لم يخف الإسلاميون الذين كانوا الأكثر تضررًا من تطبيق قانون "الطوارئ" على مدار نحو 30 عامًا، قلقهم البالغ من قرار المجلس العسكري بتفعيل القانون سيء السمعة واستمراره حتى يونيو من العام القادم، خاصة وأنه لا يوجد مبرر يستدعي ذلك في ظل وجود قوانين تكفي لوضع حد لحالة الانفلات الأمني وردع عمليات "البلطجة"، وهي الأسباب التي استند إليها المجلس في تمديده، متجاوزًا الإعلان الدستوري، وتحذيرات العديد من الفقهاء الدستوريين والقانونيين بعدم دستوريته. وأكد الدكتور محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد، المتحدث الإعلامي باسم "الإخوان المسلمين": "إن حالة الطوارئ المطبقة حاليًا غير دستورية، ولو شرع المجلس العسكري استخدامها وأصر على ذلك، فإن ذلك بعد أمرًا غير قانوني، ومن السهل على أي شخص يضار من هذا الإجراء أن يلجأ للقضاء ويأخذ حقه". وأضاف في تصريحات ل "المصريون"، إن الضغط الشعبي لمواجهة هذا القانون من خلال النزول إلي الشارع "أمر وارد لدى الجماعة، إلا أن قرارًا كهذا لم يتخذ بعد، والجماعة لم تقرره بعد"، موضحًا أن "مثل هذه القرارات لا يأخذها شخص واحد داخل الجماعة، وإنما يتم مناقشتها داخل مكتب الإرشاد وتجرى حولها مشارورات حتى يتم التوافق على القرار النهائي". بدوره، أكد الدكتور خالد سعيد، المتحدث الرسمي باسم "الجبهة السلفية"، أن كافة الخيارات مطروحة ومفتوحة لمواجهة إصرار المجلس العسكري على تفعيل "الطوارئ"، بشكل مطعون في دستوريته وكما أكد العديد من فقهاء القانون، متسائلا: لماذا يتم الاستناد إلى قرارات جمهورية من أيام مبارك لإضفاء الشرعية على القانون؟، معتبرا أن هذا الأمر "اعتراف صريح من جانب المجلس العسكري بأنه امتداد لحقبة مبارك". وأوضح أن هناك مشاورات ترجى حاليا مع كافة القوي السياسية لوضع المقترحات وسبل التصدي لإصرار المجلس العسكري على تطبيق حالة الطوارئ على الرغم من عدم دستوريتها، مشيرا إلى أن هناك حالة من الغضب تسود كافة القوى الوطنية جراء تفعيل القانون سيء السمعة، وأن الجبهة تضع كافة البدائل أمامها لمواجهة هذا الأمر. لكن الدكتور عماد عبد الغفور رئيس حزب "النور" السلفي قال إن هناك من الطرق الدبلوماسية السياسية المتاحة لدى كافة القوى الوطنية والتي من الممكن التعويل عليها والضغط بها للتوصل إلى تفاهمات مع المجلس العسكري حتى يقوم بإنهاء حالة الطوارئ. وشدد على أهمية الضغط بوسائل سليمة بقدر المستطاع من أجل الحفاظ على استقرار الشارع المصري والبلد، مقترحا اللجوء للقضاء لإنهاء الجدل حول دستورية قانون الطوارئ إلى جانب الضغط السياسي، مستبعدا تفعيله خلال الانتخابات المقبلة في الانحياز لحزب أو تجمع دون الآخر من جانب المجلس العسكري، ورأى أن إلغاءه سيكون بيد مجلس الشعب القادم والذي يمتلك القدرة على إلغائه منذ بداية انعقاده. من جانبه، أكد المهندس عاصم عبد الماجد، المتحدث الإعلامي باسم "الجماعة الإسلامية، أن