قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن الجدل يتواصل في مصر حول قرار نقل تبعية جزيرتي "تيران" و"صنافير" إلى السعودية. وأضافت الصحيفة في مقال لها، أن هناك أصواتا في مصر تعتبر هذا القرار بمثابة ضريبة سياسية وبيع للجزيرتين، مقابل المساعدات التي تقدمها السعودية لمصر، فيما يردد البعض الآخر أن الجزيرتين سعوديتان. وتابعت: "وجهة النظر الأولى ترى أنه تم التنازل عن الجزيرتين, مقابل الاستثمارات الضخمة والمساعدات التي لم يُسبق لها مثيل، التي قدمتها السعودية لمصر في العامين الأخيرين, بالإضافة إلى المساعدات التي التزمت بها السعودية لمصر في الخمس سنوات القادمة". واستطردت الصحيفة "المنتقدون لقرار نقل تبعية الجزيرتين, أكدوا أيضا أنه ليس في صلاحيات الرئيس, وفقا للدستور التنازل عن أي جزء من الأراضي المصرية". وأضاف التقرير أنه في المقابل بررت الحكومة المصرية نقل السيادة على الجزيرتين بأنهما مملوكتان للسعودية وأعطتهما لمصر عام 1950 لحمايتهما من إسرائيل". وأشارت "هآرتس" إلى أن الجدل السابق لا يغطي على حقيقة أن مصر ستحصل على مساعدات واستثمارات كبيرة للغاية, مقابل نقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية, قائلة :"من المتوقع أن تقوم السعودية باستثمار أكثر من 20 مليار دولار في مصر في السنوات الخمس المقبلة، كما ستمنح المملكة حوالي مليار ونصف دولار لتنمية شمال سيناء، وستمول بناء جسر بري بين البلدين، وستزود مصر باحتياجاتها من الطاقة على شكل قروض بعيدة المدى بفائدة مريحة تقدر ب 2%". وكانت "هآرتس" قالت أيضا في تقرير لها في 14 إبريل إن قرار مصر نقل السيادة على جزيرتي "تيران وصنافير" إلى السعودية, يعتبر "صفقة جيدة" لإسرائيل, حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة أن هذه الصفقة تتمثل في أنه سيترتب على الاتفاق المصري السعودي حول الجزيرتين, بعثرة أوراق منطقة الشرق الأوسط, بحيث يعاد تقسيم دولها من جديد لصالح إسرائيل بالأساس. وتابعت " بالنظر إلى أن اتفاق مصر والسعودية حول جزيرتي تيران وصنافير يعد سابقة إيجابية في مسألة تبادل الأراضي, فإنه يمكن لإسرائيل محاكاة هذا الاتفاق في المستقبل". واستطردت الصحيفة, قائلة :"إن نقل الجزيرتين من مصر إلى السعودية يفتح آفاقا مستقبلية إيجابية لإسرائيل، ما يتطلب منها الابتعاد عن التفكير في الماضي, حيث خاضت خمس حروب مع مصر". وبدوره, قال موقع "روسيا اليوم", إن ما سماه قرار التخلي عن جزيرتي "تيران" و"صنافير", سيترتب عليه تداعيات خطيرة بالنسبة لمصر, حسب تعبيره. وأضاف الموقع في تقرير له في 18 إبريل, أن المظاهرات التي خرجت في مصر الجمعة, أظهرت بوضوح أن هذا القرار أدى إلى غضب شعبي وتأجيج الانقسام الداخلي, ما قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة. وأشار إلى أن من التداعيات الخطيرة الأخرى, أن سابقة تخلي مصر عن جزيرتين استراتيجيتين في البحر الأحمر, فتح الباب على مطالبات أخرى في حلايب وشلاتين من قبل السودان, بينما تواصل إثيوبيا بناء سد النهضة، والذي من شأنه أن يؤثر على حصة مصر من مياه النيل. وتابع الموقع " الأوضاع المتأزمة في مصر, أثارت مخاوف نسبة غير قليلة من مواطنيها من احتمال الإقدام على تنازلات أخرى, وأن تصبح مثل الرجل المريض, الذي يطمع الآخرون في تركته, على غرار ما حدث مع الإمبراطورية العثمانية في مطلع القرن العشرين, عندما ضعفت وبدأت القوى الكبرى في إجبارها على التنازل عن مناطق بعينها". وتساءل الموقع " هل مصر ضعفت بالفعل, لدرجة أنها تتخلى عن جزيرتين استراتيجيتين لدولة أخرى، مهما كانت المبررات, ومهما كان المقابل المادي؟", حسب تعبيره. وكانت مظاهرات خرجت في مصر الجمعة تحت مسمى " الأرض هي العرض", للاحتجاج على قرار نقل تبعية جزيرتي " تيران وصنافير" للسعودية. وذكرت صحيفة " ميدل إيست آي " البريطانية, أنه بالرغم من أن السلطات المصرية قد اتهمت جماعة الإخوان بتنظيم الاحتجاجات "المغرضة"- والتي من شأنها أن تمثل خرقا لقانون التظاهر- سارعت العديد من التيارات والقوى وشخصيات سياسية إلى الدعوة إلى التظاهر، من بينها حركة السادس من إبريل وأحزاب سياسية أخرى والمرشح الرئاسي السابق اليساري حمدين صباحي, حسب تعبيرها . كما نشرت حركة السادس من إبريل صورة يقولون إنها لمتظاهرين وهم يركضون من الغاز المسيل للدموع أثناء مسيرة انطلقت من حي المهندسين في القاهرة في أعقاب صلاة الجمعة، كانت في طريقها للانضمام إلى مسيرة أكبر بالقرب من ميدان التحرير, على حد قولها. وعلى موقع "فيسبوك", كتب الداعون إلى احتجاجات الجمعة "حقنا في هذه الأرض سنحصل عليه", مرفقين ذلك بصور لجنود مصريين في جزيرة " تيران" والتي يعود تاريخها إلى يونيو من العام 1967. كما كتب الداعون إلى الاحتجاجات " قدمنا أكثر من 100 ألف شهيد في حروبنا مع إسرائيل لاستعادة الأرض. تيران وصنافير حقنا. حق مصر، وحق أطفالنا وأجدادنا الذي قتلوا هناك.والحق يجب أن يعود، ولو على جثثنا", حسب تعبيرهم يذكر أن جزيرة تيران -وهي الكبرى- تقع عند مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبعد ستة كيلومترات عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحتها ثمانين كيلومترا مربعا، أما جزيرة صنافير فتقع شرق جزيرة تيران، وتبلغ مساحتها نحو 33 كيلومترا مربعا. وتكتسي الجزيرتان أهمية استراتيجية لأنهما تتحكمان في حركة الملاحة بخليج العقبة، وكانتا خاضعتين للسيادة المصرية منذ عام 1950, وهما جزء من المنطقة (ج) المحددة في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. ومنذ توقيع القاهرة والرياض اتفاقا بنقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، والجدل محتدم بمصر بين من يتهم الحكومة بالتنازل عن الجزيرتين الواقعتين عند مدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر، وبين من اعتبر هذه الخطوة, بمثابة "رد الحق لأصحابه".