رغم انتماء محمود سعيد إلي الطبقة الحاكمة وإلي أسرة الملك إلا أن عواطفه وميوله كانت تتجه إلي أبناء وبنات الاحياء الشعبية الفقيرة.. وفي رسومه للصيادين والفلاحين والنسوة الشعبيات يتخلي عن انتمائه للطبقة الثرية ويندمج في حياة أبناء تلك الطبقات العاملة.. بعكس زميله الفان محمد ناجي الذي كان ينتمي هو الآخر للطبقة الحاكمة وتكشف رسومه للفلاحين والعمال عن موقفه الطبقي ونظرته من أعلي إلي شخصيات لوحاته.. وله لوحة يركع فيها الفلاح مقبلاً حذاء الرجل الاقطاعي!! ذلك أنه لم يتخل علي إحساسه بالتفوق والسيادة علي الشغيلة. بينما فلاح محمود سعيد في لوحة الاسرة. فخور بفحولته ودوره في حماية زوجته وطفله الرضيع.. ونفس الأمر ينطبق علي جميع لوحاته للصيادي وبائع الرقسوس وراكب الحمار وبنات بحري وغيرها.. كلها تقدم شخصيات فخورة بانتمائها الطبقي سعيدة بعملها ومواهبها الحرفية والجسدية. صحيح أن اللوحات التي تصور الفلاحين والصيادين والنساء الشعبيات لا تهدف إلي تحريض هؤلاء المطحونين علي الثورة والتمرد. ومصير هذه اللوحات هو أن تقوم بتزيين حائط في غرفة في بيت من بيوت أو قصور الاثرياء. لكن المعني الذي يقدمه الفنان تعبيراً عن الشخصيات يرسمها هي التي تحقق لدي المشاهدين مشاعر العطف أو الاعجاب أو الاشمئزاز أو الرثاء لهذه الشخصيات ودور المشاهدين والمعجبين باللوحات الفنية هو دور لا يمكن إنكاره. حتي لو كانوا ينتمون إلي الطبقة الحاكمة أو فئة المثقفين التي توجه المجتمع عادة. لقد كان محمود سعيد متعاطفاً ومحباً ومتحمساً للطبقات الشعبية التي رسمها وحقق أفضل صورة تمجد العمل وحياة البسطاء وتحقق التعاطف معهم. وقد كانت في استراحات الملك فاروق المتعددة لوحات من رسم الفنان محمود سعيد معظمها من رسومه للعاريات من النساء الفخورات بمواهب أجسامهن وتتميز بشرتهن باللون الاسمر الذي يتحقق من التعرض للشمس وهواء الشواطئ الرطبة.