انتشرت على نطاق واسع خلال الأيام الماضية قائمة تم تعميمها منسوبة إلى مكتب رئاسة الوزراء المصري ، موقعة باسم اللواء أركان حرب عمرو عبد المنعم ، الأمين العام لمجلس الوزراء ، ومرفق بها خطاب تحت عنوان "كتاب دوري للسادة الوزراء" ، يقول نصه : (يرجى التفضل بالإحاطة أنه ورد تقرير يتضمن قائمة ، مرفق صورتها ، بأسماء بعض المواقع والقنوات الفضائية المحرضة على العنف والإرهاب ، وبياناتها (الاسم والدولة) والتوصية بتعميم القائمة على مختلف الوزارات والجهات الرسمية ، وبالعرض على السيد المهندس رئيس مجلس الوزراء وجه بالكتابة لسيادتكم لاتخاذ ما يلزم نحو تعميم القائمة في نطاق وزارتكم الموقرة ، رجاء التفضل بالتوجيه بما يلزم) ، انتهى نص الخطاب . القائمة المرفقة مع الخطاب حملت اسم موقع "المصريون" في رأسها بترتيب "الثاني" بعد موقع مصر العربية ، بينما أتى الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين "إخوان أون لاين" في ترتيب 24 ؟! ، والملاحظة الأساسية على الخطاب أنه لا يحمل توقيع رئيس الوزراء ، وإنما فقط توقيع قائد عسكري يحمل رتبة "لواء أركان حرب" وصفته الأمين العام لمجلس الوزراء ، وهذا المنصب من الناحية العملية هو أخطر منصب في المجلس بعد رئيسه مباشرة ، وأكثره نفوذا ، ولا أفهم لماذا يكون مايسترو مجلس الوزراء وعقله الإداري والسياسي الأهم هو لواء أركان حرب ؟! ، كما أن حديث الخطاب عن توجيه رئيس مجلس الوزراء كان شفاهيا بدون أي مستند مرفق أو توقيع ، وهو ما يجعل من الخطاب بهذا الشكل تصرفا فرديا من "اللواء أركان حرب" لحسابات أخرى ، يعزز من هذه النتيجة ، أن عددا من الصحفيين اتصلوا بالمتحدث الرسمي لمجلس الوزراء السفير حسام قاويش ، فنفى علمه بهذا الخطاب أو تلك القائمة بل وأنكر وجودها من حيث الأساس ، بينما لدينا أكثر من مصدر في أكثر من وزارة يؤكد على أن هذا الخطاب وصلهم بالفعل من مجلس الوزراء وتم تسجيله برقم في وارد مكتب الوزير . الخطاب والقائمة المرفقة به خطيرة للغاية ، فبخلاف أنها عملية سب وقذف صريحة ، وتلك موضوع البلاغ الذي سنتقدم به للسيد النائب العام للتحقيق مع "اللواء أركان حرب" الذي سبنا وقذفنا بأننا إرهابيون ونحرض على العنف ، وبخلاف أنها جهل وحماقة من كاتبها الذي أساء إلى الدولة ومؤسساتها السياسية والسيادية كافة واتهمها ضمنيا بالتواصل مع الإرهابيين وهذا حديث يطول شرحه وقد يأتي أوانه ، إلا أن الأسوأ من ذلك أن هذا الخطاب يعرض أكثر من سبعين صحفيا مصريا يعملون في صحيفة المصريون وموقعها ويحملون عضوية نقابة الصحفيين المصريين للخطر الداهم أثناء عملهم ، وكثير منهم يعمل ميدانيا في تغطية أحداث ومظاهرات وخلافه ، فعندما يصفهم مجلس الوزراء بأنهم إرهابيون أو يحرضون على العنف والإرهاب فهو تحريض صريح عليهم يمكن أن يعرضهم للقتل باستهدافهم بضرب النار أو الإصابة أو الاعتقال العشوائي ، وهي دعوة مجنونة وغير مسئولة يتوجب على الزملاء في مجلس نقابة الصحفيين أن يكون لهم كلمة فيها حماية لأعضاء النقابة من هذا "النزق" الحكومي ، وكذلك نطالب المجلس الأعلى للصحافة ببيان يرد فيه على ما صدر أو يطالب الحكومة بنفيه رسميا ، كما نحمل اللواء أركان حرب عمرو عبد المنعم المسئولية الجنائية الكاملة عن أي اعتداء يلحق بالزملاء الصحفيين العاملين في صحيفة المصريون وموقعها الالكتروني أو يلحق بالصحيفة ذاتها . القائمة التي صدرت عن مجلس الوزراء "المصري" هي قائمة إماراتية بامتياز ، وإذا كان الخطاب المرفق يقول "ورد لنا تقرير ... والتوصية بتعميم القائمة" دون أن يوضح من أي جهة ورد ولا من هي الجهة التي طلبت من مجلس الوزراء المصري تعميم القائمة ، فإننا نتطوع بتأكيد أن