لا يستطيع أحد سواء كان في سلطة أو خارج السلطة السيطرة علي الاعلام مهما كانت قوته فقد ولي عصر فرض الوصاية علي الإعلام وباتت هذه الرؤي شيئا من الماضي وتم تخطيها بفعل ثورة الشباب وثورة وسائل الاتصال نفسها التي جعلت من العالم كله دولاباً صغيراً وصفحة علي شاشة كمبيوتر. * في اعتقادي ان كل الإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد برامج تليفزيونية أو محطات فضائية لن تكون مجدية ولن تستطيع تكميم الافواه أو طرف العيون ومن الأفضل عدم الدخول في معارك خاسرة من طرف أقوي هو الاعلام يمتلك بدلا من الوسيلة مائة وسيلة يطل منها ويصل إلي الناس من خلالها. * لا يستطيع أحد الآن ان يوقف برنامجاً أو يغلق محطة تليفزيون ليس خوفا من ثورة الناس وانقلاب العالم ضده ولكن لأن البرنامج الذي سيوقفه من نافذة سيطل عليه بشكل أكثر شراسة وأكثر حدة وأكثر شعبية علي نافذة أخري لا يستطيع أن يمسها أو يطولها بيديه أو قوانينه. * بالعقل كدة.. لو استطاع أحد أياً ان كان الحصول علي حكم ما بوقف برنامج ما لسبب أو لآخر أليس من السهل ان يتم تقديم ذات البرنامج علي منفذ في الشبكة العنكبوتية أو يبثه عبر قناة تابعة لقمر صناعي خارج الحدود ليصل به بسهولة إلي قلب الحدود ولن تصل إليه أي قوانين أو أحكام. * اعتقد ان أهم ميزة عندنا الآن في مصر ان المعارضة داخل الوطن تتحدث بحرية وتهاجم بجرأة وتتهكم كما يحلو لها وتوجه انتقادات لاذعة ولطمات قوية وكل هذا في حد ذاته يعد نموذجا رائعا لمصر الحديثة مصر ما بعد ثورة يناير التي كان شعارها ارفع راسك فوق انت مصري.. وكان من الأصح ان تتباهي السلطة الجديدة بهذه المساحة الكبيرة من الحرية التي قد يحسدنا عليها البعض ويمكن اعتبارها انجازا من انجازات الثورة التي لم تحقق انجازا حقيقيا حتي الآن. * لكن عندما تضيق بها الصدور ويزداد الغضب نحوها ويتحول ذلك إلي محاولات للتخلص منها فلن يصب ذلك إلا في خانة واحدة لن تكون ابدا في صالح الغاضبين أو ضيقي الصدر. * من يريد أن يحكم فعليه ان يفعل ذلك وعليه ايضا ان يتحمل الصوت المعارض ويحسب له ألف حساب فلن يتكرر نموذج المعارضة المستأنسة في الأحزاب الكرتونية.. لن تكون المعارضة مجرد ديكور ولكنها فعل ينغص النوم علي الكراسي ويبقي عين الحاكم مفتوحة متطلعة إلي صالح هذا الوطن.