مازال ازدهار المواقع الثقافية أو انهيارها مرتبطا بالأفراد الذين يديرونها.. فتشهد بعض الفروع الثقافية نشاطا واسعا وتواصلا مع الجمهور إذا وجد علي رأسها مبدع وإداري واع يقدم المصلحة العامة علي الرغبات والانتماءات الشخصية.. فبعض الفروع هذه كانت تملأ الساحة نشاطا وإبداعا مثل الدقهلية وأسيوط وبني سويف والقليوبية. حينما كان علي رأسها مثقفون أكفاء من أمثال مصطفي السعدني ونادية الشابوري ومحمد عبد الحافظ ناصف.. وما أن انصرفوا إلي التقاعد أو الي الترقي تراجعت هذه الفروع. ونموذج النشاط الممتد المرتبط بفرد مدير عام الفرع. هو فرع ثقافة الفيوم برئاسة منتصر ثابت : أقدم مدير فرع. ومن أكفأ مديري الفروع والمحركين الثقافيين علي مدي حوالي عقد من الزمان.. لكن هناك مفارقة تتعلق بمنتصر الذي أقام مؤخرا مهرجانا ثقافيا كبيرا بقصر ثقافة الفيوم. بحضور المحافظ المهندس أحمد علي أحمد .. تتمثل هذه المفارقة في أنه لم يحصل علي "الدرجة" أي درجة مدير عام حتي هذه اللحظة. بينما أصبح بعض مرءوسيه وكلاء وزارة في هيئة قصور الثقافة .. وكان منتصر ثابت أحد المتضررين من محرقة بني سويف التي راح ضحيتها حوالي 50 مثقفا .. إذ كانت فرقة الفيوم المسرحية ضحية هذا الحريق. وكان هو كالآن مديرا لثقافة الفيوم.. فناله شيء من الخسارة علي المستوي الفني والثقافي والمعنوي. باستشهاد بعض تلاميذه وفناني فرعه في هذه المحرقة.. لكن للأسف تحول من متضرر الي متهم!! ولم يثبت بعد سنين تورطه في شيء لكن هذا الأمر حال دون حصوله علي الدرجة حتي هذه اللحظة. رغم أنه يشغل الموقع واقعيا. ومازال ينتظر تدخل وزير الثقافة د. صابر عرب ورئيس الهيئة سعد عبد الرحمن لنيل هذه الدرجة التي تأخرت عنه عدة سنوات. ومشكلة منتصر المزمنة ليست هي الوحيدة في ثقافة الفيوم. بل طرأت مشكلة أخري. وإن كانت أبسط كثيرا تتمثل في تولي محمد الشربيني إدارة قصر ثقافة الفيوم. بصفته أفضل الموظفين الصالحين لهذا الموقع. ولذا فقد حظي بقبول كبير من الأدباء والفنانين والموظفين بعامة. إلا موظفا واحدا تسلط عليه من خلال النت. وراح يهاجمه بدون موضوعية!! وكان يمكن ان يندرج هذا تحت حرية الرأي والتعبير. لكن قيادات الهيئة تركت كل ما يحظي به مدير القصر من رضا الأدباء والمثقفين. والتفتت لرأي فردي واحد. وراحت تعيره كل الاهتمام وتتأثر به!! المهرجان نفسه بعيدا عن هذه الخلفيات. يعد حدثا جميلا لدور الثقافة. في تجميع كل القوي الواعية. وجذب الرأي العام لمواقع الثقافة. والنظر الجاد لما تملكه شتي فئات الشعب وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة من مواهب وقدرات في مجال الابداع الشعري والقصصي والفن التشكيلي والموسيقي والغناء والرقص.. وقد يري البعض أن "الرقص" ليس موهبة وليس إبداعا. لكن إذا عرف أن هذه الفرقة من الأطفال ومتحدي الإعاقة هم من "الصم"!! فكيف يتحركون علي المسرح. وينظمون خطواتهم الجماعية