في ظل تدهور الأوضاع في الأراضي السورية والقصف الجوى الغاشم الذي يشنه طيران نظام بشار الأسد على مدينة حلب المحاصرة واستهداف المستشفيات والمدارس والتجمعات المدنية، خرجت دعوات عربية واسعة للمطالبة بتدخل الدول العربية لحماية الشعب السوري من ممارسات الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام السوري مدعومًا من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني. وانتشرت العديد من الهاشتاجات على "تويتر" وعلى رأسها "ادعوا لسوريا"، "حلب تذبح"، "أين العرب". وفي الوقت الذي أشاد فيه النشطاء بموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإعلانه الحرب ضد قوات الأسد وتوجيه السلاح الجو التركي لحماية الأجواء في مدينة "حلب" التي تشهد مأساة إنسانية، وجه آخرون اتهامات إلى الدولة المصرية بدعم نظام "الأسد" على حساب الشعب السوري وإمداده بالتسليح والدعم السياسي. وقال اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي، إن "الأزمة في سوريا ليس لها حل عسكري ولابد أن يكون الحل سياسيًا"، مشيرًا إلى أن "الدولة المصرية والنظام القائم لا يدعم سوى الشعب السوري في اختياره لمن يحكمه، ولاصحة لإمداد نظام بشار الأسد بالسلاح المصري والدعم الاستخباراتي". ولطالما عبر الرئيس عبدالفتاح السيسي عن موقفه الرافض للتدخل العسكري ضد نظام بشار الأسد، والداعي للحل السلمي في سوريا والحفاظ على سلامة أراضيها، محذرًا مما أسماه انهيار مؤسسات الدولة في سوريا، وتداعيات ذلك على دول المنطقة بما فيها إسرائيل. وأضاف مسلم ل"المصريون": "هناك محاولة لإلقاء المسئولية على بشار، بينما المعارضة هي من تستخدم القوة، فيما يظهر انقسام الشعب السوري حول الطرفين، لكن الأسد لديه قدرة على حفظ بلاده". وكانت السعودية وتركيا أعلنتا في وقت سابق من هذا العام رغبتهما في تدخل بري في سوريا بقيادة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، إلا أن السيسي قال إنه يرفض المشاركة في أي عمل عسكري بسوريا. وقال مسلم: "مصر لن تدخل حربًا تحت أي مسمى في سوريا إلا بقرار أممي وإجماع دولي، ولا صحة لاختلاف وجهات النظر بين القاهرة والرياض حول الأزمة السورية حيث إن مصر تدعم الشعب دون انحياز لأي طرف وترك الخيار للشعب السوري، فيما ترى السعودية أنه لابد من رحيل الأسد".
وفي حين تتهم عناصر من المعارضة السورية روسيا بقصف مستشفيات ومدارس في سوريا وقتل مدنيين، قال وزير الخارجية سامح شكري في تصريحات سابقة إنه يرفض الانتقادات الموجهة ضد الغارات الجوية الروسية في سوريا، مؤكدا ثقته في قدرة روسيا على التفريق بين "المنظمات الإرهابية والأهداف الأخرى". وقال اللواء أحمد عبد الحليم، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الدولة المصرية تتعامل مع الأزمة السورية من منطلق التعاون الأممي وفي إطار إقليمي ودولي، مضيفًا: "ندعو أن تتم عملية إعادة الاستقرار وحل الأزمة بالتفاوض والموقف صعب لأن طرفي القضية الفاعلين هما روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية". ووجه عبد الحليم، رسالة إلى قادة العرب، قائلًا:" نفسنا حد يوحد العرب ويتم اعتماد حل نهائي للأزمة السورية". وأكد اللواء زكريا حسين، الرئيس السابق لأكاديمية ناصر العسكرية، أن "الموقف المصري مع عدم تفتيت سوريا في ظل محاولات التجزئة والتقسيم بصرف النظر عن وجود الأسد من عدمه". وأضاف: "النظام السوري نجح خلال الفترة الماضية في السيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضي السورية وهو ما يدعم وحدتها ويحول دون مخططات التقسيم". وأشار حسين إلى أنه لايوجد اختلاف في وجهات النظر بين الدول العربية حول مستقبل القضية السورية، لافتًا إلى أن "المبدأ هو توحيد سوريا ولكن الحلو النهائية بيد روسياوالولاياتالمتحدة لدعمهما الأطراف المختلفة على الأرض في "دمشق"، ومصر لن تتورط في معارك جانبية أو تدخل حربًا ليست طرفًا فيها". ونوه الخبير الاستراتيجي، إلى أن هناك محاولات لدفع المملكة العربية السعودية للتدخل في سوريا ضمن الخطة "ب" التي تنفذها الولاياتالمتحدة، وفرض التهدئة على الأرض يصب في مصلحة "داعش".