الانقسام السياسي والصراعات والاحتقانات كانت عنواناً مثيراً لعام 2012 الذي مرَّ كالجبال علي قلوب المصريين الذين اعتصرهم الخوف والقلق من المستقبل في ظل مرحلة انتقالية كانت أكثر مما ينبغي لا لشيء إلا لأن البدايات الخاطئة دائماً ما تقود لنهايات مأساوية. مر العام ثقيلاً بأحداث ومنعطفات خطيرة.. وهو ما يجعل المصريين يستقبلون عامهم الجديد "2013" بدعوات مخلصة أن يتبدل خوفهم أمناً. وصراعاتهم وانقساماتهم توحداً وأن تختفي كل مظاهر الانقسام والتوتر وأسبابها. وأن يتوقف نزيف الاقتصاد والمجتمع جراء ممارسات خطيرة لم تشهدها مصر علي مر تاريخها..!! "المساء" استطلعت في التحقيق التالي آراء بعض رموز القوي السياسية والحزبية لمعرفة آرائهم وتطلعاتهم السياسية في العام الجديد وكيف تخرج مصر من أزمتها السياسية والاقتصادية؟! في البداية.. اتفق رجال السياسة والأحزاب علي أن الدور الأكبر بالبلاد في هذه المرحلة يقع علي عاتق رئيس الجمهورية باعتباره رئيساً لكل المصريين. وعليه أن يصبر عليهم ويمد لهم يده حتي تذوب الخلافات وتتعاظم القواسم المشتركة. وتتم المصالحة الوطنية ويجتمع شمل القوي السياسية علي كلمة سواء بالحوار والتنازل والتوافق من الجميع. * يقول د. مصطفي النجار "عضو مجلس الشعب السابق": إن الاستقطاب السياسي من القوي المدنية والتيار الديني كان أحد أكبر المشاكل التي مررنا بها العام الماضي. ولجوء البعض إلي التخوين لمجرد الاختلاف في الرأي وهو ما أثر سلباً علي الوضع السياسي. أضاف: غياب الأولويات واضح لدي جميع القوي السياسية فيما يخص الاقتصاد.. والانشغال بالصراع علي أمور أخري لن يستفيد منها شعب مصر. والانفلات الاعلامي المفرط توظيفه كأداة للصراع السياسي كان له أشد التأثير علي فكر وقناعات الشعب المصري. أكد النجار علي ضرورة تهيئة المناخ الجيد لجذب الاستثمارات لمصر ولن يتأتي إلا بالقضاء علي الخطاب المتطرف والتهديدات التي استشرت في الآونة الأخيرة وسن تشريعات اقتصادية تفتح الباب لاستثمارات كبري والاهتمام بالسياحة لقدرتها السريعة علي ضخ عملات أجنبية لمصر تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد والنمو الاقتصادي في القريب العاجل. أضاف النجار : يجب أن تكون هناك حلول أخري بديلة عن فرض ضرائب جديدة علي المواطن الذي لن يمكنه تحمل أعباء إضافية مع استمرار حالة الغلاء الموجودة داخل المجتمع وضعف مستوي الأجور ومن ثم ينبغي ألا يتحمل المواطن فاتورة الاصلاح الاقتصادي. وجه النجار رسالة للمعارضة وطالبها بأن يكون لها مشروع سياسي حقيقي للنهوض بالدولة ورفع مستوي معيشة الأفراد وألا يكون مجرد السعي للسيطرة علي السلطة. فالشعب يريد خططا تفصيلية وتصورات كاملة للنهضة وقد ملَّ من حالة الاقتتال السياسي التي تؤخر مصر وتدفعها للوراء. وأن توحد المعارضة في صف واحد يخلق حالة من التوازن علي الأرض. * أما المهندس محمد عامر "قيادي بحزب الحرية والعدالة": فيتمني أن يستوعب الجميع درس الديمقراطية الحقيقية الذي هو رسالة من الشعب للقوي السياسية كافة. كما يتمني أن يخرج مجلس النواب الجديد بالقوة الحقيقية المعبرة عن إرادة وطموحات الشعب المصري وجميع الاتجاهات والميول السياسية ليتنافس الجميع تحت قبة البرلمان. أضاف: بعد الاستقرار السياسي يأتي الاقتصاد الذي يتأثر بالسياسة. فالاستقرار يخلق فرصاً كبيرة لعودة الاستثمارات لمصر مرة أخري ودعا المصريين لاستثمار أموالهم داخل مصر لأنها تحتاج إليهم بشدة. قال عامر: حتي الآن لا نعرف ما هي المعارضة ولا الأغلبية وسوف نعرف ذلك بعد تشكيل مجلس النواب الذي سوف يحدد لمن ستكون الأغلبية ومن سوف يجلس في مقاعد المعارضة. والوضع الآن متخبط. وجه عامر رسالة للشعب المصري مفادها أن يتحمل الكل مسئوليته وألا يكثر من المطالب الفئوية التي تعرقل الانتاج ولو لمدة عام واحد. وسوف تظهر النتائج سريعاً. وطالب الحكومة بأن تخصص في الموازنة الجديدة ما يسمح بتطوير الصحة والتعليم اللذين يحتاجان لكثير من الجهد والموارد. * يقول كمال زاخر "ناشط سياسي ومنسق التيار العلماني": مع بداية العام الجديد لا بد أن يضع الجميع نقطة ومن أول