لم يدر "التاجر" أن حفل العرس التي حضرها لمشاركة جاره فرحة زفاف ابنته ستكون بداية رحلة عذاب يقطعها بين قسم الشرطة والنيابة.. ليس هذا فقط.. بل يمكن فيها أن يدخل الي الزنزانة بتهمة الاصابة الخطأ. تبدأ فصول الواقعة.. وبداية مشوار "التاجر" في رحلته المضنية عندما دعاه جاره لحضور حفل زفاف ابنته الذي سيقيمه امام مسكنه بحي البساتين.. لم يرفض "التاجر" واكد علي صديقه انه سيحضر حفل الزفاف ومشاركته بهجة زفاف ابنته الي عريسها.. بل وأنه سيقدم له هدية مناسبة. بالفعل.. تأنق "التاجر" وارتدي أشيك ملابسه واستقل سيارته الفارهة.. واشتري خاتما ذهبيا لتقديمه الي العروس بمناسبة زفافها وادخال السعادة الي قلبها.. خاصة انه يعرف ان شبكتها المتواضعة لاتضم خاتما ترتديه بجوار دبلة الخطوبة. وصل "التاجر" الي مكان الفرح.. واستقبله جاره بالترحاب.. وعزفت الفرقة الموسيقية سلاما خاصا للتاجر الذي يحظي بمكانه كبيرة لدي اهالي المنطقة عامة ولدي والد العروس خاصة.. ثم اصطحبه للجلوس بين أهم المعازيم من زملاء العمل وكبار تجار المنطقة وأصحاب المكانة بها.. وقدم له الشربات وعلبة من الشيكولاته الفاخرة تقديرا لمكانته وتعبيرا عن امتنانه لحضور حفل زفاف ابنته. بعدها اصطحبه الي العروس التي حضرت مع عريسها في زفة كبيرة وسط صديقاتها وجارتها من بنات الحي وأصدقاء العريس والمعارف وأهل العروسين.. بعدها قام "التاجر" بالصعود الي المسرح وقدم هديته للعروس وهنأها مع عريسها بالزفاف مع دعائه لهما بالسعادة والاستقرار.. ثم توجه الي الفرقة الموسيقية وقدم لها نقطة كبيرة اعرابا عن تقديره لاسرة العروسين.. وحفاوتهم في استقباله وتقديره. ثم عاد الي المعازيم يجلس بينهم ويتبادل اطراف الحديث احيانا.. ويستمع لنغمات واغان الفرقة الموسيقية أحيانا.. او يستمتع برقصات البنات والشباب الذين صعدوا الي المسرح لتحية العروسين برقصاتهم الرشيقة واغانيهم الرقيقة. أراد "التاجر" مشاركة هؤلاء جميعا فرحتهم فاخرج سلاحه الناري من جيب ملابسه وراح يطلق النار في الهواء ابتهاجا بليلة الفرح وتحية العروسين وايضا مجاملة لجاره.. وتعالت زغاريد الاهل والاقارب وزادت فرحتهم عندما قام العروسان لاداء رقصة مع الاصدقاء والصديقات علي الانغام المثيرة للفرقة الموسيقية. عاد "التاجر" مرة اخري الي فعلته وأخرج سلاحه الناري.. وراح ايضا يطلق الطلقات النارية ابتهاجا وتحية للعروسين.. ووسط هذه الفرحة التي يعيشها المعازيم والسعادة البادية علي العروسين وأهلهما.. فوجئ الجميع بصوت صراخ وعويل ينطلق من إحدي الشرفات. توقفت الموسيقي وخفتت الفرحة وتحولت الزغاريد الي صيحات وتساؤلات.. واكتشف الجميع ان أحدي الطلقات النارية اصابت فتاة كانت تتابع الفرح من شرفة شقتها.. فاسقطتها داخل مسكنها مصابة بطلق ناري اعلي الصدر من الجهة اليمني.. قرب كتفها الايمن.. واسرع الجيران بالاتصال بالاسعاف.. ولم ينتظر "التاجر" حضور الاسعاف.. اصطحبها مع والدها بسيارته وأسرع الي المستشفي لاسعافها. حررت نقطة الشرطة بالمستشفي محضرا بالحالة.. وبعرضه علي مأمور القسم استدعي "الاب" لسؤاله.. كما استمع رئيس مباحث القسم لاقواله واقوال "المصابة" ودلت تحرياته ان "التاجر" كان يطلق النار في حفل الزفاف فاصاب الفتاة بطلق خطأ احدث اصابتها.. فتم التحفظ عليه وتحريز السلاح المستخدم في الحادث.. وعرضهما علي النيابة للتحقيق. اعترف "التاجر" انه كان يطلق النار في الفرح ابتهاجا بالعرس ومشاركة جاره فرحته فخرجت طلقة طائشة اصابت الفتاة دون قصد.. وأكد ان سلاحه الخاص مرخص له بحمله.. فأمرت النيابة بحبسه 4 أيام احتياطيا علي ذمة التحقيق بتهمة الاصابة الخطأ.. ليجد "التاجر" نفسه خلف القضبان.. وقد تحولت فرحته الي حزن.. وتبدلت مشاركته لاداء الواجب الي قضية متهم فيها باصابة فتاة بريئة.. كادت تفقد حياتها علي يديه.. وأن السجن يتهدده بسبب حادث لم يخطط له بل جاء عن طريق الخطأ.. وينتظر "التاجر" مصيره بين جدران الزنزانة في حادث جاء بالصدفة.