«المصريون» تحاور أسرتي الضحيتين: «آلاء» و«يارا» توفيتا بعد حصولهما على جرعة تطعيم كشفت واقعة وفاة طفلتين بقرية كفر جعفر، التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، إثر تناولهما مصل تطعيم الشلل الخماسي، مدى الإهمال والفساد المستشري داخل الوحدات الصحية بقرى المحافظة. وقالت أسرتا الضحيتين إن اللجنة التي شكلها الدكتور أحمد عماد الدين راضى وزير الصحة لبحث الواقعة لم تلتق بهما، ولم يتم استدعاؤهم من قبل مساعد الوزير، فيما اكتفى أعضاء اللجنة بزيارة المركز الطبي بقرية كفر جعفر والتقوا بالأطباء والممرضات فقط. وأوضحت عائلتا الطفلتين "يارا حسن" و"آلاء أحمد" أنهما كانتا بحالة صحية جيدة قبل التطعيم ولم تكونا مصابتين بنزلة معوية أو غيرها، إلا أن حالتهما تدهورت بعد التطعيم. وشكل وزير الصحة لجنة عليا من وزارة الصحة برئاسة الدكتور أسامة عطا، مساعد الوزير لفحص الأمصال بمراكز الصحة بالمحافظة للتحقيق في الواقعة والتحفظ على الأمصال التي تم إعطاؤها للطفلتين اللتين توفيتا بعدها. وقال أحمد أبوالمجد موسى (29 سنة – عامل) والد الطفلة آلاء البالغة من العمر شهرين ل"المصريون": "توجهت زوجتي بابنتي يوم السبت قبل الماضى لإعطائها التطعيم من مركز البربري لصحة الأسرة بالقرية، التابع لوزارة الصحة، عقب ذلك فوجئنا بارتفاع درجة حرارة الطفلة وحدوث مضاعفات ودخولها في غيبوبة واصفرار وجهها وتنفسها غير طبيعي وفقدان للوعي، وقمت بعمل كمادات لها لتخفيض درجة الحرارة، لكن ابنتي لم تفق من الغيبوبة حتى صباح اليوم التالي". وأضاف: "توجهت بها إلى إحدى العيادات الخاصة المتواجدة بالقرية.. الممرضة في العيادة أول ما شافت حالة ابنتي لم تنتظر عرضها على الطبيب ونصحتني بسرعة التوجه بها إلى مستشفى بسيون المركزي بأقصى سرعة ممكنة وكانوا يقولون إن تلك الأعراض من آثار حقنة التطعيم". وأشار إلى أنه فور وصوله مستشفى بسيون وبتشخيص حالة الطفلة استدعى الأطباء سيارة إسعاف، وقاموا بتحويل الطفلة إلى مستشفى المنشاوي العام بطنطا وبمجرد وصولها قاموا بوضعها على أجهزة التنفس الصناعي، في محاولة لتنشيط حركة القلب مرة أخرى، وأخذ عينة منها وإرسالها إلى أحد المستشفيات التخصصي لتحليلها، وبمجرد ظهور نتيجة العينة أخبرته إحدى الطبيبات بالمستشفى وتدعى "ج" بأن حالة ابنته سيئة للغاية ووظائف المخ متوقفة. وتابع قائلاً: "عندما أخبرتنا الطبيبة بذلك أصابتني حالة من اليأس والإحباط وتوفيت ابنتي الوحيدة بعدها مباشرة بسبب الإهمال والتقصير من الصحة وعند إعطاء التطعيم لم تجر اختبارات لها للحساسية كإجراء وقائي ولا نعرف مدى صلاحية التطعيم أو تم حفظها خطأ وكانت ابنتي هي الضحية". وطالب والد الطفلة، بضرورة محاسبة المسئولين في وزارة الصحة والمديرية بالغربية ومركز صحة الأسرة بالقرية على إهمالهم، الذي تسبب في وفاة ابنته الوحيدة حيث لا يوجد أولاد له وأنه متزوج حديثًا وكانت أولى فرحتهم. وذكر أن نقطة المستشفى حررت محضرًا يحمل رقم 2666 ثان طنطا بوفاة ابنته، وبسؤاله أمام النيابة رفض توجيه تهمة لأحد خشية تشريح جثمان ابنته، مشيرًا إلى ضرورة فحص تلك الأمصال ومعرفة أسباب الوفاة حتى لا يتوفى أطفال أبرياء آخرون، خاصة