السطر. فالجملة التي مرت في العام الماضي كانت طويلة جداً وصعبة علي كل المصريين. علي جميع المستويات. ولابد أن تكون هناك نظرة مختلفة للأمور. سطر جديد نكتبه معاً وننسي القواعد القديمة للعبة السياسية من الصراع علي السلطة. إلا فلن يكون هناك فائز وخاسر بل سنسلم الوطن للفناء ولن يجدي مع ذلك أي كلام. أضاف زاخر: أتمني من السلطة الحاكمة أن تكون علي قدر كبير من المسئولية لأن عليها عبئاً كبيراً للنهوض بالبلاد في المرحلة المقبلة وهي مرحلة لن تكون سهلة وأن تكون أكثر حسماً في التعمل مع الخارجين علي القانون ومثيري الشغب ومن يحاصرون مؤسسات الدولة فلا يمكن التعامل بمبدأ "سيب وأنا أسيب" لأنه لن يكون مجديًا في المرحلة المقبلة. أكد زاخر مع ضرورة بناء جدار من الثقة بين أفراد الشعب. وأن يصدر الوزراء قرارات مدروسة. ويجب اعادة هيبة الدولة بشكل موضوعي. فالأمن هو أساس بقاء أي بلد. والأحداث التي مرت بها مصر كشفت عن غياب للمهنية والحرفية للشرطة. وهو ما يتطلب حلاً عاجلاً وأن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب. واعادة هيكلة معاهد الشرطة التي تتخرج فيها هذه الكوادر. * د . يسري حماد "نائب رئيس حزب "الوطن" تحت التأسيس" يتمني من رجال السياسة أن يتقوا الله في مصر وشعبها. الذي يستحق أن يقدموا له أفضل ما عندهم. وأن يفكروا في بناء مصر قبل التفكير في بناء كياناتهم الحزبية. كما وجه رسالة للشعب المصري الذي يستحق الريادة لاسيما أن أبناءه أسهموا في إعمار الدنيا كلها. بأن يتعلم كيف يعمل بجماعية. طالب حماد رجال الأعمال والاقتصاد بأن يكون لهم دور كبير في في المرحلة القادمة للنهوض بمصر. بخطط وضحة المعالم. وجه حماد اعتذاره نيابة عن الحكومة للشعب. فلم يلمس لها رؤية واضحة ولا خطة عمل حتي الآن. أما المعتصمون في الميادين فوجه حماد لهم نداءً بأن الثورة والتظاهرات قد انتهت. وما نريده الآن أن نتكاتف معاً وأن تتوحد قلوبنا وسواعدنا لإعمار مصر. أكد حماد أن قطاع السياحة عليه دور كبير في المرحلة المقبلة وأن رجال السياحة قصروا كثيرا في إدارة هذا الملف ولم يكونوا مبدعين ولا خلاقين ويجب ألا يتذرعوا بالاعتصامات فجميع أماكن السياحة بعيدة عن الاعتصامات لكنهم لم يهتموا بتنشيط السياحة الداخلية. قال حماد: إن للاعلميين دوراً كبيراً في المرحلة القادمة أيضاً وقد أداروا الملف الاعلامي بصورة سيئة ولم يشاهد العالم سوي صورة سيئة في بضع بقاع من مصر. ولم يحاولوا إظهار صورة إيجابية مما أدي لتشويه صورتها في الخارج. وأساءوا لأنفسهم قبل أي شخص آخر. وجه حماد رسالة لرئيس الدولة قائلاً له: إن صلاحك صلاح للجميع وحسن اختيار الشخصيات من أهم العبادات التي تسأل عنها يوم القيامة. فلا تجامل أحداً ولا تضع أي شخص في منصب لست مقتنعا به. * يقول المهندس باسل عادل "عضو جبهة الانقاذ وعضو مجلس شعب سابق": أتمني من الرئيس مرسي أن يتعلم من أخطاء الفترة السابقة ويحاسب نفسه عن الشهور التي أعقبت انتخابه رئيساً للجمهورية ويعلم جيداً أن الله ولاه كرئيس علي كل المصريين وليس علي جماعة بعينها. أضاف عادل: كما أتمني أن تعلم جماعة الإخوان أن مصر ليست بلدكم فقط. وقد أخطأتم الحسابات. فمصر بها مقاومة شديدة ولن يكون هناك معاودة لاحتكار تيار بعينه للأمور في البلاد وعلي السلفيين أن يدركوا أنهم قوة مستقلة يجب أن تكون مواقفهم وآراؤهم لهم فقط ليست تطبيقاً لفكر الإخوان. أكد عادل أنه يتمني من المعارضة ألا تكون طرفاً للاختلاف وأن توحد صفوفها في القوائم الانتخابية المقبلة. فقد أصبح هذا واجبا وطنيا. ومن لم يؤد هذا الواجب يعد خائناً. وعلي المعتصمين أن يستمروا في المقاومة للدستور ومهما مرت السنوات لن نترك البلاد بهذا الدستور. ولن يكون هناك فرض للرأي بالقوة. فالتيار السياسي الإسلامي يجب أن يعتبر الفكر المتشدد والعنف لأن مزاج المصريين تغير. فمقابلة العنف بالعنف يؤدي لخطورة شديدة. أضاف: ان استقرار هذه الأوضاع يؤدي إلي استقرار وضع السياحة ولن تستقر إلا بإدارة سياسية حكيمة.. أما الترهيب والعنف فيؤدي إلي هروب السياحة والاستثمارات. فهناك الكثير من العاملين بهذا المجال أرزاقهم مهددة.