طالب الدكتور نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية القادة العرب خلال اجتماعهم اليوم على مستوى القمة العربية بالدوحة بإجراء عملية مراجعة شاملة لميثاق جامعة الدول العربية، والذي تمت صياغته عند نهاية الحرب العالمية الثانية، في ظروف دولية وإقليمية لم تعد قائمة، بحيث تمكنّ الجامعة من الاضطلاع بوظائفها التي تمليها عليها تحديات العصر بظروفه الدولية والإقليمية الحالية. ويجب أن تشمل هذه المراجعة أولويات العمل العربي المشترك وقواعده، والتعديلات الخاصة بعمل هيئات ومجالس الجامعة، ودعم دور الأمين العام، ودوره في تنشيط العمل العربي المشترك، والنص على آلية دورية لمراجعة وتطوير الميثاق وقال فى كلمته امام القمة "شهدت المنطقة العربية منذ قمة الدوحة الماضية عام 2009 تغيرات هامة في عدد من الدول العربية، تحمل أبعاداً وتداعيات بالغة الأثر على مجمل الأوضاع في المنطقة العربية حاضراً ومستقبلاً. ولقد استطاع البعض من بلدان "ثورات الربيع العربي" البدء في السير قدماً بخطوات وإن كانت تبدو متعثرة أحياناً، إلا أنها وبكل تأكيد خطوات واثقة بقدرتها على تحقيق تطلعات شعوبها في الإصلاح الشامل والتغيير الديمقراطي السلمي، والنهوض بأعباء بناء مؤسسات الدولة القادرة على ضمان الحريات الأساسية والحقوق المتساوية واحترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد لمواطنيها، وهذا يفرض على الجامعة العربية مسؤوليات كبرى تجاه توفير كل أشكال الدعم والمساندة الفعالة لعملية التغيير الجارية في تلك الدول لمساعدتها على تجاوز أعباء هذه المرحلة الانتقالية في أقصر وقت ممكن، وبأقل قدر من الخسائر أو التكلفة الاقتصادية، وهنا أود التأكيد على أن أمن واستقرار أية دولة من الدول العربية يمس مباشرة مستقبل أمن واستقرار جميع الدول العربية والمنطقة برمتها. وشدد على ضرورة قيام جامعة الدول العربية بأدوارٍ ايجابية غير تقليدية في مساعدة الدول العربية المعنية على انجاز خطوات المرحلة الانتقالية، وهذا الدور يندرج في صلب اختصاصات الجامعة ومسؤولياتها تجاه الدول الأعضاء، فقد نص ميثاق الجامعة عليه في الفقرة الثانية، وأقتبس: "الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفةٍ عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها". واكد العربي ان الجامعة العربية حريصة كل الحرص على مواصلة دعم مسيرة إعادة البناء الجارية في العديد من الدول العربية تحقيقاً لتطلعات شعوبها في الحرية والتغيير الديمقراطي، وفي هذا الإطار، أُحيي شعب تونس على ما حققه من انجازاتٍ على طريق البناء الديمقراطي، رغم ما يلوح من صعوبات أو توترات أو عقبات، كما هو الحال أيضاً في جمهورية مصر العربية التي تستعد لإجراء انتخابات برلمانية نأمل أن يتم التوافق حولها وتُكلل بالنجاح، وأن تتمكن مصر من اجتياز الصعوبات والمشاكل التي تواجهها في أقرب فرصة وأدعو الجميع إلى المساهمة في توفير الدعم المطلوب، وكذلك أُرحب بانطلاق الحوار الوطني اليمنى الشامل الذي نتطلع أن يُحقق مبتغاه في تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، وأيضاً أُحيي دولة ليبيا التي نجحت ولأول مرة في إجراء انتخابات ديمقراطية للمؤتمر الوطني العام وتشكيل حكومة انتقالية لإدارة أعباء المرحلة الراهنة وفي مقدمتها استعادة الأمن والاستقرار وإعداد دستور جديد للبلاد. كما تواصل الجامعة العربية وبالتعاون مع دولة قطر والاتحاد الافريقي، جهودها لدعم مسيرة تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية السودان، وفي هذا فإنني