مبني الحزب الوطني المحترق علي كورنيش النيل يثير بحالته الراهنة المخاوف بين الآثريين وخبراء الهندسة المعمارية. حيث يمثل خطراً يمكن أن يسقط بين عشية وضحاها علي المتحف المصري فيدمر القطع الآثرية الموجودة به نتيجة احتراق المبني وامكانية انهياره في أي وقت. فضلاً عن أنه يعكس صورة لعدم الاستقرار في البلاد ويضر بالقطاع السياحي والاستثمار ويقلل من مكانة مصر الثقافية في العالم. ومن ثم فقد طالب د.محمد إبراهيم وزير الآثار في مذكرة رسمية رئيس الوزراء بالعمل علي تسليم الأرض المقام عليها مقر الوطني المنحل لوزارة الآثار وتمكينها من ادخال تلك الأرض ضمن خطة الوزارة لإعادة توظيف حديقة المتحف وأرض الحزب المنحل بما يتناسب وأهميته علي مستوي العالم حيث يضم أكثر من مائة ألف قطعة أثرية. وثمة من يري أنه يجب الابقاء علي هذا المبني بهذا الوضع تخليداً لذكري ثورة يناير وشاهداً علي ثورة الشعب ضد الاستبداد والفساد وهذا المبني رمز من رموز هذا الفساد. وهناك من يري ضرورة استغلال الأرض المقام عليها مبني الوطني المنحل في مشروعات استثمارية تعود علي الدولة بالنفع وتضخ سيولة مطلوبة في مثل هذه الظروف الحرجة.. علماً بأن الأرض أصلاً كانت في حوزة الآثار قبل ان تنتقل للاتحاد الاشتراكي ومن بعده الحزب الوطني المنحل.. "المساء" التقت بعضاً من خبراء الآثار والهندسة المعمارية وطرحت عليهم القضية في التحقيق التالي: * يقول د.زاهي حواس "عالم الآثار المعروف": فكرة ان يسترد المتحف المصري الأرض المقام عليها مبني الحزب الوطني المنحل طرحت علي حكومة د.عصام شرف وقت ان كنت وزيراً للآثار بهذه الوزارة وكانت الفكرة لطارق العوضي مدير المتحف المصري آنذاك وقد كان هذا المبني للاتحاد الاشتراكي من قبل الحزب الوطني. لكن هذه الأرض في الأساس ملك للمتحف المصري الذي تم حجبه عن نهر النيل بهذا المبني الذي جرد المتحف من مظهر جمالي رائع يكتمل باطلاله علي النيل مباشرة. ورفض د.حواس الآراء المنادية بالابقاء علي هذا المبني المحترق كما هو ليكون شاهداً علي ثورة يناير. لأن المبني حالته سيئة ولا تسمح ببقائه علي هذا المظهر السييء ولابد من إزالته. مؤكداً ان المتحف محصن بشكل جيد. وليس هناك ضرر في احداث توسعات به. وان شباب الثورة حرص علي حمايته من السرقة يومي 28. 29 يناير. وان ما سرق منه قطع صغيرة ليست بأهمية باقي القطع. أكد حواس أنه لابد من المساعدة علي تحسين الصورة الجمالية وإعادة تخطيط محافظة القاهرة حتي يمكننا جلب السياح الاجانب بأكبر عدد لضخ موارد نقد أجنبي أكثر. * يوضح د.مختار الكسباني "استاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة" والمستشار السابق للأمين العام للآثار الإسلامية والقبطية ان د.زاهي حواس أول من طالب بعودة الأرض الخاصة بمبني الحزب الوطني المنحل. حتي تكون امتداداً للمتحف المصري وحديقة أثرية تجسد الثورة المصرية. وتوسيع نطاق المتحف لاستيعاب كثير من الآثار المكدسة داخله والتي يحول ضيق المكان دون عرضها علي نحو مناسب. أبدي د.الكسباني رفضه للدعوات المطالبة بالابقاء علي هذا المبني تخليداً للثورة لكونه رمزاً للاضطهاد وينبغي ألا يخلد هذا الاتجاه فهذا تشويه لأحد المعالم الاثرية ولابد ان يعود للمتحف رونقه ولا مانع من إقامة نفق يربط المتحف بنهر النيل في المستقبل. ويجب أولاً تطهير النيل من التلوث والعشوائيات التي تؤثر سلباً علي مظهره الجمالي. استبعد د.