وهم لا يسمعون؟! هذا ما حدث فعلا علي مسرح قصر الثقافة بحضور أحمد علي أحمد محافظ الفيوم ومعه محمود العمريطي وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم وأحمد زحام كاتب الأطفال ونائب رئيس هيئة قصور الثقافة سابقا. وعدد من قيادات التعليم بصفتهم جهة مشاركة للثقافة في تنظيم هذا المهرجان. ومنهم: محمد المراكبي وجمال عبد الحليم وثناء أمين ود. ميمي اسحق وسهير رشاد وفاطمة هاشم ونبيلة فتحي.. ومع فرقة الرقص لمتحدث الإعاقة كانت هناك عدج فرق موسيقي وغناء وفن تشكيلي لمدارس متحدي الإعاقة :النور والأقل والتربية الفكرية. وغير العرض الراقص للصم . قدم المهرجان حفلا لفرقة كورال المكفوفين بمدرسة النور وفقرة فنية للأراجوز. بالإضافة لعدة معارض تشكيليلة أكدت مواهب متفوقة حتي علي الأصحاء. منها معرض مدرسة التربية الفكرية بإشراف ناهد أحمد عبد الحميد وسحر عبد المنعم قاسم. وهو توظيف للخامات البيئية مثل الليف والخيش وقشر البرتقال والقواقع وزجاج المشروبات الغازية وعجينة السيراميك. لصنع تشكيلات جميلة ومبهرة. ومعرض ثان لتلميذات مدرسة النور الموهوبات: رانيا نادي ومني عادل السيد ورحمة محمد عبد الوهاب.. وعنه يقول مدرسا التربية الفنية: عائشة عبد التواب حسن وحجازي عبد التواب إن أبرز مكونات هذا المعرض قطعة كبيرة جماعية تعبر عن معالم الفيوم. من السواقي والحقول ومنحدرات الماء والقري والحيوانات.. وتذكر لبني جلال مديرة الشئون الثقافية بالفيوم أن هناك إدارة تابعة للشئون الثقافية تحمل اسم "التمكين الثقافي" تقوم بالتنسيق بين الفرع ومدارس متحدي الإعاقة لإقامة مثل هذه الأنشطة. واحتضان مواهب الطلاب من مختلف الأعمار. وهي مواهب قد تتفوق علي الأصحاء في معظم المجالات .. وتذكر د. ميمي اسحق مديرة الأنشطة بمديرية التعليم أن طلاب المدارس من متحدي الإعاقة يلقون اهتماما خاصا بهم. وبتنمية مواهبهم وتجسيدها. سواء من خلال الفن التشكيلي. أو الشعر والقصة والموسيقي والرقص والغناء وبدت النتائج واضحة في هذا المهرجان. وضمن هذا المعرض التشكيلي هناك جناح للفنانين من موظفي قصر الثقافة مثل ميرا أمير وناهد فارس. وهما دارستان للفنون الجميلة. وعرضت ميرا كتابا مجسدا للأطفال من تصميمها ولوحاتها البارزة يحمل عنوان : "حمدان وخلية النحل" بالإضافة للوحات أخري لها وناهد فارس.. ولم تغب ريشة الفنانين المحترفين. فجاءت ممثلة في جناح ضم لوحات الفنان شمس الدين حسين "لوحة الانتفاضة" والفنانة إسراء عبد العليم فراج "لوحة المريخ" مع انتاج ورشة مشتركة للفنانين الشباب فوق سن العشرين: محمد محمود وسراج فراج وآية عادل وشهيرة الدفناوي وأحمد شمس وطارق شمس وأمير محمد وندي أحمد. وتأكيدا لفكرة التواصل بين سائر المؤسسات تم تكريم عدد من قيادات وزارة التربية والتعليم. بالإضافة الي الموهوبين من الأطفال والشباب متحدي الإعاقة وبعض مدربيهم ومعلميهم. وسط حضور جماهيري كبير.