رفض علماء الفتوي والأزهر الشريف الدعوات التي أطلقتها بعض المحافظات للقيام بالعصيان المدني لإجبار المسئولين علي تلبية مطالبهم اعتقاداً منهم بأنهم مظلومون وأن العصيان هو السبيل الأمثل للحصول علي حقوقهم. أكد العلماء أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمي بالعصيان المدني الذي يدعو إلي التخريب وتعطيل مصالح العباد وإيقاف عجلة الإنتاج .. ودعوا كافة الأطراف إلي أن تعمل من أجل زيادة الإنتاج والنهوض بالبلاد والتعاون مع المؤسسة المنتخبة للخروج من هذه المرحلة الفارقة في تاريخ الوطن وتحقيق التنمية المنشودة. قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية لقد ذكر الله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز أن مصر بلد الأمن والأمان وهذا لن يتحقق إلا إذا قام كل مصري بأداء واجبه وعمله وحرص علي وحدتها وتماسكها .. أما تعطيل المصالح والعبث بمقدرات الوطن فإنه يؤدي إلي إحداث الفوضي ويتناقض مع كل القيم والمبادئ الحقيقية التي قامت عليها الثورة ضد الظلم والاستبداد. أكد المفتي حرمة إراقة الدم المصري وشدد علي الضرب بيد القانون لكل من تسول له نفسه إشاعة الفوضي والإفساد في الأرض أياً كان مؤكداً أنه لا أحد أكبر من وطننا العزيز مصر. أشار إلي أن علي كافة فئات الشعب المصري وتياراته أن تساهم في حفظ أمن البلاد والمحافظة علي حقوق المواطنين والالتزام بالسلم وأقصي درجات ضبط النفس حتي تستطيع سفينة الوطن أن ترسو علي بر الأمان وطريق النهضة المنشودة ولن يتأتي ذلك إلا عن طريق الحوار والمصارحة وأن يقوم كل منا بدوره الحقيقي تجاه مصر حتي لا نقع في الفتنة التي تدخل البلاد في نفق مظلم. كانت أمانة الفتوي بدار الإفتاء المصرية قد أفتت بأن الإضراب الذي يؤدي إلي تعطيل مصالح البلاد والعباد حرام شرعاً. مع تأكيدها في ذات الوقت جواز التظاهر من حيث الأصل بشروط معينة. باعتباره من وسائل الاعتراض الجماعي التي عرفها المسلمون في أزمنة وأماكن مختلفة قديماً. وكانت تستعمل مع الولاة أحياناً. وأحياناً مع المحتل الغاصب. وأكدت دار الإفتاء أن الدعوة إلي العصيان المدني بمعني إيقاف السكك الحديدية. والمواصلات. والنقل. وإيقاف العمل في المصانع والمؤسسات والجامعات والمدارس. والتوقف عن سداد الأموال المستحقة للحكومة سواء كانت ضرائب أو فواتير الكهرباء والمياه والغاز أو غيرها من أمور تعطل مصالح الدولة والعباد حرام شرعاً. وأشارت إلي أن هذا كله من شأنه أن يفاقم الأوضاع الاقتصادية السيئة بما يؤدي إلي تعطيل مصالح الناس وتعريض حياتهم للخطر خاصة ذوي الأعذار منهم. فضلاً عن أنها تؤدي إلي تفكيك الدولة وانهيارها. ودعت دار الإفتاء المصريين جميعاً إلي تقوي الله وتحكيم العقل والحكمة والمنطق وتغليب الصالح العام علي المصالح الضيقة والانصراف عن الدعوات الهدامة. عصيان لله ورسوله يقول د. محمد أبوليلة الأستاذ بجامعة الأزهر إن العصيان المدني عصيان لله ورسوله صلي الله عليه وسلم لأن فيه تعطيلاً للمصالح وخروجا علي الحاكم وعلي مؤسسات الدولة وتشويه لصورة مصر في الداخل والخارج بالإضافة إلي تعطيل الإنتاج وتعظيم المشكلات والأزمات. أكد أنه لا يوجد في الإسلام قط ما يسمي بالعصيان المدني فهو شئ مستحدث وغريب علي مصر وشعبها لذلك فهو مرفوض شرعآً وقانوناً وندعو الشعب المصري أن يعلن غضبه علي الفئات التي تدعو إلي الفوضي وتخرب في الممتلكات وتضر بمصالح الآخرين .. فهذه الفئات تعمل خارج الإطار الشرعي والقانوني وبالتالي يجب علينا نصحها بطريقة سلمية أولاً ثم بعد ذلك تكون هناك محاكمات لكل من تسول له نفسه القيام بأعمال همجية لن نجني من ورائها سوي الخراب والدمار هذا إذا أردنا أن نتجاوز هذه المرحلة الخطرة التي تمر بها البلاد. حرام شرعاً أكد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن العصيان المدني حرام شرعاً ولا يقره أي دين سماوي لأنه يصاحبه تخريب يهدم البلاد ويدمرها .. فتوقف حركة العمل يزيد من مشاكل الوطن وإذا كان لابد من وجود عصيان فيجب أن يحكمه ضوابط بحيث لا تتعطل المصالح ويتوقف البناء. أهاب د. هاشم بكافة طوائف الشعب توحيد الصف من أجل النهوض بالوطن والعمل علي حل مشاكله ليس زيادتها وعلينا جميعاً أن نعلم أن نهضة البلاد لن تتحقق إلا بالسواعد المصرية المخلصة التي تبني وتعمر وتنمي ولا تخرب وتهدم وتعطل المصالح. صفات إبليس يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر إن العصيان من صفات إبليس والعياذ بالله فهو من عصي ربه وأمر بالمنكر ونهي عن المعروف .. كما أن قول الذين لعنهم الله من القردة والخنازير وعبدة الطاغوت سمعنا وعصينا لذلك أمر سبحانه المسلمين بأن يقولوا "سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" .. من هنا فإنه ليس هناك أبغض عند الله جل علاه من كلمة عصيان فهي لا تمت للمسلمين بصلة. أما عن العصيان المدني الذي يدعو له البعض فإنه مناف لشرع الله لأن الله خلقنا للعمل واعتبره عبادة والتوقف عن العمل وتعطيل المصالح ليس السبيل لتحقيق المطالب سواء كانت علي حق أو باطل لأنه يعود بالبلاد إلي الوراء إنما السبيل إلي ذلك يكون عن طريق الحوار والكلمة الطيبة. أكد د. عطية أن علي من يدعو إلي العصيان المدني عليه أن يتوب إلي الله ويحافظ علي أمن بلده ويعمل علي بنائها والنهوض بها ومساعدة المؤسسة المنتخبة في قطع الطريق علي كل مخرب يريد لمصرنا الحبيبة الدمار والتخلف والقهر.