"قامت الدنيا ولم تقعد" ضد قرار الرئيس الأسبق محمد مرسي، بإقالة النائب العام الأسبق المستشار عبدالمجيد محمود، بدعوى أن ذلك يمثل تعديًا على سلطات القضاة، ونظمت مليونية "مصر مش عزبة" ضد قرار الإقالة. في المقابل، اختلفت مواقف القوى السياسية نهائيًا بعد قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بإقالة المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وكأن شيئا لم يحدث. وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن "قرار الدكتور محمد مرسي بإقالة النائب العام وتعيينه سفيرًا لمصر في الفاتيكان مخالف للدستور وقانون السلطة القضائية، والذي حصن النائب العام ووكلاء النيابة والمساعدين من الإقالة، ونص على أنهم غير قابلين للعزل." وأوضح الجمل في تصريحات صحفية حينها، أن "مجلس القضاء الأعلى هو الذي يملك سلطة إقالة أو تعيين النائب العام، وأن رئيس الجمهورية يوقع فقط على القرار"، مطالبًا المستشار عبدالمجيد محمود بالطعن على القرار أمام القضاء الإداري وعدم الاستسلام له باعتباره مخالفًا للدستور والقانون. فيما علق الجمل على قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بعزل جنينة، قائلاً إنه قانوني ودستوري تمامًا. وأضاف الجمل في تصريحات صحفية، أنه لا صحة لما يتردد حول مخالفة القانون الذي تم بموجبه عزل جنينة، وفقا للدستور المصري. وتابع: في حالة فقدان أحد رؤساء الهيئات الثقة والاعتبار أو الإضرار بالأمن القومي يجوز عزله، بحسب قوله، مشيرًا إلى أن تصريحات جنينة بشأن الفساد أضرت بالأمن القومي. كما انتقد الدكتور شوقي السيد، الخبير القانوني والدستوري، إقالة النائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يعتبر تعديًا على السلطة القضائية وخرقًا للقانون الذي لا يعطي الحق لأي منصب في إقالة النائب العام. وأضاف السيد في تصريحات صحفية آنذاك، أن إقالة النائب العام جريمة تعدت مذبحة القضاة التي قام بها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عام 1968. ولفت السيد إلى أن مذبحة القضاة في عهد جمال عبد الناصر كانت عبارة عن إعادة تشكيل الهيئات القضائية، أما إقالة النائب العام فهو عزل لأكبر رأس في السلطة القضائية وجريمة بشعة في حق القضاة، ومعناها مجازاته بما يزيح حصانة السلطة القضائية جانبًا والتعدي الصريح عليها من قبل السلطة التنفيذية. وأكد السيد أن الرئيس لا يملك على الإطلاق سلطة إقالة أو نقل أصغر وظيفة في سلك القضاء، موضحًا أن جمع الرئيس بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لا يضيف جديدًا في موقفه أمام القضاء، وأن القادر على عقاب أي قاض هو المجلس الأعلى للقضاء وحده، وذلك بعد عدة إجراءات وتحقيقات، لافتًا إلى أن أي إجراء مخالف يُعد خرقًا للحصانة القضائية التي هي ترسيخ لمهابة القضاة. أما في واقعة المستشار هشام جنينة، فقد كان له رأي مخالف فقال إن قرار الإعفاء جاء قانونيًا، ولا بد من تقديم جنينة للمحاكمة وسجنه بسبب تقديم معلومات خاطئة أثرت بصورة سلبية على مصر واستثماراتها. وتوقع السيد في تصريحات صحفية، أن تتم إحالة جنينة إلى النيابة العامة للتحقيق معه لمحاكمته جنائيًا، بتهمة الإضرار بالمصالح العامة للبلاد ونشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها بث الرعب والفزع بالمجتمع، وهي وقائع تمثل جنايات تهدد أمن الدولة الداخلي، متابعًا أن جنينة سيواجه مصير المثول أمام المحكمة الجنائية. وعقب إقالة النائب العام الأسبق، سارعت القوى السياسية والأحزاب الليبرالية إلى القيام بتحركات مضادة. فقد اجتمع المرشحان الرئاسيان الخاسران عمرو موسى وحمدين صباحي، والدكتور محمد البرادعي لإعلان موقفهم برفض إقالة النائب العام، وانتفض الإعلام ضد الإقالة، معتبرين ذلك تعديًا على السلطة القضائية. أما الآن فلم يصدر عن أي من هؤلاء ردود فعل مماثلة عقب عزل جنينة. وقال المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي إن عزل جنينة يعادل تمامًا قرار الرئيس المعزول محمد مرسي بإقالة المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام الأسبق. وقال "البرعي" في تغريدات متتابعة على موقع التدوينات القصيرة "تويتر": عزل هشام جنينة يساوي بالضبط عزل عبد المجيد محمود كلاهما كان التفاف من السلطة التنفيذية علي أحكام الدستور واستقلال جهات الرقابة". وتابع: "عزل هشام جنينة أسقط هيبة الجهاز المركزي للمحاسبات؛ مبارك كان حريص علي حماية جودت الملط من أحمد عز. ولم يقدم رئيس من قبل علي عمل مثل هذا". واستطرد: "من كانوا يشيرون على مرسي بما يفعله كانوا يحبونه ويتصورون إنهم يساعدونه؛ أتصور أن مستشاري السيسي اليوم شأنهم شأن مستشاري مرسي بالأمس". فيما علق المحامي والحقوقي ناصر أمين على عزل جنينة قائلاً عبر حسابه على موقع "تويتر": "عزل هشام جنينة جاء بموجب قانون صدر من عدة أشهر يمنح الرئيس حق عزل رؤساء الهيئات الرقابة وهو قانون مخالف للدستور مخالفة فجة ويمكن الطعن عليه". وقال في تغريدة ثانية: "هشام جنينة من أشرف قضاة مصر، وأكثرهم استقلالاً ونزاهته المعلومة عنه وصلابته.. تجعلنا نفهم الآن.. إلى أين نحن ذاهبون". وأبدى أمين تعجبه في تغريدة ثالثة من عزل جنينة: "كانت مهمة المستشار جنينة هي كشف فساد مؤسسات الدولة ووقف إهدار المال العام، وقد كشف وحذر من إهدار مال الشعب.. وتم عزله!!؟". وقال الدكتور أيمن نور، زعيم حزب "غد الثورة"، ورئيس مجلس إدارة قناة "الشرق"، إن عزل جنينة " دليل على أن هناك مزاوجة غير مشروعة بين الفساد والاستبداد، حيث إن الفساد يضرب مَن يواجهه والاستبداد يضرب مَن يعارضه، فهشام جنينة لم يكن زعيمًا سياسيًا، لكنه تحدث فقط بضميره باعتباره يدافع عن الحق ويقول الصدق حتى ولو على حساب منصبه".