الكسباني قيام البلطجية بالاعتداء علي المتحف حال القيام بتوسعته فمن حمي المتحف أيام الثورة هم الثوار. وان وجود الباعة الجائلين بميدان التحرير واندساس البلطجية بينهم مسئولية الحكومة التي عليها ان تطهره منهم وان تبعدهم عنه. * أما فرج فضة "الرئيس السابق لقطاع الآثار الإسلامية" فيرحب بالاقتراحين وهما: اخذ مبني الحزب الوطني المنحل وضمه لحديقة المتحف المصري. أو الابقاء علي المبني كما هو لتخليد ذكري الثورة وليكون شاهداً علي الأحداث.. فلكل اقتراح منهما ما يبرره وكل الآراء تحترم. أضاف: إذا كنا نرغب في الابقاء علي المبني فنحن نحتاج لتقرير هندسي يوضح ما إذا كان المبني يتحمل الصمود أو يجب ان تتم إزالته وتطويره لشيء آخر يفيد البلد. أما إذا كان مهدداً بالانهيار في أي لحظة فذلك خطر كبير علي المتحف المصري. أكد ان مبني الوطني المنحل جزء من حديقة المتحف. وكانت هناك مطالب بضمه للمتحف نظراً لضيق الأخير وتكدس الآثار به وعدم التمكن من عرضها وهو ما يعني حاجته للتوسعة والتطوير حتي يظهر بصورة أفضل وارقي باطلالته علي النيل مباشرة وإنشاء حديقة متحفية كبانوراما تجسد ال 18 يوماً الأولي لثورة يناير وتوفير مكان للاتوبيسات التي تنقل السائحين الذين يمكنهم في هذه الحالة دخول المتحف من ناحية كورنيش النيل بعيداً عن ميدان التحرير. أوضح فضة أنه ينبغي ان تكون هناك مشروعات مستقبلية لاحداث انتعاشة للحركة السياحية الوافدة إلي مصر وألا نتوقف عند كون ميدان التحرير من الأماكن الساخنة بالمظاهرات والاحتجاجات فالأوضاع سوف تستقر يوماً ما ويجب التفكير في استخدام هذا المكان بصورة أفضل ووقت التنفيذ سوف تتغير الأمور. * يقول د.علي عبدالفتاح "استاذ مادة ميكانيكا التربة والاساسات بجامعة عين شمس": لا توجد أي مشكلة في عملية ترميم مبني الحزب الوطني المنحل فالحريق لم يؤثر علي المبني لأن عامل التمدد الحراري للحديد مختلف عن الخرسانة والاساسات لا علاقة لها بالحريق أي ان كل الطوق الاساسي للمبني هو الذي تأثر هناك شركات متخصصة في إزالة مثل هذه المباني دون إحداث أي ضرر بالمتحف المصري نهائياً. أضاف عبدالفتاح: لا توجد مشكلة في إنشاء نفق يربط بين المتحف المصري ونهر النيل لإنشاء مرسي هناك لأن هناك احتياطات لمثل هذه الأمور ولابد من دراسة المباني المحيطة بهذا المكان وهناك تقنيات لمعالجة الأرض وتأثير النفق علي جميع المرافق من مواسير مياه وصرف صحي وغاز طبيعي وكهرباء ولابد من استغلال هذا المشروع الاستغلال الأمثل ليضفي علي المنطقة مظهراً جمالياً خصوصاً ان المتحف الجديد بمنطقة الاهرامات يطل علي الاهرامات ولا مانع ان يطل هذا المتحف علي كورنيش النيل. * أشار حسن سعد الله "المتحدث الاعلامي لوزارة الآثار" إلي ان الأرض المقام عليها مبني الوطني المنحل أخذت من المتحف المصري منذ ثورة 1952 لإنشاء مبني للاتحاد الاشتراكي ثم صار مقراً للحزب الوطني. ورغم أنه تم تقديم أوراق ومستندات دالة علي ذلك لمكتب رئيس الوزراء لكننا لم نتلق رداً حتي الآن علي هذا الطلب والكرة في ملعب رئيس الوزراء. أكد سعد الله ان الابقاء علي مبني بهذا الوضع يمثل خطورة شديدة علي المتحف المصري وعلي السياح وبعد صدور قرار نهائي بهذا المبني سوف يقوم مهندسون من محافظة القاهرة بمعاينته. * أما اللواء سيف الإسلام عبدالباري "مساعد محافظ القاهرة لمنطقة غرب" فيوضح ان المبني المقام علي الكورنيش جري بناؤه بقرار جمهوري منذ سنوات علماً بإنه تم اقتطاع أجزاء كبيرة من طريق الكورنيش فيما سبق لبناء مشروعات وفنادق سياحية كثيرة ومن ثم فلا ينبغي ان تأتي الوزارة أي وزارة الآثار لتقول إن هذه الأرض ملكي ثم تأخذها فالأرض ملك الدولة ويجب ان يقام عليها مشروعات تستفيد منها الدولة. أضاف: لا يوجد مانع من توسيع المتحف المصري لكن بشرط ان يتم ذلك وفقاً لمنظومة متكاملة وتنسيق بين محافظة القاهرة ووزارة الآثار لانجاز ما يمكن ان يفيد البلد. ومن الممكن استخدام أرض هذا المبني لإنشاء مشروع سياحي فندقي.