الجماعة لم تتخذ بعد القرار بشأ تفعيل "الطوارئ" وتمديدها دون استفتاء شعبي، لكنه حث المجلس العسكري على أن يكون أكثر وضوحا مع الشعب، لأن هناك أشياء مخيفة ومقلقلة تساور البعض من محاولة تطويل المرحلة الانتقالية وتفعيل الطوارئ. وطالب عبد الماجد المجلس بتسريع عملية نقل السلطة للمدنيين، مؤكدا أن القوي السياسية ستدعو للتظاهر والضغط بالشارع من أجل إنهاء إصرار المجلس العسكري على تفعيل حالة الطوارئ. فيما اعتبر الدكتور مجدي قرقر الأمين العام لحزب "العمل" أن قرار المجلس العسكري بتفعيل الطوارئ هو إخلال بالوعد الذي قطعه علي نفسه وحكومة تسيير الأعمال، وأكد أنه يرى أن النزول للشارع أولى من اللجوء للقضاء لإحداث ضغط جماهيري لإنهاء حالة الطوارئ وسرعة تسليم السلطة وفقا لجدول زمني محدد سواء لرئيس جمهورية منتخب أو حكومة منتخبة. وقال إن القضية الأولى التي تشغله هو كيف يتم تسليم السلطة إلى المدنيين بأسرع وقت ممكن لأن المجلس العسكري كان قد أعلن أنه سيستمر لمدة ستة أشهر فقط يسلم بعدها السلطة للمدنيين وهو ما لم يحصل بعد أن تجاوز ثمانية أشهر الآن حتى على تكليفه إدارة شئون البلاد. بدوره، أكد الدكتور محمد أمام أستاذ القانون الدستوري وعضو المكتب السياسي لحزب "الفضيلة" أن كافة الحلول لإنهاء حالة الطوارئ مطروحة ، بداية من اللجوء للقضاء ونهاية بالقيام بثورة شعبية. وطالب المجلس العسكري بالوفاء بوعده وإنهاء "غول الطوارئ"، الذي يريد أن يغتال الحريات، قبل الانتخابات المرتقبة، والالتزام بالإعلان الدستوري والذي يؤكد عدم دستورية الطوارئ الآن. وشاطره المهندس محمد سامي المنسق العام ل "جبهة الإرادة الشعبية الرأي" الرأي، مطالبا المجلس بالوفاء بوعده والالتزام بإنهاء حالة الطوارئ، مؤكدا في الوقت نفسه أن كافة البدائل متاحة إذا ما أصر العسكري علي تفعيل قانون الطوارئ الغير دستوري بقرار منه. ورأى عصام زيدان المتحدث الإعلامي باسم حزب "الإصلاح والنهضة"، أنه ليس هناك أي مبرر لدي المجلس العسكري لتطبيق قانون الطوارئ، مرجعا ذلك إلى أن القوانين العادية بها ما يكفل لرجل الشرطة التعامل مع أي بلطجي أو حالة انفلات أمني بل أن القانون العادي يعطيه في بعض الأوقات صلاحيات جائرة واستثنائية لابد من تقليصها أيضا. وأضاف قائلا: "الشواهد علي مدار العقود السابقة تؤكد أن قانون الطوارئ لا يطبق علي البلطجية وإنما يستخدم في مواجهة السياسيين، وأن أخذنا بقولهم إنه يطبق من أجل مواجهة حالة الانفلات الأمني، فلماذا الوضع الأمني ما زال مترديا والانفلات قائما على الرغم من تطبيق القانون وتفعيله". وأعتبر أن الحل يكمن في جهتين بأن يتم ممارسة الحق القضائي والقانوني باللجوء للقضاء للتأكيد علي عدم دستورية تفعيل القانون، والجانب الثاني هو الضغط من قبل القوي السياسية "وليس من خلال المليونيات أو التظاهرات" علي المجلس العسكري لتحقيق المطالب الثورية والتي منها وقف العمل بقانون الطوارئ.