فجر مفتش آثار الأقصر مفاجآت مثيرة في واقعة رفضه تسليم تمثالي الملك أمنحتب الثالث للمسئولين بوزارة الدولة لشئون الآثار إلا بعد الحصول علي تعويض مناسب. القضية التي أثارت الجدل خلال الأيام الماضية بالمحافظة السياحية الأقصر وكانت حديث الساعة كشف عنها بطلها مفتش الآثار بالأقصر محمد خليل الذي تم اتهامه هو وشقيقه حسان بالتحفظ علي تمثالين أثريين للملك أمنحتب الثالث رفضا تسليمهما لمنطقة الآثار إلا بعد الحصول علي تعويض مادي عنهما أو قطعة أرض كبيرة ضعف قطعة الأرض التي يمتلكانها والتي يتواجد فيها التمثالان.. و"المساء" انتقلت إلي مكان التمثالين والتقت بمفتش الآثار الذي نفي كل الاتهامات التي وجهت إليه بالتحفظ علي التمثالين ورفض تسليمهما قائلاً: أنا مش بلطجي ولا حرامي آثار أنا راجل أثري واعرف قيمة الآثار كويس ولا يمكن ان أقوم بسرقة تاريخي وحضارتي مشيراً إلي أن الواقعة علي عكس ما تناولتها وسائل الإعلام تماماً لأنها نقلت وجهة نظر واحدة ولم تستمع للرأي الآخر ولم يقم أي شخص بالاتصال بي لفهم حقيقة ما يدور فأنا مظلوم وبعض المسئولين بالآثار يريدون تحقيق مكاسب شخصية علي حسابي وحساب أرضي وهذا ما لا أقبله. أكد انه لم يطلب أي أموال أو أرض زراعية ضعف مساحة أرضه كما تردد وإنما طلب حقه المشروع فقط الذي لا يختلف عليه أحد وهو أعطاؤه قطعة أرض بديلة إذا ما تم أخذ أرضه التي بها بقايا التمثالين. وأمام التمثالين المتواجدين بأرضه بالقرب من معبد مرنبتاح وعلي بعد عشرات الأمتار من تمثالي ممنون بالبر الغربي قال مفتش الآثار: إن أرضه به بقايا التمثالين وليسا تمثالين كاملين وتم الكشف عنهما منذ فترة الثلاثنيات من خلال بعثة برئاسة الدكتور كمال دروش وهما علي أرضه وأرض أجداده التي تبلغ مساحتها حوالي فدانين ونصف الفدان بحوض الصمنات الذي تبلغ مساحته حوالي 200 فدان ومنذ أن تم اكتشافهما من قبل البعثات العاملة في مجال التنقيب وهما لم يتحركا من مكانهما لأن التمثالين عبارة عن مجموعة من الأحجار مخفية الملامح نتيجة كونهما داخل أرض زراعية وتعرضا للماء والتربة الطينية مما أدي إلي تفتتهما وبقائهما علي هذا الوضع ولم يتم زراعة مساحة كبيرة من الأرض منذ ذلك الوقت بسبب الحفائز. أضاف يبلغ بقايا طول التمثالين إذا ما تم تركيبهما 14 متراً ولا يوجد بالأرض آثار سواهما حسبما أفادت البعثات الأثرية العاملة بالمنطقة والتي قامت بعمل مجسات وحفائر في الأرض ولم تكشف عن شيء سوي تمثالي امنحتب الثالث داخل أرضي وفيما يعتقد انه كان لهما بوابة في الناحية الشمالية بالطوب اللبن تدمرت تماماً ولم يبق منها شيء وبعد ذلك قامت البعثة المصرية في الأربعينيات العمل في المنطقة وفي السبعينيات أيضاً وفي عام 2010 استكملت البعثة المصرية بإشراف الدكتور زاهي حواس وبرئاسة عمر أبوزيد أعمال التنقيب والبحث في المنطقة وقمت بوضع أرضي رهن تصرف البعثة دون أي مقابل رغم انهم قدموا لي عرضاً باستئجار الأرض أو دفع أموال مقابل استغلالها حتي الانتهاء من عملهم إلا أنني رفضت تماماً الحصول علي أي مقابل نظير قيامهم بأعمالهم داخل أرضي حتي ينتهوا من أعمال الحفر والتنقيب وترميم التمثالين لأنه عمل وطني ولا نقبل علي أنفسنا أخذ مقابل عن شيء فيه مصلحة عامة للجميع رغم ان هذا فيه ضرر لي ولمحصول الأرض ويسأل في هذا الشأن البعثة المصرية التي عملت بالمنطقة. رغم وجود عدد من أصحاب الأراضي بجواري الذين حصلوا علي مقابل مادي نظير أعمال التنقيب والحفر التي تجري بالمنطقة إلا أنني رفضت المقابل المادي. قال: عقب انتهاء البعثة المصرية من العمل ظل التمثالان بالأرض علي مساحة حوالي أربعة قراريط يحرسهما خفير معبد مرنتباح ويدعي إبراهيم سيد أحمد والأرض غير مستغلة حتي الآن وأملك تكليفها وحيازتها ولم أقم بوضع سور حولها أو بنائها فالتمثالان موجودان أمام الجميع وفي مكان مكشوف لم اتحفظ عليهما. أضاف: فوجئت منذ فترة قريبة من خلال عملي كمفتش للآثار انه سيتم اسناد أعمال الترميم للبعثة الألمانية رغم ان كشف وترميم التمثالين في الأساس من صميم اختصاص البعثة المصرية التي تمتلك أوراقاً بحقوق الملكية والكشف عن التمثالين ويشير