لم يكن نبأ وفاة الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز- أو اوجو خافيث كما ينطق اسمه بالاسبانية مفاجئا علي الاطلاق.. كان متوقعا عندما سافر إلي كوبا للمرة الرابعة للعلاج من مرض سرطان الحوض وكان يختار كوبا بالذات لانها الدولة القادرة علي الاحتفاظ باسرار حالته الصحية.. وكانت وفاته متوقعة عندما ظل بها شهرين. وعندما الغت الحكومة الفنزويلية احتفالات عيد الميلاد الماضي وطلبت من مواطنيها الصلاة من اجل رئيسهم المحبوب.. ولم يستطع اداء اليمين الدستورية بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة لم يمكن حتي إرسال وفد قضائي إليه لأداء اليمين مما هدد بإغراق فنزويلا في أزمة سياسية ودستورية. كانت وفاته متوقعة أيضًا عندما عاد إلي بلاده فجأة ولم يظهر للعيان وتم إدخاله مستشفي عسكري ولم يره أحد حتي إعلان وفاته. أصبح في حكم المؤكد أن ساعة الرحيل قد اقتربت عندما أعلن نائبه مادورو تدهور حالته الصحية وتحدث عن احتمالات تعرضه لإصابة متعمدة بالسرطان وإشعال فتيل أزمة دبلوماسية مع الولاياتالمتحدة ثم إعلان وفاته أخيرا. تتعدد التحليلات عن شافيز لكن أهمها يشير إلي انه خلف تركة ثقيلة لنائبه القائم بعمله. وعلي الأقل فإنه قد ترك أزمة اقتصادية خانقة تعانيها بلاده علي الرغم من عوائدها البترولية المهولة. فهو في الحقيقة لم يكن يحسن إدارة اقتصاد بلاده. فقد كان يخصص عوائد البترول لبرامج اجتماعية عالية الطموح يوزع فيها الأموال ببذخ علي أفراد شعبه دون أن يهتم بدعم الجهاز الإنتاجي في بلاده وهو حتي لم يهتم بدعم جهاز الشرطة للقضاء علي موجة الجرائم التي تجتاح البلاد ولا علي تدعيم جهاز النظافة العامة في بلاده للقضاء علي تلال القمامة التي تملأ شوارع كل المدن الفنزويلية وتبعث روائح لا تطاق بسبب جو فنزويلا الحار.. وتكون النتيجة أن يجد المواطن الفنزويلي معه مجرد أوراق من البوليفار القوي لا تكاد تشتري شيئا ذا قيمة وقد استنزف شافيز احتياطيات البلاد من العملات الصعبة في معركته الانتخابية في أكتوبر الماضي وباتت البلاد تعاني أزمة خانقة سوف تضطر خليفته إلي خفض سعر صرف عملة فنزويلا بنسبة النصف علي الأقل. لحسن حظ شافيز انقذه الموت من ثورة كان يمكن أن تحدث له بسبب أزمة الاريبا وهي نوع من الفطائر يعد من أساسيات المائدة في فنزويلا وتصنع من دقيق الذرة واللبن وزيت الطعام والسكر. وهذه الأساسيات الأربع ناقصة بشكل كبير في فنزويلا بسبب تسعيرتها غير الواقعية والتي تراقبها الدولة بصرامة ويمكن ان يتعرض التاجر الي غرامة باهظة والسجن إذا خالفها. وفي الوقت نفسه لا يستطيع التجا الحصول عليها بالأسعار المعتمدة من الحكومة. وهنا تنشط السوق السوداءويعجز الكثيرون عن صنع الاريبا بعد ان عاشوا لفترة في ظل نظام وفر لهم كل الأساسيات والكماليات مدعومة ورخيصة وحتي الخمور. وسوف ينتشر السخط بينهم علي الدولة وسيكون من نصيب خليفته. ويقول البعض ان هناك صورة غير صحيحة ذاعت عن شافيز وهي انه رئيس يهوي ترديد الشعارات اليسارية والثورية الجوفاء والدليل علي ذلك في رأيهم الأزمات التي كان يختلقها مع الولاياتالمتحدة والهجوم عليها ووصفها بالشيطان الأكبر كما اختلق أزمة مع جارته كولومبيا واتهمها بالتورط في قتل سيمون بوليفار محرر امريكا اللاتينية عندما كان يحكمها منذ اكثر من 160 سنة!! لكن هذه الصورة غير صحيحة وكان شافيز وقت اللزوم يصبح عمليا تماما. والدليل علي ذلك أن العلاقات الاقتصادية بين الولاياتالمتحدة وفنزويلا متينة للغاية رغم هجوم المستمر علي الشيطان الأكبر. وكانت صادرات البترول الفنزويلي إلي الولاياتالمتحدة تصل في بعض الاوقات إلي مليون برميل يوميا. ولم يحاول شافيز ممارسة اي ضغوط بترولية عليها رغم علمه بوجود معامل امريكية لا تعمل إلا بالبترول الفنزويلي وتملك فنزويلا استثمارات ضخمة في الولاياتالمتحدة منها شركة تملك 14 ألف محطة بنزين.