هل تتذكرون تغريدات الدكتور محمد البرادعي ضد المجلس العسكري أثناء المرحلة الانتقالية؟!.. هل تتذكرون ماذا كان يكتب علي صفحته قبل الاستفتاء وقبل الانتخابات وبعد اختيار د. عصام شرف رئيسا للوزراء من ميدان التحرير وأثناء أحداث ماسبيرو؟! لسوء الحظ.. كل ما كتبه الدكتور البرادعي من استفزازات واهانات تواتر علي ذاكرتي وأنا أقرأ تصريحاته الأخيرة لإذاعة ال "بي. بي. سي" البريطانية التي قال فيها "ان الجيش سيكون أمامه واجب وطني بالتدخل إذا كانت مصر علي حافة الافلاس. ولو كان هناك غياب للقانون والنظام". لم يكن د. البرادعي أبداًَ من مساندي الجيش حينما أجبر علي تولي المسئولية اثناء الثورة.. ولم يجد له عذراً أبداً في أي قرار أو أي إجراء اتخذه.. كان دائما يرفع السوط والصوت.. لكنه الآن يقول إن إجراء الانتخابات البرلمانية سيخاطر بوضع البلاد علي طريق الفوضي الكاملة وعدم الاستقرار وفي هذه الحالة سيكون تدخل الجيش منطقيا من أجل العمل علي استقرار الوضع حتي يمكن استئناف العملية السياسية. لماذا تغير رأي الدكتور البرادعي؟!.. وهل المطلوب حقا أن ينزل الجيش الذي نثق فيه جميعا إلي الشارع أم المطلوب فقط أن تحل الفوضي وينزل الجيش ويتم تغيير قواعد اللعبة السياسية لنبدأ من الصفر علي أسس جديدة ربما يكون فيها حظ أوفر لمن لم يأت بهم الشعب إلي السلطة عبر صناديق الانتخاب ويحلمون اليوم بأن تأتي السلطة إليهم عبر أي طريق آخر.. ولو كان طريق المغامرة والانقلاب العسكري رغم أنهم يعرفون جيداً أن قواتنا المسلحة أشرف وأعظم من أن يتورط أحد أفرادها أو قادتها في الانقلاب علي الشرعية الدستورية الشعبية. لو حاولت أن أضع عنوانا سياسيا للأسبوع الماضي فلن أتردد في أن يكون "أسبوع استدعاء الجيش إلي المستنقع السياسي".. ومن الغريب أن الذين يقودون هذا الاتجاه الآن هم الذين كانوا ضد المجلس العسكري.. وهو ما يؤكد أن الدعوة إلي الانقلاب العسكري لا تصدر حباً في الجيش ولكن كراهية في الإخوان وحكمهم.. وفي سبيل تلك الكراهية يهون كل شيء حتي ولو كان أمن الوطن واستقراره. وجولة سريعة في عناوين صحيفة معارضة تؤكد صدق ما أقول.. وإليك عينة من هذه العناوين: * مصدر مطلع: "المطالبات بنزول الجيش لمصداقيته وفشل الإخوان" * بورسعيد تستنجد بالجيش من الإخوان. * الآلاف يحررون توكيلات تطالب الجيش بالنزول إلي الشارع. * فورين بوليسي: الجيش قد يعود إلي الشارع المصري.. والتدخل العسكري لن يكون نزهة في حديقة. * مسيرتان للاتحادية والدفاع للمطالبة بنزول الجيش. * دعوة للاحتشاد ضد أخونة الجيش.. ونشطاء يدعون لتحرير توكيلات للسيسي. وفي هذا الصدد أود أن أشير إلي أن الصحيفة المعارضة التي نشرت هذه العناوين تقع في المنطقة الوسطي وكانت في الماضي مستقلة ومحايدة إلي حد ما لكنها الآن فقدت وسطيتها واستقلالها وحيادتها وسقطت في براثن الانحياز الأعمي.. ومع ذلك كله فهناك من الصحف ما هو أسوأ منها فيما يتعلق بمخطط الفوضي ونشر الفتن.. ونظرة واحدة إلي ما تنشره "الدستور" و "الوفد" يؤكد أن الصحافة تحولت إلي مهنة التهييج والإثارة واختلاق الأكاذيب وتركت وراء ظهرها القواعد المتينة التي أرساها أساتذة عظام أسموها "صاحبة الجلالة". أما عناوين صحيفة "الفجر" أمس الأول فقد كانت واضحة جداً في هدفها الذي يتلخص في ضرب الجيش بالإخوان وليس مجرد استدعاء الجيش ويكفي أن تعرف أن هذه العناوين تدور حول اتجاه الإخوان إلي تأميم أرصدة وأصول الجيش.. والتحريض ضد دخول جون كيري وزير خارجية أمريكا الجديد بدعوي أنه صديق الجماعة ويهدد الجيش وجبهة الانقاذ.. وأرجو أن تلاحظ هنا وضع الجيش مع جبهة الانقاذ في بوتقة واحدة.. ثم هناك عنوان آخر كاذب بالطبع يقول: "حرب الانقلابات بين السيسي وميليشيات الإخوان". ثم.. أليس غريباًَ أن توضع هذه العناوين في الصفحة الأولي بينما يهاجم رئيس التحرير في مقاله علي الصفحة الثالثة ما أسماه بمكافأة نهاية خدمة أعضاء المجلس العسكري؟! ألا يذكرنا ذلك بالتباين في مواقف أولئك الذين كانوا يهتفون بسقوط العسكر واليوم يتسابقون لاستدعاء الجيش إلي الانقلاب أو النزول في الشارع نكاية في الإخوان ورغبة في عدم إجراء الانتخابات البرلمانية. كانوا بالأمس يعارضون الرئيس مرسي لأنه منح قادة القوات المسلحة نياشين وعينهم مستشارين وقاموا بمظاهرات إلي وزارة الدفاع لتجديد الدعوة إلي محاكمة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان.. واليوم يطالبون بنزول الجيش إلي الشارع واجهاض الانتخابات ونسف التجربة الديمقراطية ونشر الفوضي والعودة إلي المربع صفر. والأمر المؤكد أن القوات المسلحة وقادتها علي يقين كامل بأن هذه الفتنة ستمر كما مرت فتن كثيرة من قبل.. وستبقي مصر الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة التي يجري تأسيسها الآن.. تخطيء أحيانا وتصيب أحيانا.. لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح. إشارات: * نقلت "الشروق" أمس عن مبعوث الاتحاد الأوروبي بجنوب المتوسط برناردينو ليون قوله ان استدعاء الجيش للملعب السياسي في مصر انتكاسة وقرار جبهة الإنقاذ بمقاطعة الانتخابات عبء كبير علي التحول الديمقراطي. * المناهضون لحكم الإخوان ذهبوا يرقصون "هارلم شاك" أمام مقرها الرئيسي في المقطم.. ماذا لو ذهب شباب الإخوان للصلاة جماعة أمام مقر حزب الدستور؟! * د. جودة عبدالخالق القطب اليساري ووزير التموين السابق قال: "اليسار الآن تفتت وتفكك لعدد من التحالفات والتيارات مما أضعفه.. وهو حركة ضد التاريخ". * الفريق أحمد شفيق هاجم الحكم في مصر والمعارضة وحذر العرب والأجانب من الاستثمار في مصر ودعا إلي انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة. أرجو أن يتذكر أن عمرته في الإمارات طالت أكثر من اللازم ويجب أن يعود إلي وطنه ليعارض من الداخل مثل أي سياسي وطني محترم.