدستورية يعلن ببجاحة فوزه في الانتخابات واندلعت الحرب بين مؤيدي الحسن وتارا وجمعية منتفعي جباجو نصحه زعماء دول العالم بالرحيل وترك السلطة للفائز حسن وتارا إلا أنه أبي واستعصي وأطلقت قواته نيرانها ضد معارضيه والذين وصفهم أيضا "بالقلة المندسة" ويبدو أن نهاية الديكتاتوريات في العالم ستكون علي أيدي القلة المندسة في كل مكان. جباجو حتي لا أطيق عليك في النزع الأخير وليس أمامه سوي الرحيل وفرنسا التي كانت من أشد مؤيديه ضحت به أمام مطالب الشعب وصرح ألن جوبيه وزير خارجية فرنسا بأن الجميع تخلوا عنه في إشارة أن فرنسا ليست وحدها التي تحاول غسل أياديها من مجازره. وعندما تقدم الثوار إلي قصره اختبأ أسفل القصر الرئاسي شأنه أيضا مثل غيره من الرؤساء الملفوظين شعبياً معلناً أنه "يحب الحياة ولا يصبو للموت" هو الذي قتل عشرات المئات من شعبه المطحون. نهاية جباجو لا تختلف كثيرا عن نهايات الطغاة أمثاله ولكنها أكثر دراماتيكية.. الطلب الوحيد الآن ضمان سلامة الجسدية وسلامته عائلته وهو الذي لم يراع سلامة وطنه أو أمن شعبه المعدم عشرين مليون فرد هم تقريباً تعداد ساحل العاج يعيش ربعهم تحت ما يسمي بخط الفقر الدولي ولا يزيد دخل الفرد عن دولار وربع يومياً ويعمل أغلبهم في مزارع القهوة والكاكاو في ظروف أشبه بأوضاع العبيد بينما يرفل جباجو في ثراء فاحش هو وأسرته وصبيانه وصبيان صبيانه يحكي عن طائرة كل صباح القادمة من باريس محملة بالخبز الفرنسي والألبان ومياه بيير وايفان المعدنية ويبدو أن هذه الطائرة لم تكن الوحيدة التي تهبط في أبيدجان. بل كان هناك سرب من الطائرات محملاً بنفس البضائع تهبط في كل عاصمة يحكمها ديكتاتور ويعيش فيها شعب جائع. سيرحل جباجو مثل غيره إلا أنه مصر علي استنزاف شعبه وقتل الأمل فيه ورغم أنه أكد في آخر تصريح له حبة للحياة.. وأنه ليس انتحاريا مما يعني أنه سيرحل سيرحل إلا أن أغلبهم يبحث عن الرحيل بكرامة.. الكرامة التي حاول جباجو وأمثاله نزعها من شعوبهم.. يتمسكون بالحياة وحب الحياة وقتلوا من قتلوا وعذبوا من عذبوا كل مطالب باحترام كرامته.