مع إشراقة العام الثالث لثورة 25 يناير. عيون المصريين خاصة البسطاء تتطلع إلي غير أكثر اشراقا. واعمال تلبي طموحات هؤلاء الذين يشكلون معظم ابناء شعبنا وتطلعاتهم ليست كثيرة. ولا يأملون إلا في لقمة عيش يحصلون عليها بسهولة وبلا معاناة وفي عمل في حدود الامكانيات المتاحة يتكسبون منه أرزاقهم كما يتطلعون إلي انهاء حالة الفوضي والانقسام التي عاشتها البلاد علي مدي عامين ويحدوهم الأمل في أن يتم القضاء علي ما يجري بالشارع من أعمال لقطع الطرق وتعطيل العمل والإنتاج بسرعة ودون أي معوقات فقد فاض الكيل ويكفي ما جري في يوم الأربعاء الماضي من ارتباك وتعطيل لمترو الانفاق وقطع طريق 6 أكتوبر والآمال تتراقص في العيون أن يكون العام الثالث أكثر ايجابية وتلبية للمطالب. تلك هي مطالب متواضعة.. لكن للأسف فالصورة تبدو ملبدة بالغيوم من كل جانب الفرقاء في شغلهم فاكهون. الدعوة لمليونيات علي أشدها. المنصات في ميدان التحرير تنصب بالعاصمة والدعوات للتظاهر في سائر المحافظات ولا أحد يلتفت إلي تدهور حالة الاقتصاد والأسعار التي ترتفع بلا ضوابط وضعاف النفوس ينتهزون هذه الفرصة لتحقيق مكاسبهم عن طريق الجشع والحصول علي أرباح كما ان الفصائل والقوي السياسية تسيطر عليها حالة الانقسام. أعضاء جبهة الانقاذ يسعون لحشد المليونيات كما ان حزب التجمع قد وجه للملايين من أجل التظاهر في الميادين مهاجما سياسة الاخوان المسلمين التي لم تحقق العدل الاجتماعي ومشيرا في بيانه إلي غلاء الاسعار وعلي نفس الطريق يمضي حزب الوفد حيث يشارك في المظاهرات من أجل تحقيق اهداف الثورة كما يبدو عدم التوافق بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي. التراشق بالكلمات علي أشده بين هؤلاء جميعا وتبدو الصورة مليئة بالتناحر وكل المؤشرات لا توحي بأي اتفاق أو أي مبادرة للوصول إلي هدف واحد. وسط حالة الانقسام ودعوات التظاهر نجد جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ذراعها السياسية تتجاهل هذه الدعوات للتظاهر وتدعو لحملة تتضمن نظافة القري والدعوة إلي ضرورة العمل والانتاج علاوة علي زراعة مليون شجرة احتفالا بيوم 25 يناير وكذلك اقامة مهرجان رياضي لتنشيط الشباب والحفاوة بهم أمام الحديقة الدولية. هذه هي صورة ما يجري علي الساحة ولا يفوتنا ان نشير إلي الالتراس ما بين أهلاوي وبورسعيدي وحالة الترقب التي تسود الساحة انتظارا لما يجري في ساحة القضاء حول احداث مجزرة بورسعيد كما يجب الا يغيب عنا الاشتباك بين الحكومة والقضاء بسبب أزمة النائب العام. كلها أمور تثير القلق والخوف يملأ الصدور من ان تتحول مظاهر استقبال العام الثالث للثورة إلي أعمال شغب وتدمير واعتداءات علي ممتلكاتنا ومنشآتنا العامة والخاصة. ابناء مصر من اقصاها إلي اقصاها تعيشون في خوف وتنطلق الدعوات بأن يحفظ الله مصر من كل سوء ويلهج الجميع بنداء إلي رب العباد ان يهدي كل الفصائل ويهييء الاسباب لجميع الصفوف وتوحيد الكلمة والابتعاد عن العنف والتطرف!! حقيقة فإن المواطن البسيط يشعر بالخوف من هذه الاحداث التي تلوح بوادرها في الأفق وليس هناك أي دعوة أو مبادرة تنطلق للتوافق وكأن كل المبادرات قد خبأت جذوة حماسها. وقد نقل لي جانبا من هذه المخاوف اثنان من سائقي سيارات الأجرة باعتبارهما يعايشان الكثير من مختلف الفئات والطوائف. أحدهما ابدي قلقه وتخوفه من الاحداث قائلا يكفي ما تعرضت له من جانب البلطجية فقد استقل السيارة معي اثنان ذات صباح وطلبا التوجه إلي منطقة القليوبية وفي الطريق أشهرا السلاح الأبيض والمسدس في وجهي وطلبا تسليم السيارة. قلت وماذا فعلت؟ قال: علي الفور تركت لهما السيارة حتي التليفون تركته أيضا. قلت: ولماذا؟ قال: لكي اتصل بهما واعرف ماذا يريدان وخوفا علي نفسي من ان اتعرض لاعتداء يتسبب في عاهة مستديمة أظل أعاني بسببها ثم اردف قائلا: بالفعل انطلقا بالسيارة وبعد فترة اتصلت بهما وتم الاتفاق علي دفع مبلغ لهؤلاء مشيرا إلي بلدة في القليوبية تأوي هؤلاء وتم استلام السيارة. سائق ثان قال في لهفة نريد انهاء حالة وقف الحال ان الهموم تطاردنا من كل جانب الأعباء الأسرية وكذلك الاقساط المستحقة للبنك. تلك هي مخاوف بعض الأفراد الذين يعيشون حركة الحياة بصفة يومية. الرعب يملأ الصدور خشية من تطور الاحداث واشتعال لهيب الغضب وناهيك عما يجري ويتعرض الكثير من أبناء الأقاليم من جرائم علي ايدي البلطجية وقطاع الطرق ولا يجب أن ننسي ما تعانيه الشرطة من حالة الانفلات ومطاردة المتهمين بارتكاب الجرائم ومختلف الاعمال الاجرامية لتجار المخدرات وغيرهم بالإضافة إلي متابعة وحماية المظاهرات والاحتجاجات الفئوية. تلك هي المخاوف التي تسود كل الأوساط والجميع يضع يده علي قلبه خوفا من تفاقم الاحداث بصورة تلتهم الأخضر واليابس. ولا شك ان أي مواطن غيور علي بلده ويعشق ترابها لا يرضيه ما تنوء به الساحة من أحداث تثير المخاوف إذ ان الأمر يتطلب عدة أمور في مقدمتها دعوة من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية باعتباره رئيسا لكل المصريين تتضمن اطلاق مبادرة للمصالحة الوطنية بين كل الفصائل والقوي السياسية. بالإضافة إلي عقد لقاءات مباشرة مع قادة هذه الفصائل والقوي السياسية والاستماع إلي مطالبها بكل رحابة الصدر ولا مانع من وضع جدول يشتمل علي نقاط محددة يجري حولها الحوار والآمال معقودة علي هذا الرجل باعتباره أول رئيس منتخب ولا يغيب عن الخاطر تلبية مطالبة رجال القضاء. * كل الفصائل والقوي السياسية يجب أن تبادر إلي أي دعوة أو مبادرة للم الشمل وتوحيد الصف والابتعاد عن الانشقاق والانقسام وليتنا جميعا ندرك ان تفاقم الاحداث ليس في صالح أي طرف من الاطراف. ان نيران الغضب إذا انفجر بركانها فسوف يكون اللهيب شديد الخطورة. * التحديات التي تواجه مصر متعددة الجوانب ولا سبيل إلي مواجهتها إلا وحدة الصف والعمل بروح الفريق لتجاوز هذه الفترة الانتقالية العصيبة التي يجتازها الوطن ولا يجب أن يغيب عن خاطر الجميع انه لا بديل عن العمل وازالة معوقات الانتاج وليدرك ابناء مصر ان سواعدهم هي التي تبني البلاد. في النهاية دعوات من القلب ان نري استجابة من كل الفرقاء تلبي طموحات شعبنا وتنزع فتيل الأزمات والغضب. يا سادة حان وقت العمل وكفانا انقساما وحربا كلامية.. حفظ الله مصر من كل سوء.