لا يزال التعليم في مصر عموماً والثانوية العامة علي وجه الخصوص حقلاً للتجارب ومثالاً صارخاً لعشوائية القرار في الحكومات المتعاقبة منذ عقود والعمل بنظام الجزر المنعزلة بعيداً عن استراتيجية لا تتغير بتغير شخوص الوزراء. ونظرة واحدة للثانوية العامة في السنوات العشر الأخيرة تكشف بوضوح مدي التخبط الذي أصاب المنظومة التعليمية. فقد تم تغيير نظامها مرات عديدة فمرة تكون الثانوية علي سنتين ثم العودة لنظام العام الواحد. ومرة يسمح بتحسين المجموع. ثم يتم إلغاؤه. واليوم هناك نية لإلغاء نظام التيرم في الصفين الأول والثاني الثانوي يتضمن تدريس جميع المواد المقررة في الصفين طوال العام بدلاً من تقسيمها إلي تيرمين حيث ثبت ان النظام الحالي لا يصلح ويؤدي لانقطاع الطلاب عن المواد التي لا يدرسونها في التيرم الثاني. تراوحت ردود الأفعال إزاء الحديث عن إلغاء نظام التيرم. فالخبراء يرون ضرورة التروي والاستفادة بأبحاث التطوير قبل اتخاذ مثل هذه القرارات. بينما يري المدرسون ان الالغاء يحتاج لآلية لتنفيذ وزيادة عدد المدرسين.. بينما يؤكد الطلبة ان نظام التيرم هو الأفضل لهم حيث يقسم المواد الدراسية علي مرحلتين تمكنهما من استيعاب دروسهم بشكل أفضل بينما الإلغاء يزيد الأعباء والدروس الخصوصية. يقول د. عابد أبوغريب "رئيس شعبة المناهج وطرق التدريس والأستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية": ان هذا القرار ضيق الأفق ولابد من التناسق مع بقية مراحل التعليم والعمل كمنظومة متكاملة بداية من رياض الاطفال وحتي الجامعة. أضاف.. ان الخطأ المتكرر عندنا ان القرارات تصدر دون استشارة مراكز الأبحاث ليكون التغيير مبنياً علي أسس وقواعد علمية وليس بشكل عشوائي لمرحلة تعليمية دون الأخري. تساءل: لماذا التغيير المستمر لنظام الثانوية العامة.. وكيف يتم إلغاء التيرم للصفين الأول والثاني دون الثالث الثانوي وما مبررات هذا القرار؟! أكد ان مثل هذه القرارات الخاطئة هي السبب في تدهور التعليم والمستوي العلمي للطلاب. لأن التركيز يقتصر علي جانب الحفظ والاستظهار دون الابتكار والفهم. ومازلنا نعتمد علي أساليب تقليدية قديمة في تدريس المناهج. تقول د. مني مرزوق "عميد كلية التربية النوعية بالدقي": ان إلغاء نظام التيرم أفضل للطالب والمدرس الذي لا يسعفه الوقت لشرح المادة للطالب علي النحو المطلوب مما يضطره لضغطها في وقت قصير حتي يتمكن من اللحاق بامتحان التيرم. ويحرم الطالب من الجرعة العلمية الكافية. فالمعلومات كثيرة والوقت قصير في عملية تعليمية أشبه بالماراثون. اضافت.. في حالة إلغاء التيرم يصبح الوقت كافياً للعملية التعليمية مما يمكن الطالب من الاستغناء عن الدروس الخصوصية. يطالب ثروت رشاد "نقيب المعلمين بالساحل" المسئولين عن التعليم بعدم اصدار قرارات سريعة حتي لا تحدث بلبلة. واصدار قرار بإلغاء التيرم يثير اللغط العام المقبل. إذ يلزم لتنفيذه توفير العدد المناسب من المدرس لتدريس المادة طوال العام وتوزيع الحصص عليهم ولابد من تهيئة الطلاب لمثل هذا القرار العام المقبل وان كان نظام التيرم هو الأفضل للطالب. اضاف.. اهم سلبيات قرار الإلغاء زيادة وتوحش الدروس الخصوصية وزيادة الأعباء المالية علي أولياء الأمور. يقول د. أحمد جمال الدين "موجه بوزارة