من سيفرض شرعيته على الآخر؟ .. ميدان التحرير على البرلمان .. أم البرلمان على ميدان التحرير؟ إن البرلمان فى أولى جلساته حاول أن يكون جزءًا من الميدان، وكانت كلمات الأعضاء فى المطالبة بالقصاص أكثر عنفًا وشدة من الميدان نفسه، وكان أعضاء البرلمان ثوارًا قبل أن يكونوا نوابًا. ولكن الميدان لم يقتنع بأن بالبرلمان هو برلمان الثورة، ومازال على قناعاته بأن هذا برلمان ما بعد الثورة، وأن الثورة قد اختطفت منه، بل ظهرت فى الميدان دعوات تطالب بحل البرلمان! ويحاول المهندس ممدوح حمزة وأنصاره الإيحاء بأن شرعية الميدان الثورية أعلى من شرعية البرلمان الشعبية، وأن البرلمان عليه أن يستجيب ويتبنى مطالب وأوامر الميدان قبل أجنداته ومعتقداته الفكرية والأيدلوجية. وهى مواجهة إن استمرت فلن تكون فى صالح التجربة الديمقراطية أو فى صالح الاستقرار الاجتماعى، لأن التوتر سيظل قائمًا، والثوار سيظلون ثائرين، والاعتصام سيظل قائمًا، وأى عواقب سلبية ستظل أيضًا متوقعة..! والاعتصام إلى حين تسليم السلطة ليس له ما يبرره الآن، فلا يحق لأى مجموعة أو فئة أو ميدان أن يفرض شروطه وإرادته على الشعب، فتسليم السلطة الرئاسية إلى رئيس مجلس الشعب الآن هو أمر مرفوض، فنحن قد انتخبنا رئيس مجلس الشعب على أساس أنه نائب بالمجلس وليس رئيسًا، ومعايير ومواصفات اختيار وانتخاب الرئيس تختلف تمامًا عن انتخاب نائب بمجلس الشعب، كما أننا نرفض تسليم السلطة لأى مجلس رئاسى، وهو أمر مرفوض أيضًا، خاصة أننا على بعد أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الحرة التى ستأتى بمن يريده الشعب ويختاره. إن الضرورة تقتضى أن يكون الميدان هو قوة الدفع الثورى للبرلمان فى تحقيق مطالب الجماهير فى الحرية والعدالة، وأن يظل الميدان محركًا للبرلمان فى تبنيه لقضايا الفقراء والمهمشين والمحرومين، فالبرلمان يجب أن يضع فى أولوياته برنامجًا للقضاء على العشوائيات، والتخلص من الفقر، ورفع مستوى معيشة المواطنين، وخلق مشروع قومى جديد تلتف حوله الأمة ليحقق لها الرخاء والتقدم. إننا مع الثورة المستمرة، التى تعنى الحماس والإخلاص الوطنى، ولكننا لسنا مع محاولة إجهاض المرحلة الأولى من التحول الديمقراطى باتخاذ مواقف متصلبة تحول دون الانتقال السلس التدريجى للسلطة سلميًا. فنحن مع الميدان الثورى، ولكن الشرعية هى للبرلمان المنتخب. [email protected]