أن هناك مضاعفات لبعض الأطفال بالقرية ونقل بعضهم للمستشفى الجامعي بطنطا. وقال حسن رجب معالي (موظف بشركة الغزل بطنطا) والد الطفلة يارا: "طفلتي أخذت التطعيم وتوفيت بعد ثاني يوم ولم يعملوا أي اختبارات للتطعيم داخل المركز الطبي بالقرية وحسبي الله ونعم الوكيل في اللي ضيع ابنتي وحرم أخوتها منها". وقالت رابعة فريد، والدة الطفلة يارا: "حسبى الله ونعم الوكيل في كل مسئول مهمل، وكان سبب في وفاة بنتي"، لافتة إلى أنها رفضت تحرير محضر تتهم فيه المسئولين بعد أن قال لها أحد ضباط الشرطة إن ابنتها سيتم تشريح جثمانها إذا وجهت اتهامًا لأحد". وأكد محمد السيد من أهالي القرية، وجود طفلتين أخريين حدث لهما مضاعفات نتيجة حصولهما على تلك التطعيمات، أحدهما أحمد سعد محجوز بمستشفى طنطا الجامعي، والثاني طفلة أصيبت بتورم في القدم مكان إعطاء الحقنة. وأكد "أحمد الغايش"، محامٍ، أن الأهالي امتنعوا عن تطعيم أبنائهم بعد وفاة الطفلتين "يارا" و"آلاء"، وظهور أعراض مرضية على آخرين عقب التطعيم، مثل تورم القدمين، وفقدان الوعي، مطالبًا بمحاسبة المسئولين المتورطين في هذا الإهمال. وحصلت "المصريون" على صور الوحدة الصحية التابعة لمركز "بسيون" التي توضح الإهمال والفساد الموجود بداخلها، مما يؤدي لضياع أرواح الكثير من أهل القرية. وأوضح محمد الجندي، عامل: "أن الوحدات الصحية التابعة لمركز بسيون، تحولت إلى "خرابات تسكنها الأشباح"، فهي تخلو من الأطباء والأدوية، وعندما يصاب أحد من الأهالي بمرض يحملونه على أكتافهم, لعدم وجود سيارة إسعاف، ويضطر ذوو المريض إلى قطع عدة كيلومترات للوصول إلى أقرب مستشفى بالمدينة، ما يعرض حياة المريض للخطر، كما حدث مع عروسين لقيا مصرعهما منذ أسابيع, بعدما ذهبوا بهما إلى الوحدة، لكن لم يجدوا أطباءً، فتوجهوا إلى مستشفى جامعة طنطا، حتى فارقا الحياة في الطريق. وقالت وفاء الصعيدي (ربة منزل) إن "الوحدة الصحية بقرية الدلجمون بمركز كفر الزيات، لا توجد بها أدوية ولا تخصصات طبية، وتنقل الحالات المرضية إلى مستشفى كفر الزيات المركزي أو مستشفيات طنطا، مطالبة المسئولين بتجهيز الوحدات الصحية وتوفير الرعاية الكاملة للمرضى بها أو إغلاقها. وأشار ياسر المسيري، والد طفل مريض بالسرطان، إلى أن الوحدة الصحية بقرية كفر مشلة التابعة لمركز كفر الزيات، لا يوجد بها طبيب، في حين إن القرية بها العديد من مرضى السرطان بسبب الإهمال الطبي وتلوث مياه الشرب. وقال الدكتور محمد شرشر، وكيل وزارة الصحة بالغربية إن "الوحدات الصحية بالقرى تعاني عجزًا في تخصصات الأطباء، ومديرية الصحة تبذل جهودها حاليًا لاستكمال نقص الأطباء"، مؤكدًا أنهم يعملون على معالجة أي قصور إداري أو طبي، وهناك اتجاه حكومي بتحويل بعض الوحدات في القرى الكبيرة إلى نظام مركزي. وأكد شرشر تشكيل لجنة للتحقيق بخصوص أمصال التطعيم المتواجدة في الوحدات الصحية بقرى محافظة الغربية، وأن أعضاءها زاروا الوحدة الصحية بقرية كفر جعفر، وتم التحفظ على عدد من الأمبولات والأمصال, من أجل إرسالها إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة, لتحليلها ومعرفة مدى صلاحيتها من عدمه، وهل تسببت فعلا في وفاة الأطفال أم لا.