لم يكن هجوم وزارة الداخلية على وكالة "رويترز"، إثر تقرير أعدته حول كواليس مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني هو الأول من نوعه ضد وسائل إعلام محلية ودولية. ونشرت "رويترز" قبل أيام تقريرًا تحت عنوان "الشرطة المصرية احتجزت الباحث الإيطالي ريجيني قبل مقتله"، منسوبًا لمصادر من المخابرات والأمن الوطني كشفوا فيه عن احتجاز ريجيني في أحد مقرات الأمن الوطني في 25يناير الماضي قبل العثور على جثته مقتولاً في 3فبراير. وتعرضت الوكالة لهجوم عنيف من جانب الداخلية المصرية، واتهامات من بعض الإعلاميين والسياسيين. وتقدمت وزارة الداخلية ببلاغ ضد "رويترز". وقال اللواء أبو بكر عبدالكريم، المتحدث باسم الداخلية، إن البلاغ الذي تقدم به مدير المباحث الجنائية بقسم الأزبكية بالقاهرة ضد مدير مكتب رويترز بالعاصمة المصرية هو "بلاغ شخصي". وأضاف عبدالكريم أن الوزارة لا تزال تحتفظ بحقها القانوني في اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد الوكالة. ووصف الإعلامي أحمد موسى، وكالة "رويترز"، بأنها "فاشلة"، وقال إنه "لها موقف ضد الدولة المصرية"، مضيفًا: "الوكالة تفبرك أخبارًا وتقارير عن مصر، وتعمل ضدها ولا تعتذر عما تكتبه من أكاذيب ضد مصر". وأضاف موسى، خلال برنامج "على مسؤوليتي"، أن "رويترز" أعدت 3تقارير "كاذبة" خلال الشهر الحالي عن مقتل الشاب الإيطالي ريجينى في مصر". من جانبه، استنكر النائب مصطفى بكري، ما نشرته وكالة "رويترز" بأن الشرطة المصرية احتجزت ريجيني، ثم نقلته لأحد مكاتب الأمن الوطني، وعذبته حتى الموت، متهمًا الوكالة ببث أخبار كاذبة حول مقتل الباحث الإيطالي في مصر. وقال "بكري"، خلال برنامج "حقائق وأسرار": "إن مدير وكالة رويترز المصري توجهاته ومواقفه تبث الأكاذيب منذ بداية حادث ريجيني". وأضاف: "رويترز وبريطانيا جزء من المؤامرة على مصر، بالإضافة لدول في الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة وإسرائيل"، مشيرًا إلى أن ما حدث مع ريجيني على أرض مصر هو تصفية حسابات مع أجهزة استخبارات دولية، ولكن أرادت هذه الأجهزة أن تجعل مصر ضحية هذا العمل، على حد قوله. غير أن اتهام مسئولين في الدولة المصرية لوكالة إخبارية لم يكن الأول من نوعه؛ حيث كان لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية نصيب أيضًا من تلك الاتهامات على وقع تقرير أعدته في منتصف مارس الماضي، انتقدت فيه خطابات الرئيس عبدالفتاح السيسي وحكومته، ما أثار غضب نواب في البرلمان اتهموا الوكالة العريقة بأنها تنفذ أجندات خاصة وممولة الهدف منها هدم مصر. وقال إيهاب غطاطى، عضو مجلس النواب "إن تلك التقارير تصدر من منظمات غير رسمية، ويسهل شراؤها بالمال من أصحاب الأجندات التي تريد هدم مصر وتستهدف النيل من الدولة وتشويه السلطة التنفيذية". وأوضح غطاطي في تصريحات صحفية، أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن مصر ليس لديها آلة إعلامية قوية تستطيع أن تتحدث للغرب، وأنه لا بد من أن تتحول من موقف رد الفعل إلى الفاعل الحقيقي في تصريحات الخارج التي تسيء إلى مصر والشرق الأوسط. وقال الدكتور حسن عماد مكاوي، وكيل المجلس الأعلى للصحافة وعميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقًا، إن "الوكالات بشكل عام لا تعتمد على مصادر مجهّلة ومن المتعارف عليه في الأداء الإعلامي أن وكالات الأنباء دائمًا تعتمد على مصادر معروفة وموثوق فيها، أما غير ذلك فإنه يخالف المهنية ويخالف المعايير الدولية". وشدد على ضرورة أن يستند من يوجه الانتقادات لوكالات الأنباء بدعم الإرهاب على معلومات وأدلة تؤكد ما يقول، أما غير ذلك فإنها توصف على أنها أخبار مرسلة تُسقط قائلها.