حدود الله كلمة خطيرة وكبيرة لا يصح أن يتحدث عنها أو يطبقها كل من "هب ودب" فيشوه صورة الاسلام ويلصق به تهما باطلة بالعنف وحب سفك الدماء وهو الدين السمح الوسطي الذي أوصي باللين والرفق في كل الأمور. فقد أصابنا جميعا الذهول ممن أوكلوا لأنفسهم مهمة القصاص من البلطجية والمجرمين فيعذبونهم بالضرب والحرق والسحل ثم يمثلون بجثثهم ويدعون انهم يطبقون حدود الله. الأغرب ان الاعلام المرئي أو المقروء عندما يعرض تلك الحوادث البشعة تحت عنوان أهالي كذا يطبقون حد الحرابة علي البلطجية.. والحقيقة انه بريء منهم لأن الحدود عامة لا تطبق إلا علي يد الحاكم وبعد أن تستوفي كل الشروط الصارمة التي وضعت لها وهذا الحد بالذات بحثت في أمهات الكتب عن المواقف التي طبقه فيها رسولنا القدوة صلي الله عليه وسلم فلم أجد سوي حديث واحد في صحيح البخاري حيث طبقه صلي الله عليه وسلم علي مجموعة كانت قد مرضت ووصف لها لبن الإبل فبعثهم الرسول صلي الله عليه وسلم لراعي ابل الصدقات فسقاهم منها حتي شفاهم الله فقتلوه بعد أن فقأوا عينيه ثم سرقوا الابل فطبق عليهم الرسول صلي الله عليه وسلم هذا الحد ليكونوا عبرة لغيرهم. قد تكون هناك مواقف وأحاديث أخري ولكنها ستكون نادرة بدليل اننا لم نسمع عنها من العلماء والدعاة الحقيقيين. والحرابة بكسر الحاء لمن لا يعرفها هي قطع الطريق للسرقة والنهب وسفك الدماء وتكون بخروج جماعة مسلحة لهذا الغرض وكانت منتشرة بشبه الجزيرة العربية حتي جاء الاسلام وحد منها كثيرا وتحدث عنها القرآن الكريم في الآية 33 من سورة المائدة "انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض" فيكون التطبيق بترتيب الآية الكريمة حسب نوع الجريمة وعددها ولكن ما يحدث الآن سيفتح المجال لصور جديدة للبلطجة ويجعل مظاهر العنف والدم والأخذ بالثأر عادية وسيعود بنا لقانون الغابة لذا علينا أن نستنفر الجهود لوأد هذه الظاهرة في مهدها حيث مازالت حوادث فردية ولن يتم مواجهتها إلا بتضافر جهود علماء الدين والنفس والاجتماع فضلا عن المسئولين.