في أعقاب بطولة أمم أفريقيا 2008 في غانا والتي شهدت هروب حارس منتخب مصر والأهلي إلي سيون السويسري كتبت مقالاً تحت عنوان "يؤتي الحكمة من يشاء" رابطاً بين موقف عصام الحضري الذي أفسد علي مصر فرحتها بانتزاع لقب بطولة أمم أفريقيا وكان اللقب الثاني علي التوالي والدخول بنا في أزمة لم يكن وقتها ولم يكن هناك ما يبررها.. وبين موقف محمد أبوتريكة الذي رفع فانلته ليظهر مكتوباً علي صدره "شعار" تعاطفاً مع غزة ورد الفعل العالمي الذي أشاد بأبوتريكة وكان سبباً في منع الكاف من معاقبته.. موقف علا بصاحبه إلي عنان السماء.. وموقف يطيح بصاحبه من فوق الأعناق ويطرحه أرضاً خاصة أنه أبحر في موقفه وراح يكيل الاتهامات للنادي الأهلي ورفض نداء المقربين منه بالعودة أو علي الأقل السكوت.. وكان بهجومه الحاد علي الأهلي يطمع في كسب تعاطف الغاضبين أو الكارهين للأهلي.. ولم يفلح لأنه كان يفتقد في كل يوم صديقاً.. وللأسف لم يتعلم الحضري الدرس وكرر السيناريو تباعاً وهرب من سويسرا والزمالك والاتحاد والمريخ.. وبات تفوق عصام مع منتخب مصر السلاح الوحيد الذي يحميه أمام الرأي العام إذا وضعنا في الاعتبار أنه الحارس الأسطورة في تاريخ مصر بانجازاته وعطائه. ولكن ما يدعو للأسف ألا يتعلم الحضري ويظل مصراً علي ارتكاب الخطأ دون أن يقرأ المشهد حوله ويعرف أن الظروف باتت تختلف عن الأمس.. وظروف اليوم أن شعب مصر تغير.. مفاهيم الجماهير تبدلت والثقافات تطورت.. التعاطف غير المنطقي انتهي عصره.. فعالم السياسة الذي فرض نفسه علي الشارع أخذنا إلي أجواء لم تكن موجودة قبل.. والظروف أيضاً تقول إن عصام الحضري لم يعد بنفس كفاءة بطولات أفريقيا 2008 و2010 و2012 بل تراجع كثيراً خاصة عندما توقف عن اللعب لفترة طويلة ولم يعد هو الحارس الأسطورة ودخل معه في المنافسة الحارسان الصاعد الواعد أحمد الشناوي وشريف إكرامي.. وبرغم ذلك ظل الحضري هو حارس مصر الأوحد وفي آخر مبارياته مع المنتخب اهتزت شباكه بأربعة أهداف أمام كوت ديفوار وكان المنتخب يلعب بصفوفه مكتملة.. ولا أعرف ماذا يريد وما هذا الطمع الذي يسيطر عليه. إن الحضري لن يتغير ولكن رد الفعل حوله هو الذي سيتغير.. فلو غاب الحضري بهذه الطريقة لن يعود وتكون نهايته مع المنتخب نهاية مأساوية مثلما كان حاله مع الأهلي ولن يقف مع الحضري سوي فكره الذي يغلبه ويقوده للوراء.. وللأسف لو أن ظروف مصر طبيعية لنال عصام عقوبة مغلظة لعدم حضوره عشاء السفير.. إنها جريمة.. ولكن كم من الجرائم ترتكب ولا يعاقب صاحبها. وكما قلت يؤتي الحكمة من يشاء.. والحضري مهما غاب وعاد.. تغيب عنه الحكمة ويبدع في اختلاق الأزمات وكأنه يضع بالونة اختبار.. ولكنها تنفجر في وجهه.. ومن جديد ينظر عصام لنفسه ولموقفه ولزميله محمد أبوتريكة الذي يستقبل استقبال الفاتحين في الإمارات.