أثار الخبر الذي تداولته المواقع الالكترونية حول توقيع إسرائيل اتفاقية مع الصين لإنشاء قطار لنقل البضائع الدولية كبديل لقناة السويس مخاوف كبيرة لدي الشعب المصري من تأثر ذلك علي قناة السويس التي تعد أحد الموارد الأساسية للدخل القومي. استطلعت "المساء" آراء عدد من أساتذة وخبراء السياسة والإقتصاد في مصر للوقوف علي صحة الخبر. قالت أميرة الشنواني خبيرة العلاقات السياسية الدولية والإستراتيجية وعضو مجلس إدارة المجلس المصري للشئون الخارجية: تسعي إسرائيل دائماً لاستغلال انشغال مصر بأي حدث لتحقيق مطامعها.. وبالتالي ليس غريبا أن تستغل إسرائيل أحداث ثورة 25 يناير لعقد اتفاقية الصين لإقامة قطار لنقل البضائع الدولية ليكون بديلاً عن قناة السويس. تساءلت: من أين سيبدأ هذا القطار؟ هل سيكون من ميناء إيلات علي خليج العقبة؟ وأين سينتهي؟ ومن ثم فإن هذا المشروع مازال غير واضح المعالم وتفاصيله غير معروفة حتي يمكن الحكم علي مدي إمكانية تنفيذه لكنني اعتقد ان المشروع إذا تم تنفيذه لن يحل محل قناة السويس. اوضحت أن أي قطار مهما كانت سعته وكفاءته لا يستطيع أن يكون بديلاً لممر مائي تعبره ناقلات عملاقة محملة بالبترول وغيره من البضائع. اكدت علي ضرورة التحرك السريع للوصول إلي حل لها ولا ننتظر الكارثة كما في ملف حوض النيل حيث يجب بذل جهود دبلوماسية للتفاوض مع الصين للحيلولة دون تنفيذ المشروع إذا تبين حقا أنه سيضر بقناة السويس وإيراداتها التي تعتبر أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري.. والخارجية المصرية يجب أن تستغل أن لمصر التي تعد أول دولة عربية أقامت معها علاقات دبلوماسية في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي فضلاً عن أن مصر تكاد تكون أكبر سوق للمنتجات الصينية في المنطقة العربية مما سيساعد الدبلوماسية المصرية في الضغط علي الصين لوقف تنفيذ المشروع الإسرائيلي. قالت د. عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: من أهمية هذه الاتفاقية وخطورتها علي مصر بالرغم من ثقتها في أن إسرائيل ستمضي قدماً في تنفيذ الاتفاقية.. وقالت: القطار سيمتد من خليج العقبة حتي البحر المتوسط مما يعني أن البضائع التي سينقلها من ميناء البحر الأحمر لميناء العقبة ثم تنقل لميناء البحر المتوسط كي تقلها سفن أخري إلي دول أوروبا وبالتالي ستكون تكلفة النقل بهذه الطريقة باهظة للغاية مقارنة بتكاليف النقل عبر قناة السويس. اقترحت انشاء قطار مواز لقناة السويس في مصر يمتد من السويس حتي بورسعيد لإصابة الاتفاقية الإسرائيلية الصينية في مقتل خاصة أن القطار المصري سيكون بديلاً أفضل لأن المسافة بين السويس وبورسعيد ستكون أقل من المسافة بين خليج العقبة والبحر المتوسط والتي سيقطعها القطار الإسرائيلي كما أن الأراضي المصرية ممهدة وليس بها أية معوقات طبيعية. اتفق معها في الرأي صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة حيث قال: مهما بلغ التقدم التكنولوجي في إيجاد بديل لقناة السويس ستظل هناك حاجة ملحة لهذا المعبر الملاحي الذي يسمح بنقل كميات كبيرة من البضائع في سفن عملاقة خاصة مشتقات البترول التي تحتاج لسرعة توصيلها لنقاط التكرير تمهيداً لتصديرها لدول العالم أما القطار فحتماً ستعوقه مناطق ملاحية ونهريه وجبلية لكن من الوارد أن يحدث تكامل بين الوسيلتين لكن من المستحيل أن تلغي احداهما الأخري خاصة أن مجري قناة السويس يتوسط مناطق العالم وبين البحرين الأبيض والأحمر أما القطار الذي تعتزم إسرائيل انشاؤه سيخدم منطقة أو اقليم جغرافي معين كما أنه لن يصلح سوي لنقل البضائع الخفيفة. أشار إلي أن عنصر التكلفة سيقف عائقاً لاتمام المشروع بالإضافة إلي تكلفة النقل بقطار يمر بمناطق عديدة سيخلق مشكلات إدارية وجمركية واقتصادية أما المجري الملاحي فتنتقل من خلاله السفن من منطقة إلي أخري بمجرد حصولها علي ارشادات توجيهية. قال د. مصطفي علوي أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: القطار لن يكون بديلاً مناسباً لقناة السويس لأنه لن يستطيع نقل الحمولات الضخمة كما أن البضائع سيتم نقلها إلي خليج العقبة وتفريغها ليعاد شحنها من جديد بالقطار. طالب هيئة القناة بضرورة توسيع مجري القناة كي يكون قادراً علي استيعاب المزيد من السفن العملاقة..أضاف: إذا تم تنفيذ المشروع الإسرائيلي سيؤثر في البداية سلبياً علي إيرادات قناة السويس لكن فيما بعد سيتضح لكل دول العالم أن الوسيلة لا ترقي لمنافسة قناة السويس. رأي حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا أن الاتفاقية سيكون لها تأثير سلبي علي قناة السويس لأن المنافس الجديد سيقتطع من إيرادات قناة السويس مما سيؤدي إلي نقص إيرادات النقد الأجنبي الذي سيدخل خزانة البلاد ومن ثم انخفاض احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي وقيمة العملة المحلية مقابل الأجنبية لذلك لابد أن تعيد هيئة قناة السويس من الآن النظر في سياسات الملاحية بالنسبة للرسوم التي ستتقاضاها ووضع سياسات سعرية تنافس المشروع الإسرائيلي القادم.