عبر الرئيس حسني مبارك في كلمته أمس احتفالاً بعيد الشرطة بمنتهي البلاغة والصراحة والوضوح والقوة عما يجيش في صدري وصدرك ويمس أوتار فؤادي وفؤادك وينعش ذاكرتي وذاكرتك بما كان وما نحن فيه وما يمكن أن يكون ويجعلني ويجعلك في اطمئنان إلي أن هذا البلد ومقدراته وشعبه كل شعبه بين عيني القائد وفي قلبه علي مدار الساعة. لفت نظرنا إلي أن الإرهاب والتطرف ضد مصر ليسا وليد اليوم أو الأمس القريب.. بل يعودان إلي السبعينيات من القرن الماضي. وذكّرنا ببعض أسماء ضحايا هذا الإرهاب الأسود والتي كاد "ريتم" الحياة أن يطويها وننساها مثل الشيخ الذهبي ود.رفعت المحجوب ود.فرج فودة.. وأيضاً الاعتداء علي الكاتب العالمي نجيب محفوظ.. هؤلاء جميعاً وغيرهم مصريون وقد استهدفهم الإرهاب البغيض في أرواحهم بلا ذنب جنوه أو جريمة اقترفوها. وأعاد إلي الذاكرة كيف أن الإرهاب لم يتوقف عند شخصيات بعينها استهدف حياتهم غدراً وغيلة.. بل إنه وسّع من أهدافه لتشمل أرزاق المصريين ولقمة العيش بضرب السياحة في البر الغربي بالأقصر وفي مدن جنوبسيناء بدهب وشرم الشيخ وطابا.. بل وفي حي الحسين بقلب القاهرة أيضاً. *** وكشف الرئيس مبارك الهدف الجديد للإرهاب في موجته الأخيرة اليائسة وهو الوقيعة بين الشعب الواحد بأقباطه ومسلميه لشق صفهم وتمزيق وحدتهم والنيل من تماسكهم.. في مدخل ونهج وأسلوب جديد لإرهاب غريب علي مجتمعنا يحمل بصمات أصابع خارجية لا تخطئها عين ولا عهد لنا بها ويلفظها مجتمعنا بشخصيته وقيمه وتراثه وثقافته كما أكد الرئيس. أنكشف الهدف الجديد في العملية الإرهابية الأخيرة المتمثلة في انفجار كنيسة القديسين بالإسكندرية.. لكننا أبداً لن نذِل أو نُذل. ولن نسلم أو نستسلم.. بل سنزداد تصميماً علي محاصرة هذا الإرهاب وملاحقة مرتكبيه.. أينما يكونون. *** نعم.. سيادة الرئيس.. نحن فعلاً شعب متماسك وعنيد تصقل معدنه وتوحده المخاطر والتحديات.. والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصي ويدركها كل ذي عينين.. ابتداء من كفاحنا ضد الاستعمار. ورفع شعار وحدة الهلال والصليب عام 1919. ورفض الهزيمة في يونيو 1967. والانتصار التاريخي في حرب أكتوبر المجيدة. والتمسك ب "طابا" التي لا تتعدي مساحتها كيلو متر مربع بل وكل شبر في سيناء. والرفض القاطع والبات لتواجد عسكري أجنبي علي أرضنا. ورفض المشروطيات والإملاءات وكلنا يعرفها بتواريخها وشخوصها.. وأخيراً وقوف الشعب صفاً واحداً في مواجهة الإرهاب. نعم.. سيادة الرئيس.. نرفض بشدة محاولات القلة من إخواننا الاستقواء بالخارج.. فكرامة مصر تأبي هذا الأسلوب. نعم.. سيادة الرئيس.. إن للصداقة حدوداً وسقفاً.. وإذا كنا نستمع لنصائح الأصدقاء فليس فرضاً علينا أن نعمل بها.. لكن أن يطالب أحد في بعض الدول الصديقة بحماية أقباط مصر فإن هذا تجاوز مرفوض تماماً.. فزمن الحماية الأجنبية والوصاية ذهب إلي غير رجعة.. ولا يمكن أن نقبل ضغوطاً أو تدخلاً في شئوننا من أحد أياً كان.. الأقباط مصريون قبل أي شيء آخر.. ونحن أولي بأقباطنا من الصديق أو من نظنه صديقاً.. وحماية كل المصريين.. أقباطاً ومسلمين مسئولية