أدعو الدول الأعضاء إلى المشاركة الفعالة وتقديم تعهدات مالية مقدرة لمؤتمر المانحين الدوليين لإعادة الأعمار والبناء في دارفور والمقرر عقده يومي 7-8 من الشهر القادم في الدوحة، كما أن دعم العملية السياسية والتنموية الجارية في جزر القمر تستحق منا كل التحية، وأقدر النجاح الذي تحقق مؤخراً في الصومال على صعيد إتمام تنفيذ خطوات المرحلة الانتقالية وانتخاب برلمان ورئيس جديد للبلاد، وعلينا واجب توفير الدعم والرعاية لمسيرة إعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة في الصومال. اشار الى ان الجامعة العربية تواصل دعمها لدولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي وعادل لقضية الجزر الإماراتية الثلاثة المحتلة عن طريق المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، كما تدعو الجامعة العربية الحكومة الإيرانية إلى التجاوب مع هذا المطلب العربي الذي يتفق مع الشرعية الدولية من أجل بناء الثقة وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال العربي انه يخطئ من يتصور أن مكانة القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بمختلف أبعاده قد تراجعت على جدول الأولويات العربية. وأود التأكيد في هذا الصدد على أن جوهر الصراع في المنطقة كان وسيظل دائماً يتمحور حول إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، ولابد للعمل الدبلوماسي العربي من مضاعفة جهوده على الساحة الدولية للتأكيد على تلك الأولوية، إذ لم يعد من المقبول الانخراط في مسار مفاوضات عقيمة، أو القبول بمبادرات تفاوضية تتعامل مع قضايا فرعية وجزئية لتضييع الوقت وتكريس الاستيطان والاحتلال، دون أن تتعامل بجدية مع جوهر وأساس هذا الصراع وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما أكدت عليه المرجعيات المتفق عليها لأسس تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن 242 و338 والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة، فبدون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة داخل حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية لن تنعم هذه المنطقة بأي سلام أو امن أو استقرار. لقد أطلق الجانب العربي في قمة بيروت عام 2002 مبادرة السلام العربية التي لم تجد حتى الآن آذاناً صاغية من الجانب الإسرائيلي، بل تمادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في عمليات الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وكذلك في حصارها غير المشروع لقطاع غزة، وتواصل إسرائيل فرض منطقها في إدارة الصراع وذلك بالتزامن مع إقدامها على اتخاذ خطوات أحادية الجانب لفرض الوقائع الجغرافية والديمغرافية على الأراضي الفلسطينية لتدمير حل الدولتين، حتى أصبح البعض يطالب الجانب العربي بالاعتراف بها كوقائع لا يمكن تجاهلها، وكأن المطلوب من الجانب العربي والفلسطيني أن يعترف دائماً بما تفرضه إسرائيل على الأرض وأن يتنازل عن حقوقه التاريخية المشروعة. واشاد بالانجاز التاريخي الهام الذي حققته دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر نوفمبر الماضي حيث تم الاعتراف، وبتأييد من أغلبية الدول الأعضاء، بدولة فلسطين كدولة مراقبة غير عضو في الأممالمتحدة، وهذا الانجاز لابد من البناء عليه لتأكيد الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة مكتملة المقومات واقعة تحت الاحتلال. واعرب عن امله فى ان يسلك التحرك الجديد للإدارة الأمريكية في المنطقة مساراً جديداً مختلفاً عما شهدناه من تحركاتٍ غير مُجدية