الجهة التي سلمته القائمة هي "المخابرات الإماراتية" على سبيل الحصر ، وهناك ثلاث أدلة على هذا من الوثيقة نفسها أو بالأحرى من القائمة . الدليل الأول أن القائمة احتوت على موقع إماراتي معارض للسلطات الإماراتية وهو "مركز الإمارات للدراسات" ، وهو موقع نادرا ما يتعرض للسلطات المصرية وغير معروف في مصر أصلا ، ومعظم مادته تتعلق بنقد الحكومة الإماراتية وسياساتها ، فأن يهتم مجلس الوزراء المصري بهذا الموقع تحديدا رغم أنه غير معروف في مصر ونادرا ما يراه أحد هنا ، فهذا دليل على أن "الجهة" التي أعدت هذه القائمة هي جهة إماراتية على سبيل القطع . وقد شملت القائمة على نفس الوتيرة موقع "أسرار عربية" وهو موقع غير معروف في مصر ولكنه شبه متخصص في فضائح إماراتية وتتبع لنفوذ محمد دحلان المستشار الأمني للشيخ محمد بن زايد ، وهو الشخصية الخطيرة التي تحتفظ بعلاقات شخصية متينة مع قيادات مصرية رسمية من الوزن الثقيل ، والأمر نفسه في وضع موقع "وطن يغرد خارج السرب" وهو موقع خليجي بالأساس واهتمامه بالشأن المصري عارض ، ويكثر من انتقاد الإمارات وحكامها ، فاهتمام مجلس الوزراء المصري بهذه المواقع هو أشبه بالنكتة الساخرة ، وكذلك تعميم أسماء تلك المواقع على الوزارات "المصرية" شيء لا يصدق بأي معيار "مصري" داخلي . الدليل الثاني ، أن القائمة احتوت على اسم صحيفة "العرب" القطرية ، وهي صحيفة غير معروفة في مصر أيضا ونادرا ما يتابعها أحد هنا ، ولكنها منتشرة جدا في الخليج العربي وتتابع في الإمارات تحديدا بشكل كبير ، والصحف القطرية بالكامل معارضة للنظام المصري وتنتقده ، ولكن صحيفة العرب تحديدا ورئيس تحريرها عبد الله العذبة يحظون بكراهية استثنائية في الإمارات ، وهناك خصومة شديدة بين الأجهزة الإماراتية وشخصية عبد الله العذبة الصحفي المؤثر خليجيا والناشط على شبكات التواصل الاجتماعي ، فأن تختار القائمة من بين جميع الصحف القطرية هذه الصحيفة تحديدا ، فهذا يعني بوضوح كامل ، أن من أعد هذه القائمة هي جهة إماراتية بحسابات إماراتية . الدليل الثالث ، أن القائمة تتحدث عن المواقع التي تحرض على العنف والإرهاب حسب زعمها ، والقاصي والداني يعرف أن الصراع الآن هو بالأساس بين نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي وجماعة الإخوان ، بينما القائمة كانت مشغولة بأسماء أخرى وحريصة على أن تجعلها في الصدارة وفي رأس القائمة ، وخاصة موقع "المصريون" الذي جعلته في صدارة القائمة بينما الموقع الرسمي لجماعة الإخوان في مصر كان ترتيبه في القائمة 24 ، أي أن "المصريون" ومصر العربية كانت مقصودة أساسا بهذه القائمة ، وغني عن البيان أن السلطات الإماراتية تحمل كراهية وعداوة خاصة لصحيفة المصريون وموقعها الالكتروني ، وقامت بحظر الموقع في الإمارات بكاملها منذ أكثر من عامين ، كما أن صحف الإمارات نشرت "شتائم" رخيصة لشخصي ومقالات كاملة تتهمني وتتهم صحيفة المصريون بنفس ما ورد في خطاب "رئاسة مجلس الوزراء" ، كما أن لدينا معلومات كافية عن ضغوط مارستها جهات إماراتية من أجل الإضرار بصحيفة المصريون ورئيس تحريرها ، وسيأتي اليوم الذي نكشف فيه عن ذلك بالتفصيل ، ونكشف الإعلاميين المصريين الذين يمارسون دور "المشهلاتية" والوسطاء بين أجهزة إماراتية وجهات مصرية . مؤسف جدا أن نضطر إلى نشر هذا "الغسيل الوسخ" على الملأ ، وبطبيعة الحال نتمنى أن تكون الوثيقة المنشورة الآن غير صحيحة ، أو أن يكون أحد "المرتزقة" قد استغل منصبه لتمريرها ، وننتظر تصريحا رسميا من مجلس الوزراء المصري ينفي أن تكون هذه الوثيقة "الإماراتية" قد صدرت ممهورة بختم رئاسة مجلس الوزراء المصري ، في زمان رديء ، أصبح فيه "الرز" شعار المرحلة .