الدولة وواجبها. *** تناول الرئيس مبارك في كلمته الجامعة أموراً شتي مثل المواطنة كأساس وحيد لمساواة كافة المصريين في الحقوق والواجبات. وحرصه علي المزيد من ترسيخ حقوق المواطنين وحرياتهم. والدفاع عن إرادتهم وصون كرامتهم. وعدم تردده لحظة واحدة في اتخاذ ما يراه محققاً لأمن مصر وشعبها والتصدي لدعاة الفتنة ومحاسبة المروجين والمحرضين عليها. كما تحدث عن أمن مصر القومي الذي يصونه مجتمع متماسك يؤمن بالرأي والرأي الآخر وينفتح علي العالم ويحتضن قيم ومبادئ الحرية والعدل ويوسع نطاق المشاركة السياسية وتزداد قوته بتنوع رؤي أبنائه ومثقفيه ومفكريه وتتعزز إمكاناته بقوة اقتصاده.. مجتمع هو أساس سياسات الإصلاح وبرامجه سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو خدمية. وكما ترون.. فإنها جميعاً أمور مهمة.. ومهمة جداً من أجل مجتمع قوي وصلب. *** لقد توقفت كثيراً أمام تعبيرات الرئيس عن الدول الكبري التي شنت حروباً خارج حدودها لحماية أمنها القومي وأمان شعوبها.. وبأننا سنمضي في حربنا علي الإرهاب لحماية بلادنا ومواطنينا. عقدت مقارنة سريعة بين زعيم وزعيم ووجدتني تلقائياً أهتف باسم الرئيس مبارك بيني وبين نفسي وشاهدي علي ذلك كان المولي عز وجل. زعيم "أرعن" شن حرباً استباقية خارج حدود بلاده بعد تعرضها لجريمة 11 سبتمبر 2001 الإرهابية والتي سقط فيها ثلاثة آلاف قتيل.. فرفع شعار "الحرب علي الإرهاب" وغزا أفغانستان علي الجهة المقابلة له من الكرة الأرضية بقرار دولي. ثم غزا واحتل العراق بلا قرار شرعي وبلا مبرر أو منطق.. بعيداً عن القانون والمواثيق والأعراف بل بالبلطجة.. أراق دماء الأبرياء وأجراها بحوراً ومازالت تجري بزعم حماية أمن بلاده القومي وأمان شعبه!! .. وزعيم "ملتزم" حارب الإرهاب داخل وطنه ليحمي بلاده وشعبه.. ورغم الموجات الإرهابية المتلاحقة فإنه لم يخرج عن الشرعية.. بل أعلن أن حربنا علي الإرهاب مستمرة "وبقوة القانون وحسمه" وبأقصي ما نمتلكه من قوة وإمكانات. الآن.. وبعد الهجمة الإرهابية الأخيرة والتي ثبت بالدليل القاطع ضلوع جيش الإسلام الفلسطيني بقطاع غزة والمرتبط بتنظيم القاعدة فيها.. فإن كل الخيارات مفتوحة أمامنا.. لأن من حقنا أن نحمي بلادنا وشعبنا الواحد بمسلميه وأقباطه.. وأيضاً من حقنا أن نتعقب مرتكبي الجرائم الإرهابية الذين قتلوا أولادنا الأبرياء وتعدوا علي أمننا القومي ونلاحقهم في أي مكان يختبئون فيه كالفئران سواء بالداخل أو الخارج ولا ندعهم يفلتون أبداً بجريمتهم من يد العدالة. هذا ما يشفي صدورنا جميعاً.. صدور قوم مؤمنين ومسالمين انفتحوا علي العالم بنية خالصة وقلب سليم فكان جزاؤهم الغدر والخيانة والترويع والقتل.. لذا فإن القصاص منهم - لا من غيرهم - واجب شرعي وإنساني. ولنتذكر قول الحق سبحانه وتعالي ".. أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً..." المائدة - .32 ولنتذكر أيضاً قوله تعالي: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" المائدة - .33 ولنتذكر كذلك قول المولي: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون" البقرة - .179