طوال السنوات الماضية كما قرر وزراء الخارجية العرب في 17/11/2002، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة اليقظة من خطر الوقوع مجدداً في نفس أخطاء الماضي، والتمسك بالموقف العربي الداعي إلى بلورة آليات ومنهجية جديدة للمفاوضات تحت الإشراف المباشر لمجلس الأمن، وذلك للانتقال من "إدارة الصراع" إلى "إنهاء الصراع"، وذلك في إطار زمني محدد ومُلزم. واكد العربي على ضرورة انجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية وتنفيذ الاتفاقات والتفاهمات التي تم التوقيع عليها في القاهرةوالدوحة، لاستعادة وحدة القرار الوطني الفلسطيني ووحدة مؤسسات الدولة الفلسطينية المنشودة، وعلى الجامعة العربية ودولها رعاية تحقيق هذه المصالحة، وعليها مسؤولية الالتزام بتوفير ما قررته القمة العربية من التزامات مالية لدعم دولة فلسطين وصمود الشعب الفلسطينيوالقدس، وذلك من خلال توفير شبكة الأمان المالية العربية التي تم الالتزام بتوفيرها في القمة العربية السابقة في بغداد، وفي هذا الصدد أؤيد وبقوة الاقتراح الذي تقدم به صاحب سمو أمير دولة قطر بعقد قمة مصغرة للإشراف المباشر على تحقيق المصالحة وكذلك مبادرته بإنشاء صندوق خاص لدعم صمود القدس ولتمكين الاقتصاد الفلسطيني. وفيما يتعلق بالازمة السورية قال العربي "كلنا يدرك التداعيات الخطيرة الناجمة عن استمرار الأزمة السورية الدامية، بل المأساة الإنسانية القاسية التي يعيشها الشعب السوري، فاستمرار هذا الجرح النازف في الجسد السوري شعباً ومؤسسات وفي الجسد العربي أيضاً يهدد بأخطار جسيمة تطال مستقبل هذا البلد الشقيق وأمنه واستقراره، كما تطال تداعياتها بلا شك أمن واستقرار الدول المجاورة والمنطقة بأسرها. وقال " لقد وقفت جامعة الدول العربية إلى جانب انتفاضة الشعب السوري السلمية منذ انطلاقها، وحاولت الجامعة طوال الفترة الماضية طرح العديد من المبادرات، إلا أن كل تلك المبادرات فشلت في إقرار التسوية السياسية المنشودة، ويتحمل النظام السوري المسؤولية الأولى عن تفاقم هذه الأزمة وبلوغها هذا المنحى الخطير بسبب إصراره على اعتماد الحل العسكري الذي بلغ مداه في استخدام الأسلحة الثقيلة من طائراتٍ ومدافع وصواريخ ضد أبناء شعبه من المواطنين السوريين الأبرياء. وحمل مجلس الامن مسئولية الاخفاق في فرض الحل السياسي للأزمة لعجزه عن اتخاذ القرار اللازم لوقف نزيف الدم، ومن هنا فإنني أدعو مجدداً إلى توفير كل الدعم لجهود السيد الأخضر الإبراهيمي الممثل المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية لتمكينه من مواصلة جهوده في التوصل إلى تحقيق التوافق الدولي والإقليمي حول عناصر خطة الحل التي جرى وضع أُسسها في اجتماع مجموعة العمل الدولية في يونيو الماضي في جنيف. واشار الى انه بالرغم من حالة الاستعصاء على الحل، فإن خيار التسوية السياسية للأزمة السورية هو الخيار الذي يجب التمسك به، كما أن أية خطوات باتجاه الحل السياسي لابد وأن تحظى بالأولوية في جهودنا، وفي هذا السياق لابد من المحافظة على وحدة المعارضة السورية المجتمعة اليوم تحت مظلة الائتلاف الوطني السوري، كما أكد على ذلك مجلس الجامعة الوزاري في اجتماعه يوم 6 مارس الجاري بالقاهرة، والذي اعتبر هذا الائتلاف الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري ولتطلعاته المشروعة في الحرية والتغيير الديمقراطي والتمسك بوحدة سورية أرضاً وشعباً وبالحقوق المتساوية لجميع المواطنين السوريين على اختلاف مكوناتهم الاجتماعية وانتماءاتهم السياسية. ورحب باسم جامعة الدول العربية