وقعت الحكومة المصرية على اتفاقات مع دول ومنظمات دولية للحصول من أجل جلب المزيد من العملة الأجنبية الخضراء، سواء عبر قروض وودائع خارجية أو استثمارات خليجية وأجنبية, لوضع حد للزيادة في قيمة الدولار الذي وصل إلى نحو11.50 جنيه. وواصل الدولار ارتفاعه رغم إعلان طارق عامر محافظ البنك المركزي عن قرب وصول وديعة إماراتية بقيمة 2 مليار دولار من إجمالي استثمارات إماراتية منتظرة بقيمة4 مليار دولار. وقال خبراء إن هناك العديد من الأسباب التي دفعت الدولار لمواصلة صعوده مقابل الجنيه المصري, على رأسها زيادة الفائدة المستحقة على الودائع الدولارية وعدد من الأهداف الاقتصادية . وقال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن هناك العديد من الأسباب غير التقليدية التي تساهم في استمرار ارتفاع الدولار حتى الآن, متمثلة رفع سعر الفائدة على العملة المحلية لمستويات كبيرة, نتيجة تبني الدولة سياسة نقدية داعمة للجنيه ومقاومة للتضخم, رغم ما لهذه السياسية من تداعيات سلبية على تكلفة الاقتراض وعلى الاستثمار، إلا أنها قد تكون ضرورية مرحليًا خاصة في ظل الضغط القائم على سعر الصرف. وأضاف عبدالعال, أنه "منذ عام 1988 وسعر الفائدة على الدولار مستقر على نقطة متوسطها فقط ربع في المائة تقريبًا, وبالطبع هذا مرتبط بالظروف الاقتصادية الأمريكية وسياستها النقدية". وتساءل: "لماذا ترفع بعض البنوك المصرية الفائدة على ودائع الدولار لديها إلى مستويات قياسية، بعيدة تمامًا عما هو سائد في سوق الدولار الأوربي". وتوقع الخبير المصرفي أن تكون زيادة الفائدة على الدولار لدي البنوك المصرية راجعة لوجود عجز شديد في سيولتها الدولارية, وهو خطر علاجه بهذا الشكل ستكون كلفتة أكثر خطورة ويعرض البنك لمزيد من مخاطر السيولة. وتابع: "الأمر الثاني هو بسبب وجود اعتقاد أو توجه سائد لدي البنوك يجعلهم يرون أنه من الأفضل رفع أسعار الفائدة على الدولار لاستقطاب المدخرات الدولارية للجهاز المصرفي ومنع تداولها في السوق الموازية، ومن ثم تخفيف الضغط على الجنيه المصري بطريق غير مباشر". واستطرد: "إذا كان الاحتمال الأول خطرًا فان الاحتمال الثاني أكثر خطورة، لأن رفع سعر الفائدة على الدولار بهذا الشكل الذي لا مثيل له في العالم سوف يؤدى إلى نمو ظاهرة الدولرة والسعي لاكتنازه، عبر تحول المدخرين للتخلص من الجنيه المصري رغم ارتفاع فائدته والتوجه لشراء الدولار وادخاره بالبنوك التي ترفع لهم فائدة 5٪ مع تطلعهم إلى تحقيق أرباح رأسمالية مستقبلا مع معاودة ارتفاع الدولار، وبذلك يقل عرض الدولار المتاح في السوق ويرتفع سعره". ورأى عبد العال أن "الحل يكمن في إيقاف فورًا دعم الدولار وتخفيض الفائدة عليه إلى مستوى مناسب". من جهته، قال عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي المصرفي, إن "ارتفاع الدولار إمام الجنيه هو ارتفاع محسوب ومبارك من الدولة لتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية, أولها خفض الاستهلاك المحلي بسبب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني لكل السلع، خاصة وأن الشعب المصري يستهلك أكثر من 60٪ سلع من الخارج؛ وبالتالي فالدولة تسعي لتخفيض الاستيراد وذلك لأن المستورد سيفكر كثيرًا قبل استيراد نفس الكميات التي ربما لايقابلها نفس حجم الطلب بسبب ارتفاع سعرها، بجانب عدم توافر الدولار بالجهاز المصرفي وارتفاع قيمته بالسوق السوداء". وأشار إلى أن زيادة قيمة الدولار تعد سياسة انكماشية علي حساب النمو والاستثمار، وخفض قيمة الجنيه قد يساهم نسبيًا في زيادة الصادرات التي تعتمد مدخلاتها بنسبه 60٪ من الخارج والذي ستنخفض صادراته لارتفاع تكلفه الإنتاج المتأثرة بالدولار. وأضاف الخبير المصرفي أن رفع فائدة الدولار ساهم بشكل كبير في رفع سعره, ما أدى لزيادة الطلب عليه لتكوين مدخرات بسعر مرتفع. وأوضح أن زيادة الفائدة على الدولار بدأت بتسويق هذه الفائدة العالية لصناديق استثمار عالمية والتي تستثمر في شهادات إيداع دولارية بالخارج بسعر فائدة لا يتجاوز 1٪ ، مضيفًا أن الأهم هو جلب الدولار من الخارج وليس من الداخل لتجنب المضاربة عليه ورفع سعره باستمرار.