ربما تكون رحلة ممتعة إلي السماء تحلق فيها آلامك وأحلامك وتري العالم أسفل منك كذرات الملح الصغيرة لكنها وبالرغم من متعتها لا تخلو من خطورة حقيقية قد تصعد بك إلي السماء ولا تعود بك إلي الأرض مجدداً.. إنه "البالون الطائر" "هوت إير" الذي يعد أحد أهم مصادر الجذب السياحي ووسائل الترفيه بالأقصر كما أنه الوسيلة الوحيدة التي تجنح بأحلامك إلي ما فوق الحدود لتشاهد معالم الأقصر الأثرية والسياحية بعين الطائر كما لم تشاهدها من قبل. خبراء السياحة بالأقصر أكدوا أن الموسم السياحي أسدل عليه الستار هذا العام بمشهد مأساوي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فحادث انفجار البالون الذي أودي بحياة 19 سائحاً من مختلف الجنسيات الأمر الذي نقلته جميع وسائل الإعلام بمختلف دول العالم قضي علي كل الجهود المبذولة لإنقاذ السياحة وباتت الأقصر خاوية علي عروشها. نقيب المرشدين السياحيين بالأقصر وائل إبراهيم أكد أن الموسم السياحي متدهور من الأساس وأن حادث البالون العرضي عصف بما تبقي من سياحة مشيراً إلي أن سياحة البالون سياحة حساسة ويعمل بها العديد من أبناء المحافظة الذين سيضيق الحال بهم بعد قرار تعليق رحلات البالون. وعن البالون الطائر يحدثنا الطيار أحمد عبود نائب رئيس اتحاد شركات البالون ومدير إحدي شركات البالون بالأقصر فيقول ل "المساء" إن مصر تعد من أكبر دول العالم في سياحة البالون الطائر وتصنيفها حالياً في المركز السابع أن كنا نحتل المركز الثالث بعد أمريكا وتركيا وقد بدأ الطيران في مصر باعتماد أول شركة بالون طائر في عام 89 بمعرفة شركة إنجليزية أمريكية وبشراكة مصرية وقد تم اختيار منطقة البر الغربي بالأقصر كأكثر الأماكن الساحرة لما تتميز به هذه المنطقة من عمق تاريخي وحضاري يعود لآلاف السنين. أضاف أن البالون الطائر يعمل به حوالي 1000موظف عمالة مباشرة وأكثر من 8 آلاف عمالة غير مباشرة. حول توافر وسائل الأمان داخل البالون أثناء تحليقه وإمكانية استخدام الباراشتوات أكد أن البالون به أدوات إطفاء حريق وبه إسعافات أولية كما تتواجد بصفة دائمة سيارتي إسعاف ومطافيء في موقع انطلاق البالون اما عن استخدام الباراشوتات فهذا يخضع للقوانين الدولية التابعة لمنظمة الطيران الدولية "الإيكاو" التي يلتزم بها الطيران والبالون وهو الذي يحدد إمكانية باراشوتات أو غيرها. وعن عوامل الأمان أكد أن البالون يخضع قبل إقلاعه لعملية فحص "بري فلايت تشيك" كشف ما قبل الإقلاع ويتم بمعرفة مهندس معتمد من وزارة الطيران المدني.. وكل شركة ملزمة بتوفير 2 مهندسين للقيام بعملية الفحص بالإضافة للطيار الذي يكون مدرباً علي كل هذه العمليات. وبعد الإقلاع يتم إجراء كشف آخر بالإضافة إلي كشف يتم كل مائة ساعة وأيضاً كشف سنوي يتم كل عام من خلال لجنة متخصصة من المهندسين وما ينطبق علي الطائرة من فحص وكشوفات يتم تطبيقه علي البالون أيضاً. أشار إلي أن سعر الرحلة حوالي 150 دولاراً للفرد الواحد التي تدخل الاقتصاد المصري جزء منها لشركة السياحة وشركة البالون وشركة النقل وشركة التأمين بما يساهم في فتح مصدر رزق لآلاف. وما تتلقاه شركة البالون حسب الاتفاق مع شركة السياحة المنظمة للرحلة ومدة الرحلة حوالي 45 دقيقة في الجو وهذه الرحلات الفريدة يقوم بتنظيمها والإعداد لها مجموعة من الشركات المتخصصة في هذا النمط من أنماط السياحة الحديثة. عمال شركات البالون أعربوا عن استيائهم لوقف نشاط البالون باعتباره مصدر رزقهم الوحيد وأكدوا أنهم قاموا بنشر استغاثات لمطالبة بإعادة تشغيله لأن الحادث عرضي وهو الأول من نوعه الذي ينجم عنه حالات وفاة. قال عبدالنبي مصطفي أحد عمال البالون إن البالون مثل أي من وسائل المواصلات به مشاكل وقد يتعرض للخطورة نظراً لعوامل الجو والرياح الشديدة وأن الحادث الأخير عرضي ولا يحدث كل يوم وقد يكون ناتجا عن خطأ غير مقصود وفي النهاية هو قضاء وقدر ولا يجب أن نوقف النشاط حيث إن جميع وسائل المواصلات معرضة لإخطار وحذر من اتخاذ قرار بوقف نشاط البالون بالأقصر لما يعقبه من تشريد وياع مصدر رزقهم الوحيد في مجال البالون ما بين طيار ومهندس وفني وعامل بجانب أسرهم مطالباً بضرورة عودة