خليل إلي وجود شيء ما غير مفهوم يدور خلف الكواليس حول قيام البعثة الألمانية بأعمال الترميم وإسناد العمل إليها وترك البعثة المصرية التي بذلت مجهوداً كبيراً في هذا العمل. قال خليل إن الدكتور محمد عبدالمقصود نائب رئيس قطاع الآثار المصرية التقي بنا خلال الأسبوع الماضي ودار حديث حول الأرض وعرض علينا تعويضاً مناسباً مقابل أخذ الأرض وطلبنا اعطاءنا أرضاً في جبل الطارف مقابل أرضي التي بها التمثالان ورفضنا أخذ مقابل مادي إلا أنه رفض تماماً وقال "سننزع ملكية الأرض" وفوجئا بعد ذلك بما نشر في وسائل الإعلام حول احتجاز التمثالين وطلب ملايين مقابل تسيمهما لوزارة الآثار وهذا غير صحيح بالمرة فأنا عرضت أرضي مقابل عمل البعثة مجانا ولم أطلب أموالاً أو إيجاراً رغم الخسائر التي لحقت بي من عدم استغلال الأرض كما انني لم أطلب غير حقي لأن الواقعة علي عكس ما نقل. تابع قائلاً: هناك مقترحان الأول ان يتم رفع التمثالين من أرضي وإخراجهما إلي المنطقة الأثرية بمعبد مرنبتاح وهذا لا يمثل مشكلة علي الإطلاق ولا يسبب لي أي ضرر كما انني لا أطالب بأي تعويض في هذه الحالة والمقترح الثاني ان تؤخذ مساحة كبيرة من أرضي حوالي 13 قيراطاً لعمل حيز للتمثالين ووضعهما داخل هذه المساحة ولا يحق لي بعدها الأرض وفي هذه الحالة أطالب بأخذ تعويض مناسب عبارة عن قطعة أرض مقابل أرضي واعتقد أن هذا حق مشروع فأنا لن أفرط في أرضي لأن التفريط في الأرض تفريط في العرض. تعجب خليل من الأقاويل التي ترددت حول طلبه ملايين الجنيهات مقابل تسليم التمثالين وقال إنه قدم بلاغات ضد هذه الادعاءات الباطلة وسيقوم برفع دعوي قضائية ضد الدكتور محمد عبدالمقصود لانه لم يقل ذلك بل وضع أرضه تحت تصرف البعثة بدون أي مقابل. تساءل قائلاً: كيف احتجز تمثالين وأنا مفتش أثري ولم يتم القبض علي ولم يصلني أي بلاغ حول قيامي باحتجاز التمثالين وتفاوضت مع العميد حسني حسين مفتش مباحث السياحة بجنوب الصعيد الذي تفهم موقفي تماماً وأكد مواصلة عمل البعثة الألمانية ابتداء من اليوم واستكمال أعمال الترميم. وشدد علي انه في حالة نزع أرضه فإنه سيطالب بتعويض مناسب أسوة بغيره من أصحاب الأراضي الذين تم أخذ أرضهم وتعويضهم عنها بأراض في جبانة الطارف. لفت إلي أن السيدة هوريك سورزيان مدير البعثة الألمانية العاملة بترميم التمثالين أكدت له ان البعثة لن تقوم بعملها داخل أرضه إلا بعد اعطائه تعويضاً مناسباً خاصة بعد أن علمت انه لم يأخذ أي مقابل من البعثة المصرية التي عملت من قبل داخل أرضه. أشار إلي أنه خلال لقائه معها أكد لها انه لو تم نصب التمثالين خارج أرضه فإنه لا يريد أي تعويض لانهم في هذه الحالة لن يأخذوا أرضه أما إذا أخذوا أرضه ونصبوا فيها التمثالين فإنه يريد تعويضاً مناسباً. اختتم محمد محمد خليل مفتش الآثار ذو ال 33 عاماً حديثه بأنه إنسان متعلم خريج كلية الآداب قسم الآثار يعمل مفتشاً للآثار منذ عام 2002 وعمل في عدة مناطق أثرية منها دارع أبوالنجا ومعابد مرنبتاح وهابو والمنطقة الوسطي ووادي الملوك ويعمل حالياً بمركز الزوار بوادي الملوك وطول فترة عمله لم يثبت عليه أي واقعة ابتزاز أو استغلال لمهنته بل انه حريص علي آثار وتاريخ بلده ويضحي بأرضه من أجل المصلحة العامة وطبيعة عمله تقتضي ان يحافظ علي الآثار لانه يقدر قيمتها مضيفاً انه إذا كان كما أشيع انني أتحفظ علي التمثالين أو أرفض تسليمهما فلتقم الشرطة بالقبض عليّ أو أخذ التمثالين من أرضي. إبراهيم أحمد سيد حارس معبد مرنبتاح وتمثالي أمنحتب قال: إن احتجاز التمثالين أمر غير منطقي لأن أحجامهما وأوزانهما كبيرة ولا يعقل أن يقوم أحد بذلك خاصة وان الأرض مكشوفة وغير محاطة بأي أسوار مشيراً إلي أن الأهالي في القرنة يقدرون قيمة الآثار وانهم احبطوا قبل ذلك في عام 2008 محاولة سرقة بقايا التمثالين. قال الدكتور منصور بريك المشرف العام علي آثار الأقصر إن التمثالين للملك أمنحتب الثالث أحد ملوك الأسرة ال 18 وسبق اكتشافها في الثلاثينيات من القرن الماضي وأعيد الكشف عنهما في عام 2010 وهما من التماثيل ذات الأهمية الكبري ويبلغ طول الواحد منهما عند ترميمهما 14 متراً.