في كل لجة من الظلام الدامس. والفساد الطاغي. تري ومضة ضوء تسطع. وكلمة حق تنطلق.. هذه الومضة. وهذه الكلمة إنما هي أهل العلم والثقافة. فمع اعتراك أصحاب المصالح السياسية والذاتية من الساعين لحكم مصر. تضطرب بوصلة الحقيقة. وتتجاذب الأهواء أطراف الوطن وثوبه حتي تكاد تمزقه تمزيقا.. لكنا نلمح هذا الومض وهذا القول الحق وسط هذا اللغط وهذا الفساد وهذه الجهالة. في زمن ما قبل ثورة 23 يوليو كان الفساد السياسي قاعدة صلبة. وكان الخنوع للملك وللاستعمار العنصري ظاهرة عامة. تفرز غالبا برلمانات خانعة طيعة.. لكن يتسرب من حين لآخر مشعل حرية وصوت قاطع بالحق.. فرأينا مثلا وسط برلمان الوفد أي الذي كان يسيطر عليه الوفد بعد ثورة 19 هذا العملاق عباس محمود العقاد عضوا في البرلمان. بدعم وإيعاز ومباركة من سعد زغلول.. فكان واحدا من أكبر مثقفي مصر والعرب عضوا في ذاك البرلمان . لكنه لم يلتحق به بجهده الخاص ولا جماهيريته فليس وسط الشعوب الأمية جماهيرية للمفكرين!! بل حمله سعد زغلول علي جناحيه. وزكاه ووضعه فوق قوائم حزبه واسع الانتشار . فدخل العقاد البرلمان. وكان عند حسن ظن كل الوطنيين فيه حينما هدد بقطع رأس الملك. بصفته رأس الفساد في هذا البلد!! واقتيد العقاد من البرلمان الي السجن!! وتكررت تجربة الدفع بمثقف أو أكثر الي ساحة البرلمان في عدة انتخابات أخري. بدعم من الساسة المحترفين الأذكياء.. فكان مثلا الراحل سعد الدين وهبه عضوا بمجلس الشعب أوائل سنوات الحاكم المخلوع. وبدعم من النظام نفسه. وكان قطب ثقافي آخر مناقض لاتجاه سعد الدين وهبه: الناصري اليساري. عضوا في مجلس الشوري. بل وكيلا للمجلس . وهو ثروت أباظة أيام المخلوع كذلك.. وكأنهم أرادوا قبل أن تغلبهم عنجهية السلطة وغرور القوة. أن يزينوا باقة نظامهم ذلك بالمثقفين من عدة تيارات. كان ذلك التصرف حدا أدني للوعي السياسي والحسابات الواقعية الذكية: ألا يهمل المثقف كعقل للوطن ووجدان للشعب. في هذه الكيانات السياسية التي قيل إنها منتخبة.. فما الذي نراه الآن بشأن النظر إلي المثقفين؟! نري إهمالا متعمدا بعد ثورة 25 يناير بل ربما عداء مستحكما تجاه الثقافة والمثقفين.. ونري العداء يسير في خط مستقيم. ونلمحه الآن من كل التيارات تقريبا. في المعركة الانتخابية المشتعلة حاليا حول "مجلس النواب". أين الأدباء والمثقفون علي قائمة كل الكيانات السياسية الكبري الآن؟! المؤشرات كلها تجيب: لا أحد!! ألا يقود هذا الوضع الظلامي كل مثقفي مصر إلي إقامة "تكتل للمثقفين" يقود حملة انتخابية لهم في مجلس النواب القادم . وأن يتوحدوا في قائمة انتخابية كمثقفين من كل التيارات بعيدا عن التقسيم السياسي والديني؟!!