نشاط البالون مجدداً إلي سماء الأقصر. فور إعلان نتائج التحقيقات في حادث سقوط المنطاد. طلب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس هيئة الطيران المدني بضرورة التدخل من أجل إلغاء قرار الحظر وإعادة حركة البالون الطائر إلي طبيعتها بالمدينة. مصطفي صادق مصور فيديو رحلات البالون أكد أن رحلة البالون من أجمل ما يستمتع به السائح في الأقصر فهي تبدأ في الساعات الأولي من الصباح وقبل بزوغ الشمس. حيث يعبر السائح النيل من مكان إقامته بالضفة الشرقية إلي الضفة الغربية. حيث يقف البالون الذي ينتقل بالسائح عبر المزارع والحقول الخضراء المؤدية إلي وادي الملوك وتنتهي الرحلة بالرقص والضرب بالدفوف ثم يعود السائح مترجلاً علي قدميه في أحيان كثيرة فيشاهد السائح في هذه الطرق المفروشة باللون الأخضر الأسر والعائلات الريفية المصرية ومنازلها وعاداتها وتقاليدها ويتبادل معهم التحية والابتسامة والحديث وكثيراً ما يأكل من طعامهم ويشرب من شرابهم وهو في سعادة غامرة بأخلاق المصريين وما يتمتعون به من كرم ضيافة ودعابة وحسن استقبال". مينا ميلاد مرشد سياحي أكد أن البالون الطائر بدأ أولي رحلاته بالأقصر منذ عام 1988 علي أيدي خبراء أجانب من شركة فيرجن الإنجليزية وكان المسمي المصري لها هو "بالونزا أوفر ريجبت" في عام 1994 وتأسست أول شركة بالون طائر مصرية في عام 2001 والشركة الثانية عام 2002 والشركة الثالثة عام 2004 وصاحب ذلك في نفس العام إفلاس شركة بالون أوفر إيجبت ثم تأسست شركة سندباد للبالون الطائر عام 2006 وتأسست شركة فايكنج إير وشركة إبرس بالونز وشركة لاسكا وأصبح عدد شركات البالون العاملة حالياً بالأقصر هو 8 شركات. كابتن هشام بدوي قائد بالون أكد أن مهنة البالون معرضة لأخطار شأنها كشأن أي مهنة أخري وحادثة بالون الأقصر ليست خطأ طيار أو خطأ مهني ولا أحد يستطيع الجزم بسبب الحادث مضيفاً أن البالون لها تراخيص من وزارة الطيران ولو ثبت اكتشاف خطأ بسيط بنسبة 1% يتم إلغاء ترخيص الشركة بالكامل وكل بالونة تسجل بوزارة الطيران ولها شهادة صلاحية ولها تأمين ضد الحادث مقسم علي الراكب والقائد والبالونة نفسها. أوضح أن أخطار البالون هو عدم وجود مكان مخصص للهبوط بالرغم من وجود مكان مخصص للإقلاع إلا أن البالون يتحكم فيه الرياح بالرغم من إجادة القائد للطيران وأشار إلي أن قائد البالون يتم تدريبه نظرياً لمدة شهر وعملياً لمدة حوالي 6 أشهر داخل معهد إمبابة الخاص بالتدريب علي الطيران تحت إشراف طيار معتمد وأساتذة متخصصين في علم الطيران.. وبعد امتحانه يتم إعطاؤه رخصة طيار تجاري حسب السن وقيادة البالون مقسمة لطرازات فئة "إيه وبي" والأهم فئة "دي" والقائد يتحكم في الصعود والهبوط في مكان واسع ومساحة فضاء كما أن العمال مدربين علي فرقة أمن ودفاع مدني في العوامية بالأقصر مدتها أسبوع وفرقة أمن مدتها 15 يوماً في القاهرة. كما يخضع الطيار لكشف طبي عالي المستوي. أكد أن مصر بها أمهر الطيارين في مجال البالون مما دفع تركيا إلي الاستعانة بخبرات أكثر من 12 قائد بالون للعمل هناك نظراً لكفاءتهم لافتاً إلي أن عدداً من الطيارين المهرة قرر السفر إلي أوغندا وتركيا بعد حادث الأقصر الأليم. طالب وزارة الطيران بزيادة عدد الطيارين وفتح المجال لإعطائهم تراخيص حيث إن وزارة الطيران أوقفت تدريب الطيارين بعد حادثة 2009 مما أدي إلي وجود عجز في الطيارين مشدداً علي ضرورة توفير قائد احتياطي آخر يتواجد مع قائد البالون لضمان سلامة الرحلة حيث إنه حتي الآن يقوم قائد واحد فقط بعملية الصعود والهبوط والتحكم في البالون بمفرده ويساعده عامل واحد فقط من طاقم الكر وحذر من تعرض القائد لأخطار سيمة لأنه يتواجد أثناء القيادة بمكان به أربعة تنكات أو نابيب غاز طبيعي محاطاً بهم من جميع الاتجاهات.. التنك سعته حوالي 36 كيلو جرام غاز مضغوط بالنتروجين. وعن استخدام الباراشوت المحمول في حالة تعرض البالون للخطر قال إنه يعتقد أن ارتفاع البالون سيصعب من استخدامه نظراً لأن أقصي ارتفاع للبالون مصرح به من وزارة الطيران هو 1500 متر وهذه المسافة لن تسعف الراكب فتح الباراشوت وليست بالوقت الكافي للنزول وفرد الباراشوت.