نعم، لماذا لا تنتقل السلطة الآن إلى المدنيين، إلى الشعب، الآن، وليس فى يوليو المقبل، ما هى الموانع القهرية أو الدستورية التى تحول دون ذلك، وإذا كان هناك إجماع من كافة التيارات السياسية على أن تسليم العسكريين البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة مفروغ منه، وهو أهم خطوة فى بناء الدولة الجديدة وطمأنة الرأى العام وقوى الثورة على أن الثورة انتصرت بشكل نهائى وحاسم، أضف إلى ذلك أن مثل هذه الخطوة سوف تدعم الاقتصاد المصرى بقوة، لأنها ستبث روح الاطمئنان عند رجال الأعمال والمستثمرين من داخل مصر وخارجها وتعيد الثقة لمؤسسات الدولة كافة لتنتظم دائرة الإنتاج والعمل، ويكفى أن انتهاء فعاليات ذكرى الثورة فى 25 يناير بصورة سلمية وحضارية جعل البورصة تستعيد عافيتها بصورة غير مسبوقة، وتحقق 16 مليار جنيه تقريبًا فى يوم واحد. أكتب هذا الكلام بعيدًا عن أى مزايدة على أحد، أو استفزاز لأحد، ولكنه لوجه الله، ولمصلحة هذا الوطن العزيز، فلماذا لا نوفر طاقات الغضب والصدام والاستفزاز والشكوك والفوضى بالإعلان عن بدء خطوات عملية لنقل السلطة إلى المدنيين، ما الذى يمنع من الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، لا أعرف إن كان هناك مانع دستورى صريح بموجب الإعلان الدستورى أم لا، لكنى أتصور أنه حتى لو كان هناك مانع، فإن هناك بدائل وسيطة يمكن أن تساعدنا جميعًا على إنجاز هذا المطلب، وعندنا خبراء وكفاءات يمكنها إيجاد مخرج. لست أشك أبدًا فى أن المجلس العسكرى سوف ينقل السلطة بالفعل فى نهاية يونيه، فلا أحد يمكنه أن يتحمل عواقب أى خيار آخر فى هذه النقطة، ولكن السؤال، طالما أن المسألة منتهية، والكل مسلم بها، العسكر أنفسهم والثوار والبرلمان والأحزاب، لماذا نؤخرها ولو شهرًا واحدًا، ما هو المبرر المنطقى لذلك، بصراحة شديدة، لا أجد أى مبرر، بل كل المبررات تدفع فى اتجاه الإسراع بعملية نقل السلطة دون أى تأخير، فكلها مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية للوطن بكامله، وليس لأى قوة فيه بذاتها. طرح الدكتور محمد البرادعى فكرة، أول أمس، أعتقد أنها جيدة للغاية، ويمكن أن تشكل حلاً وسطًا، وهو أن يقوم مجلس الشعب وهو المؤسسة الدستورية الوحيدة المعبرة عن إرادة الشعب الآن بانتخاب رئيس مؤقت للبلاد يتسلم مقاليد السلطة خلال الأشهر المتبقية على نهاية يونيه، ويشرف على عملية إنجاز الدستور الجديد بالتوافق مع البرلمان، ثم يشرف أيضًا على انتخابات رئاسة الجمهورية، ويمكننى أن أضيف بأن الرئيس المؤقت يكون من شخصيات غير مرشحة للرئاسة، والأجواء كلها تميل الآن إلى التوافق، والقوى الإسلامية وفى مقدمتها الإخوان أعلنوا أنهم لن يدعموا مرشحًا إسلاميًا للرئاسة، وسيدعمون المرشح التوافقى، كما أن البرلمان بكل أطيافه أكد أن عملية إنجاز الدستور ستتم بصورة توافقية، وحتى حزب النور السلفى خفف كثيرًا من خطابه فى هذه المسألة، وأعلن أن الأمور كلها ستتم بالتوافق ولن يستأثر أحد بصياغة الدستور. هذه الأجواء كلها تساعد بشكل حاسم على إنجاز عملية انتقال السلطة الآن، فلماذا نؤجلها، هل هناك من يعطينا مبررًا واحدًا للانتظار؟. [email protected]