بالشيخ أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي انضم إلى اجتماع القمة اليوم بصفته ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري بعد نجاح الائتلاف في تشكيل الحكومة المؤقتة التي نتمنى لرئيسها غسان هيتو التوفيق في مهامه الصعبة خلال هذه الفترة الانتقالية الحاسمة من تاريخ سوريا. ومن جهةٍ أخرى تواصل الجامعة ومؤسساتها المعنية جهودها من أجل المساهمة في توفير المساعدات الإنسانية والاغاثية للشعب السوري والنازحين منه داخل سورية وفي دول الجوار، ونظراً لخطورة الموقف فإن على الدول العربية القادرة مسؤوليات كبرى في مجال تقديم العون والمساعدات اللازمة لتمويل الأنشطة الاغاثية الضرورية والعاجلة للشعب السوري. وأودُ في هذا السياق التنويه بالتعهدات التي أعلنت عنها الدول العربية في مؤتمر المانحين في دولة الكويت والذي انعقد في شهر يناير الماضي تحت رعاية صاحب السمو أمير دولة الكويت. قال "إن ما تشهده المنطقة العربية من حراك ومتغيرات عميقة الأثر يتطلب مزيداً من الاهتمام بالموضوعات الاجتماعية والتنموية، فالفقر والبطالة والتهميش والإقصاء والتعليم والصحة وتمكين المرأة والشباب، هي من بين الأسباب التي تجعلني أؤكد على ضرورة ايلاء مزيد من الاهتمام بل إعطاء أولوية متقدمة للعمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي في إطار منظومة جامعة الدول العربية وبالتعاون مع كافة الشركاء، وفي مقدمتهم منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والأممالمتحدة وغيرهم من الشركاء الدوليين والإقليميين الفاعلين، ولقد جاء انعقاد القمة التنموية العربية في الرياض في شهر يناير الماضي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لتُرسخ آلية الانعقاد الدوري للقمة العربية التنموية، وهذا انجازٌ كبير لابد من تعزيز مساره وتفعيل آلياته ليعود بالفائدة على المواطن العربي وعلى مؤسسات العمل العربي المشترك العاملة في مختلف مجالات التنمية المستدامة. اضاف العربي قائلا "لقد خطت جامعة الدول العربية خلال السنوات العشر الماضية خطوات واسعة باتجاه تعزيز أُطر التعاون مع الدول والتجمعات الإقليمية والدولية ذات التأثير والدور الفاعل على الساحة السياسية الدولية وفي مقدمتها الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي ودول أمريكا الجنوبية ودول الباسيفيك، وكذلك من خلال المنتديات العربية المشتركة مع روسيا والصين والهند وتركيا واليابان وغيرها من التجمعات والكيانات الدولية الأخرى، وهذا العمل العربي المشترك يحظى باهتمامٍ متزايد على ساحة العمل الدولي. وفي هذا السياق فإني أُحيي دولة الكويت على استضافتها لأعمال القمة العربية الإفريقية الثالثة والمقرر عقدها في نوفمبر القادم، كما أُحيي عزم المملكة العربية السعودية على استضافة أعمال القمة العربية الإفريقية الخامسة عام 2016. وأودُ في هذا السياق أن أتناول محوراً هاماً من محاور عمل الجامعة على الساحة الدولية والمتعلق بالسعي الذي قامت به الدول العربية خلال العقود الأربعة الماضية لمعالجة الخلل الناجم عن انفراد إسرائيل بامتلاك السلاح النووي، حيث تحركت الدول العربية في مختلف المحافل الدولية ومنذ زمن طويل لإنشاء منطقة خالية من كافة الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط، كأحد أهم عناصر الأمن الإقليمي. إلا أن هذه الجهود وصلت إلى طريق مسدود بسبب عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ الالتزامات التي وافق عليها عام 2010، ويعود هذا الفشل إلى رفض إسرائيل الدخول