وتبقي الصحافة رسالة قبل أن تكون شطارة مهنية.. نعم الابداع في المهنة مطلوب لجذب القراء وزيادة التوزيع والمنافسة بقوة في السوق الصحفية.. ولكن يجب أن يظل هذا الإبداع محاطا بسياج من القيم والمبادئ الاخلاقية التي تعارف عليها المجتمع. وطبقا لميثاق الشرف الصحفي. والصحيفة التي تلتزم بهذه القيم والمبادئ تظل صاحبة تاريخ ناصع. لأنها لا تنجرف وراء الإثارة وأساليب التهييج وتضع شعارا قويا من المحاذير حتي لا تقع في شباك التلصص علي الحياة الشخصية للناس. ولا تختلق الأكاذيب للإساءة إلي هذا أو ذاك. وفي تقرير تقييم الأداء الصحفي للصحف المصرية الذي قامت به لجنة مستقلة شكلها المجلس الأعلي للصحافة عن الفترة من 20 يناير حتي 12 فبراير من العام الحالي 2013 ثبت أن الصحف القومية الثلاث الجمهورية والأهرام والأخبار جاءت في مقدمة 18 صحيفة شملها التقييم باعتبارها الأكثر التزاما بالمعايير المهنية والأخلاقية في العمل الصحفي وأقلها انتهاكا لهذه المعايير. وعندما نتعرض للصحف القومية ونقارن بين وضعها قبل الثورة وبعدها لا نحتاج إلي التدليل علي أنها كانت قبل الثورة مرتمية في أحضان النظام الحاكم بصورة واضحة لا لبس فيها. ولم تكن هذه الصحف - قيادة ومحررين - تجرؤ علي المساس ولو بنقد بناء لرئيس الدولة علي عكس ما هو قائم حاليا.. لكن كانت تترك لها الفرصة لانتقاد وزير أو مسئول وفي حدود معينة لا تتجاوزها.. في الوقت الذي لم يكن للمعارضة فيها أي صوت. أما بعد الثورة فقد خرجت هذه الصحف من هذه الشرنقة إلي حد ما.. وأكرر: إلي حد ما. فهي وإن كانت قد فتحت صفحاتها كنافذة للمعارضة وعرض الرأي والرأي الآخر إلا أن كفة الميزان مازالت تميل نحو النظام ولو قليلا.. لكن في كل الأحوال اختلف الوضع كثيرا عن ذي قبل وأصبحنا نقرأ مقالات معارضة في الجمهورية والمساء والأهرام والأخبار.. كما نقرأ حوارات لرجال الموالاة في نفس الصفحة التي نقرأ فيها حوارا مع رجال المعارضة. وإذا كان هناك من نقد يوجه إلي لجنة تقييم الأداء الصحفي فهو تجاهلها للصحف المسائية وقصر تقييمها علي الصحف الصباحية.. وهذا خلل كبير في أداء اللجنة لأن للصحف المسائية قراء بمئات الآلاف لا يمكن إغفال حقهم في معرفة أداء الصحف التي يفضلونها. ولو كانت هذه اللجنة أنصفت الصحف المسائية لجاءت صحيفة "المساء" العريقة التي صدر أول عدد منها في 6 أكتوبر عام 1956 في مقدمة الصحف الملتزمة بالمعايير المهنية مع الجمهورية والأهرام والأخبار. نحن أبناء مؤسسة دار التحرير سعداء بتفوق جريدة "الجمهورية" وحرصها علي القيم الأخلاقية والمهنية في أدائها المميز تحت قيادة الزميل الكاتب الصحفي الأستاذ السيد البابلي. ألف مبروك يا أستاذ السيد.. ونحن في انتظار المزيد من التفوق الصحفي والالتزام المهني والأخلاقي.