حذر خبراء اقتصاديون من استمرار ارتفاع الدين العام الإجمالي لمصر في مقابل ضعف الناتج المحلي لها, ما ينذر بعرقلة كل الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات الخارجية لتحقيق التنمية الشاملة على مستوي الدولة. وقال صندوق النقد الدولي إن نسبة الدين العام في مصر تتجاوز 90% من إجمالي الناتج المحلى, وهي نسبة مرتفعة للغاية. وضاف في تقرير صدر مؤخرًا، أن ارتفاع تكاليف خدمة الدين وزيادة الاحتياجات من التمويل، ينذر بفقد ثقة المستثمرين، خاصة في بيئة الأسواق المالية العالمية المتقلبة. وأشار التقرير إلى أن المخاوف الأمنية وتزايد مواطن الضعف الخارجية تسبب في كبح النمو الاقتصادي في مصر، لافتًا إلى أن المراكز الخارجية تزداد ضعفًا بسب تباطؤ الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج، لكنها تستمد الدعم من انخفاض فاتورة واردات الطاقة. وتوقع صندوق النقد الدولي، نمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.3% خلال 2016، على أن يرتفع المعدل في 2017 إلى 4.3%، مقارنة ب4.2% في العام الماضي, وهذا مخالف لما تستهدفه الحكومة المصرية من زيادة معدل النمو إلى 5.2% في السنة المالية 2016 - 2017"، إضافة إلي خفض عجز الموازنة إلى 9.9% خلال السنة المالية 2016- 2017، إلى جانب خفض الدين العام إلى97% من الناتج القومي خلال نفس الفترة. وقال الدكتور علي عبد العزيز أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر, إنه يتوقع أن يرتفع معدل الدين العام في مصر ليصل إلي 5تريليون جنيه بنسبة ارتفاع 120% وذلك بسبب انخفاض الموارد الدولاري الأساسية من مصادر السياحة وتحويلات المصريين في الخارج وانخفاض الصادرات, وضعف إيرادات قناة السويس. وأضاف ل"المصريون": "تراجع الإيرادات سيدفع الدولة للاستدانة من أجل لسد عجز الموازنة بجانب توظيف الموارد في غير مصارفها الحقيقية". وأشار إلى أن مواصلة الدين العام ارتفاعه سيعمل على إضعاف ثقة المستثمرين في الاقتصاد وبالتالي سيؤدي إلى هروبهم إلى اقتصاديات أخرى أكثر استقرارًا في ظل المنافسة بين الدول الناشئة على جذب المستثمرين. وأعرب عن توقعه بأن المؤسسات والبنوك المانحة ستتراجع عن تقديم للقروض إلا بزيادة قيمة الفائدة عليها. وتابع: "الدول التي تأتي في الوقت الحالي بحجة الاستثمار في مصر تضع تحقيق مصالحه في الأولوية قبل ضخ أي استثمارات, على سبيل المثال بيع فرنسا لأسلحتها وفي المقابل تحصل مصر على تعهدات عبر مذكرات تفاهم غير ملزمة بالتنفيذ". وأردف: "النمو في الاقتصاد المصري خلال العام المالي المقبل لن يتعدي 0.5% , وما أعلنته الدولة هو غير حقيقي ولكنه "جبر خواطر". من جانبه، قال عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي والمصرفي, إن "زيادة الدين العام الإجمالي في مصر يمثل كارثة حقيقية ستصيب الأجيال القادمة وتعرقل محاولات النمو". وأضاف أن "لجوء الحكومة للإقراض المستمر دون خلق بدائل حقيقية لتدبير مصروفات الدولة سيصيب الاقتصاد المصري بالشلل في وقت معين في حالة عجزت الحكومة عن سداد مثل هذه القروض". وأوضح ل"المصريون"، أن "القروض وفوائدها سيدفعها المواطن البسيط لاسيما أن حصول وزارة المالية على هذه القروض من أجل دعم الموازنة العامة للدولة والتي تشارك الحكومة في إهدار جزء كبير منها". وأشار إلى أن إجمالي الديون المحلية بلغت 1.8 تريليون جنيه تقريبًا, بقيمة فوائد سنوية تقدر بنحو 245 مليار جنيه تقريبًا من إجمالي الدين العام الذي يزيد على 2 تريليون جنيه, والتي تقدر بنحو 33% من الإنفاق العام في الموازنة العامة للدولة. ولفت حسانين إلى أنه يمكن إسقاط الديون الخارجية من خلال تعاون سياسي يكون بين رؤساء الدول بعيدًا عن الحكومة أو مجلس النواب. واستطرد حسانين: "زيادة نسبة الدين العام الإجمالي يقلل من فرص مصر في الحصول على استثمارات خارجي لاعتماد اقتصادها على منح وقروض فوائدها تتزايد باستمرار دون خلق حلول بديله لها".