شاب عشريني، تخرج فى أكاديمية لدراسة الفنون الصحفية، كان شاهدًا على كبرى المشاهد الدموية فى مصر خلال العصر الحديث، لم تشفع له كاميراته يوم الأربعاء الأسود منتصف شهر أغسطس 2013 من الملاحقة الأمنية والقضائية والزج به خلف أسوار السجون لما يقارب من 1000 يوم. فى صباح الرابع عشر من أغسطس من العام 2013، استهم المصور الصحفى محمود أبو زيد الشهير ب"شوكان"، ليوثق مذبحة توقفت بعدها الحياة، يوم كان بمثابة حد فاصل كخط الاستواء فى تاريخ الوطن، حين سالت الدماء فى كل ركن من أركان رابعة، ودقَّت الرصاصات أجساد المعتصمين، واستلقفت الزنازين من فرَّ جسده من مناقير الطيور الجارحة. طائرات ورصاصات وعبوات غاز، كان المشهد فى تلك الساعات ضبابيًا، حين بدأ يفرك عينيه من قلة النوم وطول السهر، بينما بين يديه عين لم تنم، كاميرا شوكان التى تميز بها عن غيره وسط النيران. الرابعة عصرًا من يوم المذبحة يمنحه القدر فرصة فى الحياة، ليرافق الشاب العشريني، زميل مهنته عبد الله الشامى فى زنزانة المغضوب عليهما الضالين فى نظر النظام. ..بعد زمن خرج الشامي وشمَّ نسمات الحرية بعد حملة تبنتها قناة الجزيرة من أجل إطلاق سراحه، وبقى شوكان، فلا "جزيرة" تتلقفه من أمواج بحر النظام الهائج. شوكان الذي لا ينتمي لأى فصيل سياسى يعانى من فقر الدم والأنيميا ومحروم من تلقى الرعاية الطبية المناسبة. وتحت مسمى صحفى بالقطعة "فرى لانسر" بدأ شوكان حياته المهنية بعد تخرجه من أكاديمية أخبار اليوم، ثم تدرب فى جريدة الأهرام لمدة 6 أشهر، كان يرسل أعماله للجرائد المحلية والدولية ووكالات. "من أنا.. شوكان (محمود أبو زيد)، مصور صحفى حر، أعاقب بالسجن لأنني رغبت أن أقوم بعملى التوثيقي.. ولأننى مصور حر.. فلا أحد سمع بما يحدث وحدث لي.. وها هى ضريبة أننى أعمل كمصور (حر)، أدفع ثمنها من عمري.. لكننى واثق من الفرج ومتفائل للمستقبل"، كلمات لشوكان فى رسالة مسربة. ويكمل خلال اليومين الجاريين، المصور الصحفى محمود أبو زيد، الملقب ب"شوكان" 1000 يوم داخل السجون منذ اعتقاله فى "رابعة العدوية" يوم 14 أغسطس 2013. وفى ديسمبر الماضى أُطلقت مسابقة "شوكان" لأفضل صورة صحفية فى مصر لعام 2015، ل"نشر اسمه وقضيته بين قطاعات أخرى من المصريين ممن ستجذبهم مشاهدة الصور وحفل توزيع الجوائز"، بحسب المصور الصحفى مصعب الشامي، أحد منظمة المسابقة آنذاك. وذكر حينها الشامي أن المسابقة بحد ذاتها تعدّ "تحقيق لإحدى أمنيات شوكان، والتى كتبها فى إحدى رسائله من داخل المعتقل للمصورين الصحفيين أن (تمسكوا بالحلم) واستمروا فى التصوير والتوثيق الذى لم يعد هو قادرًا على عمله بعد القبض عليه واعتقاله". وفى وقت سابق من الشهر الجاري، قالت منظمة العفو الدولية إن المصور الصحفى (شوكان) يواجه خطر الحكم عليه بعقوبة الإعدام، مطالبة بإطلاق سراحه كما دعت إلى المشاركة فى حملة التوقيع الإلكترونى عبر موقع المنظمة على رسالة إلى السلطات المصرية لإسقاط التهم الموجهة إليه وتوفير الرعاية الصحية. وقال بيان للمنظمة إنه "فى 26 مارس 2016، وأثناء جلسة فى إحدى محاكم القاهرة، وجهت النيابة العامة تسع تهم زائفة إلى شوكان. وقبل المحاكمة، كان محامو شوكان قد مُنعوا من الاطلاع على وثائق أساسية تتعلق بالقضية، ومن بينها قرار الاتهام." وتابع البيان: "عندما قُبض على شوكان فى عام 2013، كان من المعتقد أنه سيتعرض للحكم بالسجن المؤبد. أما الآن، فإنه قد يواجه مصيراً أسوأ، حيث يتهدده خطر الحكم عليه بالإعدام. وقد قُبض على شوكان وهو يؤدى عمله لا غير، حيث كان يصوِّر أحداثًا تبين المسلك العنيف لقوات الأمن إزاء احتجاجات فى أحد شوارع القاهرة. وهو محبوس احتياطيًا منذ أكثر من عامين، بالمخالفة للقانون المصرى. ويُعتبر شوكان الصحفى المصرى الوحيد الذى تتجاوز مدة حبسه عامين، وهو يعانى من تدهور فى حالته الصحية، حيث حُرم من الحصول على الرعاية الطبية بالرغم من أنه يعانى من فيروس الكبد الوبائى "سى".