أثبت تحطم طائرة الركاب المصرية, فجر الخميس الماضي, أن مصر بيت كبير تجمع سكانه عاطفة واحدة أبكتهم جميعا على ضحايا الطائرة المنكوبة، بفضل دائرة معارفهم الواسعة واجتماعيتهم الطاغية. ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا في توسيع دائرة هذه المعارف، فبعض أقارب الضحايا عرفوا عن خبر تحطم الطائرة عبر هذه المواقع، فيما حظي بعض آخر بصداقات مشتركة مع معارف الضحايا. وقال قريب إحدى ضحايا الطائرة أنه عرف بمصير ابن خالته عبر "فيسبوك" عندما أخبره جيرانه بأن صورة قريبه منشورة على الموقع وفي أسفلها نعي. كما أدمت صفحات الضحايا نفسهم على فيسبوك قلوب متابعيها سواء من قبل أصدقائهم أو ممن لم يسبق معرفتهم بهم، وكان تعليق خالة مساعد الطيار محمد عاصم على إحدى صوره وهو في الطائرة من أكثر التعليقات التي أبكت قلوب المصريين. فكتبت خالة عاصم السيدة حنان إبراهيم تقول له: "حبيب قلبي الصورة دي كأنها حلم وحققه الله لي، الحمد لله ربنا يبارك لك يا حبيبى"، فرد عليها محمد يقول: "دا أنت اللي حبيبتي يا خالتي". يقول عبد التواب علاء صديق عاصم منذ الطفولة ل"سكاي نيوز عربية": "تلقيت خبر وفاته عبر صورة له تنعيه على فيسبوك. لم أصدق. لا أنام منذ ذلك الحين". أما الطيار محمد شقير فلم تتوقف سيرته الحسنة عند أصدقائه وزملائه ومتدربيه في العمل، بل امتدت إلى أشخاص لم يرونه قط في الواقع، وكانوا يرغبون في التعرف عليه في مناسبات ليست كهذه. تقول إيمان شرف الدين (27 عاما - ربة منزل) إنها لم تكن على معرفة سابقة بشقير ولكنها كثيرا ما سمعت عن مهنيته وحب الناس له وقدرته على حل الخلافات بين أصدقائه. وأوضحت أن زوجها (محمد حكيم الذي يعمل محاسبا لدى البنك الأهلي في فرع مطار القاهرة) "كان وزملائه على علاقة شخصية بقائد الطائرة المنكوبة، وأن خبر تحطم الطائرة أبكاهم جميعا". والأمر لم يقف عند العامة فقط، بل امتد إلى بعض الشخصيات العامة، فالداعية عمرو خالد قال على صفحته على فيسبوك: "كنت مع كابتن محمد شقير قائد الطائرة المصرية المفقودة في إحدي الرحلات وأشهد أنه كان من أطيب قائدي الطائرات الذين سافرت معهم". أما الضحية هيثم عزازي له قصة أخرى فهيثم الذي تتشعب معارفه في مجال عمله ضمن طاقم ضيافة مصر للطيران وبين أصدقائه ربطته مباريات كرة القدم يعلاقات غير مباشرة مع "معارف" لأصدقائه. يقول هشام حسن مدير أمن إحدى شركات الطيران عن صديقه عزازي: "شخص لطيف، ودمه خفيف، وفاته تجعلني أعيش في كآبة وصدمة"، ولعل هذا اللطف وهذه الخفة جعلت هيثم شخصا لا ينسى حتى لو أتيحت الفرصة لأحدهم لعب مباراة لكرة القدم معه لمرة واحدة. وأضاف حسن أنه علم بخبر اختفاء الطائرة بحكم مجاله عمله، لكنه لم يكن يعلم أن صديق طفولته هيثم على متنها. وتابع "عرفت من صديق مشترك لي ولهيثم أنه على متن الطائرة، إلا أن الصدمة جعلتني أعتقد أنه يمزح"، مشيرا إلى الحفاوة التي كان يقابله بها هيثم عندما يعلم أن صديقه هشام من ركاب إحدى الطائرات التي يعمل عليها. حسن أيضا كان على معرفة سابقة بضحية أخرى وهي رئيسة طاقة الضيافة ميرفت محمد، التي حصلت لتوها على هذه الترقية، بحسب قوله. وهذه المعارف التي تتشعب في القاهرة والمدن الحضرية تأخذ منحا آخر في القرى، ففي قرية بدر حلاوة بمحافظة الغربية التي أدى أهلها صلاة الغائب على 4 من ضحاياها في الطائرة المنكوبة، يفتح الجميع أبوابه لاستقبال المعزين، وكأن المصاب مصابهم كلهم بلا استثناء. وربما يجتمع كل هؤلاء المعزين في أحد أكبر مساجد القاهرة عندما تقيم شركة مصر للطيران عزاءا جماعيا لضحايا الطائرة المنكوبة، الثلاثاء المقبل، في مسجد المشير طنطاوي بالتجمع الخامس.