أذاعت وكالات الأنباء خبراً عن إقدام سبعة من الرهبان البوذيين علي الانتحار احتجاجاً علي وضع معتنقي الديانة البوذية في الصين. المثير للعجب أن أعداداً من هؤلاء الرهبان البوذيين الذين أقدموا علي الانتحار احتجاجاً علي "بطش" الحكومة الصينية -علي حد تعبيرهم- هم أنفسهم الذين يقودون الهجوم العرقي الممنهج ضد مسلمي ميانمار. والتعبير لمنظمة المؤتمر الإسلامي. أشرت -من قبل- إلي الصور التي بثت علي مواقع الإنترنت. تعكس بشاعة العمليات التي يقوم بها الرهبان البوذيون ضد المسلمين في ميانمار. ونقلت المواقع الإلكترونية تصريحات لهؤلاء الرهبان تعد بالمزيد من القتل والتشريد. حتي تخلو ميانمار من المسلمين تماماً. أميل إلي مناقشة القضايا الإنسانية بعيداً عن الدين والعرق والقومية. وغيرها من المسميات التي قد تزيد اتساع الخرق. ولا ترتقه. ولا تضيقه. لكن جرائم ميانمار تذكرني بالدنيا التي أقامتها إسرائيل ولم تقعدها. لأن أحد جنودها أسر ضمن عمليات اقتحام قواتها الأراضي اللبنانية. في حين تتوالي عمليات الاعتقال والاغتيال والتطهير العرقي والتسفير وغيرها من الممارسات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب في فلسطين. الرهبان البوذيون يتعاملون بالمنطق الإسرائيلي. فهم يرفضون الظلم لأنفسهم. ويقبلونه لغيرهم. وإن كان الاختلاف في أن مشكلة قومية الروهينيغا -وهي قبائل مسالمة- تطلب تدخلاً إيجابياً من منظمة المؤتمر الإسلامي -عندي حساسية من تعبير المجتمع الدولي- بحيث تجد هذه القبائل حلاً يضمن لأبنائها حق الحياة. فالقتل ليس هو الحل لأي مشكلة إنسانية. الفلسطينيون يدافعون عن أرضهم وحريتهم وحقهم في الحياة الآمنة. ونصائح المجتمع الدولي التي تبلغ حد التحذيرات أن يظلوا في معاناتهم. ويقصروا نضالهم -بهمة الرئيس عباس علي طاولة المفاوضات- ومسلمو ميانمار يطلبون الاستقرار وحرية العقيدة. أرفض مناقشة القضايا علي أساس ديني. لكنني أذكر بمساندة الغرب لمواطني جزر تيمور من أبناء أندونيسيا. حتي صارت لهم دولة مستقلة تعاني الآن من الخلافات المعلنة. لأن الهدف لم يكن إقامة دولة مستقلة. وإنما اقتطاع جزء من الجزر الأندونيسية -فيما بعد- لاقتطاع المزيد. وكانت نسبة مسلمي اندونيسيا عند استقلالها حوالي 99%. ثم كان لبعثات التبشير وتدخلات الغرب بالتالي دورها السلبي في تغيير خريطة البلاد الديموغرافية. ومن ثم نشوء حركات الانفصال التي تدين بعقيدة مغايرة. الرهبان البوذيون يشكون "بطش" الحكومة الصينية. ومسلمو ميانمار يعانون وحشية البوذيون. وعرب فلسطين يعيشون أوضاعاً لا تقل في خطورتها عن أوضاع شعب جنوب افريقيا. قبل أن ينترع الاستقلال. قضية مسلمي ميانمار في ظل اكتفاء الدول العربية والإسلامية بالإدانة والشجب. ودول الغرب بالمواقف المائعة. هي مسئولية المؤتمر الإسلامي. يستطيع أن يحث الدول الأعضاء علي اتخاذ إجراءات توقف جرائم البوذيين. وتمنع استمرارها. والخيارات -كما أري- كثيرة.