هل يمكن أن يكون الإنسان شجاعا في أواخر عمره؟، وهل يجوز أن ينتظر بشجاعته قرابة أربعين عاما ليفاجئ الدنيا ببطولة في غير أوانها ؟؟ وهل يمكن أن نصدق من يدعي الشجاعة بعد عمر طويل قضاه في التمتع بلذائذ السلطان ونعيمه؟؟ وهل يمكن أن يقتنع الناس بما يقوله هذا الشجاع وقد رأى وعاش وشهد كثيرا من المظالم والانحرافات والمفاسد ؟؟ هل يمكن أن نصدق أن السيد عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية السورية ، وهو يجلس في قصر أوناسيس بفرنسا ليدلى بتصريحات مفاجئة مباغتة يدين فيها السياسة السورية ، وينتقد سياسة الرئيس السوري بشار الأسد ومواقفه من العديد من القضايا السياسية التي ترتبط بعلاقات بلاده الإقليمية والدولية والمحلية ، ويشير إلى تهديداته المتكررة للراحل رفيق الحريري ، وتصرفات المنتحر رستم غزالة وانحرافاته وسرقاته في لبنان..؟؟ هل يمكن أن نصدق السيد خدام بعد تنحيته من منصبه الذي استمر فيه أكثر من ثلاثين عاما شهد فيها مذابح جماعية قادها النظام الطائفي العسكري الفاشي في حماة وحلب وتدمر والمزة ، وكانت حصيلتها مئات الشهداء وآلاف الجرحى ، فضلا عن آلاف المعتقلين الذين قضوا عمرهم داخل السجون في أسوأ ظروف عرفتها السجون في العالم ، وكان من بين المعتقلين رفاق الحزب والسلاح للحاكم الذي عمل معه خدام ، وعمل مع ابنه من بعده، ثم جاء الآن ليقول إنه كان صديقا نقيا ؟ ويخبرنا أنه كان صاحب رأي مغاير ومعارض ، ولم يوافق على الجرائم التي اقترفها النظام العسكري الفاشي ؟ إن تاريخ السيد خدام ليس فوق مستوى الشبهات ، فقد كان حاكما لمدينة القنيطرة عام 1967م، وسلمها قبل سقوطها بثمانية وأربعين ساعة في حرب الأيام الستة كما يسميها النازيون اليهود الغزاة ، ويسميها العرب والمسلمون هزيمة 67، وهناك أكثر من كتاب يتحدث عن سقوط الجولان ، ودور خدام الغامض في هذا السقوط غير المسبوق ،ويكفي أن العديد من الخبراء العسكريين يؤكدون أن كتيبة واحدة من المشاة كانت تستطيع أن تمنع الغزاة اليهود من السيطرة علي الجولان لموقعها الاستراتيجي الذي يجعل من يسيطر عليها يمنع الآخرين من الاقتراب منها ، ولكن خدام سلم عاصمة الجولان قبل الهنا بسنه.. المفارقة في الأمر أن النظام السوري التقدمي الوحدوي الذي يقود الصمود والنضال ، لم يحتمل كلمات خدام وتصريحاته التلفزيونية، وللرد عليه فقد جمع جنوده من أهل النفاق والهتاف فيما يسمي مجلس الشعب السوري المنتخب(!) ، وراح الأعضاء المحترمون يكيلون لخدام الصاع صاعين ، واتهموه بالخيانة ، وعض اليد التي امتدت إليه واحتضنته داخل الأسرة السورية المالكة سنين عددا ، ولذا يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى ، وأن تشكل له محكمة استثنائية خاصة ، والغريب أن بعض النواب البعثيين أو الطائفيين كان يستشهد بآيات من القرآن الكريم ، ويتلوها بطريقة خاطئة ، ليؤكد على استحقاق خدام لكل عقوبة ينزلها به النظام الذي تمرد عليه وانشق ! لاشك أن خدام سعيد في منفاه الأوربي بباريس ، حيث أعلن أنه سيقضي أيامه القادمة في كتابة مذكراته بهدوء ، وبالتالي فإنه سيملأ هذه المذكرات بأخبار جديدة لايعلمها الجمهور السوري والعربي والإسلامي عن ممارسات النظام السوري وسلوكياته على مدى أربعين عاما منذ تعرف على الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وهو يدرس الحقوق في جامعة دمشق ، ثم عمل محاميا وانضم مع الأسد الأب إلى حزب البعث وعين بعد انقلاب مارس 1970 محافظا للقنيطرة ثم وزيرا للتجارة والاقتصاد فوزيرا للخارجية ثم نائبا لفخامة الرئيس الراحل ، صديق العمر ، حتى رحيله حيث أصبح رئيسا لجمهورية سورية بالنيابة لمدة سبعة وثلاثين يوما ؛ هيأ فيها المجال لابن صديقه ورئيسه الراحل " بشار الأسد " ليكون رئيسا جديدا ،يرث أباه، ويستمر النظام الملكي الجمهوري الحاكم إلى الأبد!والسؤال الأهم الذي يسأله الناس على امتداد الرقعة العربية الإسلامية : هل بمثل هذه الأنظمة التي لايستطيع فيها أهل الحكم أن يتفاهموا إلا بعد عمر طويل من الفساد والإفساد إلا بكشف المستور وهو دميم وقبيح ومقزز ، وبالحكم على بعضهم بالخيانة العظمى وتشكيل المحاكم الاستثنائية الخاصة ،هل يمكن أن ننتصر على أعدائنا ، أو نحقق شيئا من التقدم والرخاء والكرامة لبني جلدتنا ؟ الإجابة بالنفي بكل تأكيد ، ولله في خلقه شئون!!