التربية والتعليم سابقا": ان إلغاء نظام التيرم تخبط واضح في السياسات التعليمية وليس مقبولاً تغير نظام التعليم مع كل وزير جديد. وكان يفترض طرح مثل هذا القرار للمناقشة مع الخبراء والطلبة وأولياء الأمور. أما أن يصدر الوزير قراراً مفاجئاً كهذا فذلك مرفوض ولا نرضاه لابنائنا لأنه قرار ضد الطالب ويزيد الضغوط المادية والنفسية علي الطالب فهو يطالبه بالإجابة علي المنهج بأكمله مرة واحدة في الامتحان دون مراعاة لتأثير الحجم الكبير للمادة العلمية علي ذاكرة الطالب وقوة استيعابه والذي يضغط علي نفسه للحفظ دون فهم. طالب جمال الدين بالإبقاء علي نظام التيرم لأنه يسهل الامتحان والمذاكرة في نصف المادة فقط. يؤكد وئام طلعت "مسئول الجودة بإدارة الزيتون التعليمية" ان تدريس المادة بشكل متواصل بدلاً من تقسيمها إلي تيرمين هو الأفصل للطالب حيث يظل متواصلاً ومرتبطاً بالمادة حتي نهاية العام وهو ما قد يمكنه من الاستغناء عن الدروس الخصوصية لامتلاكه الوقت الكافي للإلمام بالمادة بشكل جيد. يقول أشرف رجب نصار "مدرس أول رياضيات بمدرسة كوم الأطرون": ان من أهم مميزات نظام تدريس المادة طيلة العام وعدم قصرها علي تيرم دون آخر مساعدة الطالب علي معايشة المادة العلمية وتنمية الابتكار والاستفادة القصوي مما تحويه من معلومات مما يخلق جيلاً يعتمد اعتماداً كلياً علي الفهم وليس الحفظ والتلقين. كما ان إلغاء التيرم يحول دون وقع ضغط نفسي علي الطالب حيث ان المطلوب منه انجازه في نصف عام يستطيع تحقيقه علي مدار عام كامل. يضيف نصار: من أهم عيوب الغاء نظام التيرم انه يساعد علي انتشار الدروس الخصوصية ويضاعف الأعباء المالية علي الأسرة. مما يشيع روح السخط علي المعلمين الذين يطالبون بكادر خاص لا يتناسب مع ما يبذلونه من جهد داخل الفصول. أما محمد عبداللطيف "ولي أمر" فيقول ان نظام السنة الدراسية المتصلة دون تيرم أفضل. لان التيرم يجعل الطالب يؤدي الامتحان في العام الدراسي الواحد مرتين مما يصيبه باجهاد شديد ويتسبب في معاناة الأسرة وإرهاقها ووضعها تحت ضغط عصبي شديد فضلاً عما تتكبده من أعباء مالية للدروس الخصوصية ولذلك فإن الامتحان لمرة واحدة في العام أفضل كثيراً من نظام التيرم. يقول عادل مصطفي "ولي أمر" ان نظام السنة الواحدة فاشل وسبق ان جربناه ووجدناه مرهقاً للطلبة بشكل كبير. أما التيرم فيقلل عدد المواد الدراسية ويمكن الطالب من أداء الامتحان بشكل جيد. أما الدروس الخصوصية فلن يمنعها أي نظام تعليمي ويطالب المسئولين بالكف عن جعل أولادهم حقل تجارب لكل وزير جديد. يؤكد عبدالعزيز فكري "طالب بأولي ثانوي" ان نظام التيرم يتيح الفرصة للطلاب لأداء الامتحان في نصف المواد والانتهاء منها أما دراسة المادة طيلة العام فتشكل صعوبة كبيرة في المذاكرة. يقول إبراهيم هاني "طالب بثانية ثانوي": المواد الدراسية عددها 14 مادة كل عام. ندرس نصفها في التيرم الأول ونصفها الآخر في التيرم الثاني وهذا يكون مريحاً لنا. أكد كل من أحمد السيد ومحمد عبدالعاطي "طالبان بثانية ثانوي" انه لا يوجد طالب يمكنه مذاكرة مادة بأكملها طوال العام. أما نظام التيرم فهو يعطي الفرصة ويمنح فاصلاً بين نصفي العام. أضاف.. لو جاءت درجاتنا ضعيفة في التيرم الأول يمكن تحسينها بالاجتهاد في التيرم الثاني.