عندما رحل الدكتور حسين علي محمد أرض السعودية وأقيم مأتمه بمسقط رأسه ديرب نجم. تنبأ صديقه الدكتور أحمد زلط. مستشعرًا قرب النهاية. قائلاً: إن الدور قادم علينا نحن أبناء هذا الجيل. وكان يقصد. يا للدهشة. جيلا لم يتجاوز الستين إلا قليلاً. جيلاً قدم عصابة روحه للوطن ويموت في ربيع العمر. الجيل الذي نشأ وتربي في أحضان ثورة يوليو 1952. أبناء الفلاحين الفقراء الذي تعلموا في مدارس وجامعات عبدالناصر. والذين خرجوا للحياة العامة محتشدين برغبات قوية مؤمنة في المشاركة والتغيير. ولم يكن غريبا أن يكون أحمد زلط الحاصل لعي دبلوم تجارة "كاتب الحسابات" هو نفسه الحاصل علي الدكتوراة والأكاديمي المرموق المتدرج في سلك القيادات الجامعية حتي درجة العميد.. لم يمض وقت طويل علي نبوءته بمأتم صديقه حتي رحل عن عالمنا في صمت يوم الأربعاء أول مايو 2013. حتي أننا أصدقاده وزملاءه وتلاميذه ومحبيه. لم نعرف بخبر وفاته إلا مصادفة. ولم يتسن لنا المشاركة في جنازته ووداعه بقريته شنبارة الميمونة. ظل أحمد زلط رجلا قرويا بامتياز. وهو يخبيء تحت جلده الفلاح الشرقاوي القح ابن شنبارة وهو يتنقل بين المدن في مصر وخارجها مرتادا الجامعات والجمعيات والمنتديات والصالونات. يكتب وينشر ويحاضر ويشارك ثم يعود لأحضان قريته وداره الريفية بالشارع الذي يحمل اسمه منذ زمن بعيد. لهذا كثيرا ما كنت أحتار وأنا أهاتفه هل هو في الإسماعيلية أو الزقازيق أو القاهرة أو بورسعيد أو السعودية. وعندما يصافح مسمعي صوته المطمئن أعرف أنه في داره وقريته. دعاني في مرة لأقدم ندوة لمناقشة كتاب له بمعرض الكتاب منذ سنوات. وذهبنا في الموعد. وقابلنا المناقش الدكتور يوسف نوفل بالمقهي الثقافي وفوجئت الدكتور زلط ينحني علي يده مقبلا وعندما لاحظ ذهشتي قال عني مسمع منه: إنه أستاذه ومعلمه الذي يدين له بالفضل هكذا كان دائما مع أساتذته ومعلميه وأصدقائه. يتعامل معهم بروح الفلاح الذي يعرف قيمة الكبير وقدره. ولهذا لم يكن مستغربا أن يشارك في إعداد أول مؤتمر عن صديقه د.حسين علي محمد أقامته سلسلة أصوات معاصرة "وهو أحد مؤسسيها". يترأس المؤتمر وينفق عليه من جيبه الخاص. قدم د.أحمد زلط للمكتبة العربية علي مدي أكثر من أربعين عاما عددًا كبيرًا من المؤلفات 6 مجموعات قصصية. و18 مؤلفا في الأدب والنقد و14 في الطفل و2 في علم الاجتماع الأدبي وواحد في التحقيق وواحد في المسرح. وترك أيضًا عددًا كبيرًا من الكاتب التي لم تنشر بعد. كثير من مؤلفاته كانت بمثابة المراجع لكثير من الباحثين في مصر والعالم العربي.