لمن تخضع القوي الشعبية الغاضبة في الشوارع والميادين ومن يحركها بهذه الطريقة العنيفة الدموية؟ وهل سيكون الحوار الوطني ووثيقة الأزهر كفيلين بكبح جماح هذه القوي الثائرة؟! وهل نستطيع القضاء علي مخططات التدمير واستباحة الدماء أم سيزداد الموقف تأزماً واشتعالاً؟ تساؤلات كثيرة فجرتها الأحداث الدامية التي تعيشها مصر منذ قرابة أسبوعين. علي أي حال فمحاولات الإصلاح وإن كانت دائماً في بلادنا تأتي متأخرة بعض الشيء لكنها قد تكون خطوة بشرط حسن النوايا واتفاق نظام الحكم والمعارضة لعلاج خلل لم يصنعه فقط النظام السابق فقد كشفت الأحداث الدامية أننا نعاني من خطايا أنظمة الحكم في مصر التي لم تجرف مصر من ثرواتها المادية بل أضعفت الشخصية المصرية وأضاعت القيم والمبادئ والأخلاقيات. لن ينسي التاريخ أن انظمتنا الحاكمة اساءت للإنسان المصري وتركته فريسة للإهمال والجهل والفقر فوصلنا للحال الذي نحن عليها الآن من فرق وشيع متناحرة تستبيح الدماء والموت بلا رحمة. ربما تكون الوثيقة طوق النجاة فلم نعد في ترف البحث عن بدائل أخري فالاجواء المحمومة مأساة تدمر الوطن والمصلحة العامة تقتضي أن يتعامل الجميع بجدية للخروج من الواقع المؤلم الآن لابد أن يتحركوا جميعاً خطوة للأمام المسئولية أمام الله والوطن تفرض عليهم ذلك وليتذكروا جيداً أن مصر لم تعد تعيش أزمة سياسية فقط بل أزمات اقتصادية واجتماعية مركبة والاحباط واليأس يجتاح النفوس وهنا مكمن الخطورة فالبديل موجات ثورية أشد عنفاً وألماً والمسميات كثيرة من ثورة غضب أو ثورة جياع أو ثورة مضادة وكلها تؤكد أن القادم أسوأ لا محالة. ومشاعر الغضب واليأس والإحباط ملأت نفوس المصريين والرغبة في الثأر أو الموت سادت بصورة غير مسبوقة. أعود لأؤكد أننا لا نريد أن نشعر بخيبة أمل خاصة أن المبادرات والحوارات السابقة لم يكن النجاح حليفها لكن مازالت هناك فرصة أخيرة لتفعيل مبادئ وثيقة الأزهر لإعادة الاستقرار والهدوء ونبذ العنف والأهم حماية الدولة وصيانة الحقوق والحريات. أتمني أن تستوعب النخب في مصر هذه الوثيقة وكل مبادرة جادة وصادقة تصون الوطن وتحفظ حرمة الدماء وتعيد لمصر وجهها الحضاري وللشخصية المصرية كيانها وثقافتها وإبداعها حتي لا نظل نحتل المقدمة في إضاعة الفرص ونلهث بحثاً عما يعرف قيمة وقدر مصر أو نظل ندور في فلك الماضي ونترك الوطن يعاني المرض والضعف. القانون البلطجة والقتل والتخريب توكد أننا نعيش زمن سقوط وانتهاك القوانين. في النظام السابق كنا نري الكبار فقط فوق القانون الآن أصبح الجميع ينتهكون القانون جهاراً نهاراً بلا رادع. في ظل ضياع القوانين من المؤكد أننا لن نصل إلي بر الأمان ولن نكون في مصاف الدول المتقدمة. الفوضي الشيخ بدر الدين حسون المفتي السوري قال إن الأوضاع في بلاده تسير نحو الأفضل وأشار إلي أن الثورات العربية أزاحت الديكتاتوريات وأضاعت الشعوب مضيفاً أن التغيير في تونس انتهي إلي الفراغ وفي مصر إلي الفوضي أجد السؤال يطرح نفسه هل هذه صورة مصر الآن في عيون الآخرين لقد منحنا الفرصة بأيدينا لكي يسئ البعض إلينا ولا يسعني إلا أن أقول حفظ الله مصر وحماها من شر الفوضي. كلمة أخيرة الصراع والعراك لن يبني الوطن ولن يكون هناك منتصر أو مهزوم علي الساحة.. فالكل خاسر ومدان أمام التاريخ.