في هذا المسار، ودعم بعض القوى الدولية لإسرائيل مما أوقف هذا التوجه الدولي، ومن ثم توقفت مسيرة عقد المؤتمر الذي كان مفترضاً عقده في ديسمبر 2012 وعلينا الآن أن نبذل كل الجهد لعقد المؤتمر في أقرب فرصة. وفيما يتعلق بتطوير جامعة الدول العربية وأجهزتها وآليات عملها، وذلك حتى تتمكن من ممارسة دوراً فاعلاً في معالجة التحديات والمتغيرات الراهنة التي تواجه العالم العربي. فكما تعلمون، تم تشكيل لجنة مستقلة رفيعة المستوى من شخصيات عربية ذات خبرة برئاسة معالي السيد الأخضر الإبراهيمي، وقدمت هذه اللجنة مقترحات محددة لتطوير الجامعة العربية وآليات عملها. وبالفعل بدأ تنفيذ بعض الاقتراحات التي تدخل في إطار التكليف الذي أصدرته القمة الأخيرة في بغداد للأمين العام، منها إعادة هيكلة قطاعات وإدارات الأمانة العامة، وإعادة توصيف الوظائف وتحديد المؤهلات المطلوبة لشاغريها ومسئولياتهم، والدفع بالصف الثاني إلى المواقع القيادية، واعتزم التقدم ببعض الاقتراحات بهدف تشجيع استقطاب العناصر التي تتمتع بالكفاءة من الدول الأعضاء، ورفع مستوى الأداء الوظيفي للقوى البشرية بالأمانة العامة. وفى هذا الإطار تم تعيين مبعوثتين للأمين العام، الأولى لشئون المجتمع المدني، والثانية لشئون الإغاثة الإنسانية. والتطوير والإصلاح عملية مستمرة ولها تكلفه مالية. قال "لاشك إن تحقيق الطموح المشترك للجامعة العربية يتطلب إصلاحات أكثر عمقاً من أجل تمكين الجامعة من الاضطلاع بدور فعال في مجالات عديدة قد يكون أهمها: حفظ سلامة واستقرار البلدان العربية، حماية حقوق المواطن العربي، وتكوين تكتل اقتصادي عربي حقيقي، بما في ذلك إقامة مشروعات عملاقة مشتركة، فقد أوضحت تجربة العامين الماضيين الحاجة إلى تطوير قدرة الجامعة لتتمكن من مساعدة الدول الأعضاء التي تتعرض لتحديات داخلية كبرى على التجاوب مع تلك التحديات دون تعريض أمن وسلامة شعوبها أو استقلالها للخطر إذ اضطرت الجامعة – تحت ضغط الظروف – إلى التعامل مع تحديات لم تكن متأهبة لها، وبذلت في سبيل ذلك أقصى ما استطاعته من جهد، إلا أن الحكمة تقتضى منا الاستفادة من دروس هذه الخبرة، وإعداد الجامعة مسبقاً كي تكون جاهزة للتعامل مع هذه التحديات حين تطرأ، بل وكي تكون قادرة على مساعدة الدول الأعضاء على تفادى الوقوع في مثل هذه الأزمات والتعامل المبكر معها بما يقينا شرور الفتنة والاقتتال. ويتعين على الجامعة العربية الاضطلاع بمسئولياتها في مجال حماية حقوق المواطن العربي، وذلك وفقاً لما نص عليه الميثاق العربي لحقوق الإنسان والمواثيق الإقليمية والدولية الأخرى التي انضمت إليها الدول العربية، حيث أصبحت هذه المواثيق جزءاً أساسياً من المنظومة الدولية التي نعيشها، ومن الحكمة أن يكون للعالم العربي إطار ذي مصداقية يتولى حماية حقوق مواطنيه بدلاً من ترك الباب مفتوحاً للتدخل الخارجي باسم وقف انتهاكات حقوق الإنسان أو محاسبة وعقاب المسئولين عنها، ومن ثم يحسن بالجامعة الإسراع في إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، كي تضطلع بمهام حماية حقوق المواطن العربي بعد استنفاذه لوسائل التقاضي الداخلية. وفيما يتعلق ببناء تكتل اقتصادي عربي حقيقي فإن الأمر يتطلب إصلاحاً عميقاً لمنظومة العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، تشمل دور وسلطات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجالس الوزارية المتخصصة ومنظمات الجامعة ومراكزها المتخصصة، بحيث تشكل جميعها منظومة واحدة متكاملة، وهي مطروحة منذ سنوات عديد وآن أوان اتخاذ قرار لحسمها.