تباينت آراء القوى الوطنية والسياسية فى المحافظات، حول قرار المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بإلغاء قانون الطوارئ إلا فى حالات البلطجة "، ففى الوقت الذى تلهف فيه الشعب هذا القرار وفرحوا به، اتفق معهم المؤيدون لأن إلغاء القانون أكمل لهم حرياتهم المنقوصة، فيما طالب المعارضون بوضع تعريف للبلطجى، وسط مخاوف من ثغرات تتيح ملاحقة الثوار والمعارضين للمجلس العسكرى، مؤكدين أنهم مستمرون فى الثورة لتنفيذ كل المطالب، واعتبروا أن خطاب المشير لا يختلف كثيراً عن خطابات مبارك. الدكتور هشام عنانى، الأستاذ بكلية الطب جامعة الزقازيق، ورئيس حزب المستقلين الجدد، أكد أن قرار المشير طنطاوى بإلغاء قانون الطوارئ يعد مطلباً شعبياً وحيوياً منذ أكثر من 30 عامًا، إبان النظام الفاسد البائد، شريطة أن يستعيد الأمن فى البلاد سواء كان من الجيش أو الشرطة، لما لهما من دور كبير فى الحفاظ على أمن واستقرار مصر. وأضاف أن الأثر الإيجابى للقرار أنه يعد خطوة حقيقية ومتقدمة للعودة للحياة الطبيعية بعيدا عن تقييد الحريات، مشيرا إلى أنه كأحد قيادات الأحزاب السياسية فى مصر ضد كل القوانين الاستثنائية، لأنها قوانين ظالمة ومقيدة للحرية، وتكون فى مصلحة نظام سياسى، موضحا أنه من ضمن إيجابيات هذا القرار أيضا سيكون بناء دولة قوية وصحيحة. ودعا عنانى، القوى السياسية وأعضاء مجلس الشعب المنتخب، بأن ينشغلوا ببناء الدولة التى أصبحت على وشك الانهيار، وأن يكون أساسها مبدأ سيادة القانون، واستقلال القضاء وعند ذلك لا نكون فى حاجة إلى أى قوانين استثنائية ملفوظة من جميع قوى الشعب المصرى. وأكد المهندس إبراهيم أبو عوف، عضو مجلس الشعب وأمين حزب الحرية والعدالة بالدقهلية، أن القرار أثلج صدور الجميع، فمنذ أن أعلن المشير قراره، شعر لأول مرة منذ 30 عامًا كاملة بمعنى كلمة الحرية، فرغم قيام الثورة المجيدة إلا أنه كانت هناك حرية مقيدة بسبب وجود قانون الطوارئ، حسب قوله. وأضاف أنه من إيجابيات إلغاء هذا القانون تحسين العلاقة بين المواطنين وجهاز الشرطة، لأنه لم تعد هناك أساليب قمعية ظالمة ترتكب ضد الشرفاء والأبرياء من قبل رجال الشرطة باسم قانون الطوارئ. وأعلن ممدوح عبد الحكيم، أمين حزب السلام الديمقراطى بالدقهلية، فرحته وفرحة حزبه البالغة بقرار المشير، موضحا أن الشعب كان "يتلهف" صدور هذا القرار منذ مدة زمنية طويلة إبان عهد المخلوع الذى ابتكر هذا القانون الاستثنائى وأسماه "بالطوارئ" حتى يكون مسخرًا لمصلحته هو ونظامه البائد المستبد، ولعل هذا القرار هو أحد الأسباب التى قامت من أجله الثورة المجيدة وطالبت به. وانتقد المهندس فايز حمودة، رئيس لجنة التنسيق بين الأحزاب بالغربية، تجاهل المشير فى بيانه العديد من الأحداث، فلم يشر من قريب أو بعيد إلى مصير قتلة الشهداء فى محمد محمود ومجلس الوزارء وماسيبرو. وأشار إلى أنه تحدث عن إنهاء حالة الطوارئ إلا فى حالة البلطجة، موضحًا أن هناك غموضًا شديدًا ومغزى آخر، لأنه لم يحدد من هم البلطجية. وقال كمال عرفة، أمين حزب الكرامة بالغربية ، إن المجلس العسكرى – رغم تطبيق قانون الطوارىء – لم يتمكن من إلقاء القبض على البلطجية، مشيرًا إلى أن طنطاوى لم يضع تعريفًا للبلطجى مما يثير الريبة والشك. وتساءل: لماذا اختفى دور البلطجية أثناء الانتخابات ؟ وهل هناك يد خفية تتلاعب بالبلطجية ومثيرى الشغب؟ واعتبر أن هذا الخطاب لم يشف غليل أسر الشهداء، وأنه خطاب للعامة لتقليب الرأى العام على بعضه. ومن جانبه وصف أحمد عبد الله، عضو الهيئة العليا بحزب الوسط بالغربية، هذا الخطاب بالغامض، لأن إلغاء الطوارئ عدا حالات البلطجة يثار حولها شبه غموض، موضحاً أن خطاب المشير لم يختلف كثيرًا عن خطابات مبارك. فيما رأى محمد حجازى، أمين الحزب الناصرى بالغربية، أنه يثق فى الجيش، وعلى يقين أنه ينوى تسليم السلطة للمدنيين، وأن المشير لم يخطئ عندما استثنى البلطجية، إلا أن حالة الترقب وسوء الظن تجعل من كل ما هو جيد سيئا. وأكد أبو المعالى فايق، أمين حزب العمل بالغربية، إن البيان يفتقد كعادة بيانات المجلس العسكرى الدقة والحرفية التى تجعل منه خاليا من اللبس وسوء الظن. وأشار محمد المسيرى، عضو اللجنة العليا لحزب الوفد بالغربية، إلى أن المشير لم ولن يقنع الشعب المصرى بسبب تاريخه مع المخلوع، ولذلك فإن بياناته دائما لا تحظى بالقبول حيث يتشكك العديد فى نوايا المجلس العسكرى، وانعدمت الثقة بين المجلس والقوى السياسية، إلا ما كان من اتفاقات وتربيطات وصفقات بين بعض التيارات وبين العسكرى. ووصف أحمد جلال الدين، أمين عام حزب الوسط بالمنوفية، خطاب المشير بأنه مسكن للعقول، ولا أهمية له، لأنه لم يأتِ بجديد، مشيراً إلى أن قانون الطوارئ منتهٍ دستوريًا منذ شهر سبتمبر الماضى بعد 6 شهور من الثورة ومنذ الإعلان الدستورى الأول. وأضاف أن الخطاب جاء لتهدئة الشباب، ولكنه خطوة متأخرة جدًا أخطأ فيها المجلس العسكرى، مؤكدًا أنه من الأولى الحديث عن الأزمات الحالية وحسم المشاكل التى تمر بها البلاد. وأكد محمد نبوى، ناشط سياسى وعضو الهيئة العليا لحزب الثورة المصرية، أن الخطاب جاء تحت ضغط من الشباب، وبالتالى فقد قيمته، وأصبح بلا هدف، موضحًا أنهم كانوا يتمنون من المجلس العسكرى أن يكون صاحب مبادرة وأن يلبى مطالب الثوار فى ميدان التحرير. وأضاف أن الخطاب سيؤدى إلى استمرار الحالة الثورية وعدم ترك الميدان، فشباب التحرير يفرضون إرادتهم على المشير، لأنه الضمان الوحيد لتحقيق مطالب الثورة، كما أن الخطاب جاء متأخرا جدا، معتبراً أن صدوره فى هذا التوقيت من أجل التأثيرعلى القوى السياسية التى تشارك فى مظاهرات التحرير وليس الاحتفالات. وقال محمد كمال، منسق حركة 6 أبريل بالمنوفية، إن خطاب طنطاوى يتشابه مع خطابات مبارك الأخيرة فى إثارة الرأى العام وليس تهدئته، مضيفاً أن الرسالة الموجهة إلى الشباب جاءت فى غير موعدها وكان يجب إعلانها منذ فترة طويلة. وأشار إلى أن مطالب الثورة لا تتجزأ، حيث جاء الخطاب بعيدًا عن أهداف الثورة ومطالبها، فمجلس الشعب هو الذى يصدر القوانين وليس المجلس العسكرى، وبالتالى الخطوة نفسها ليس لها أساس.