فاروق: مجرد مسكنات.. مهنا: الدولار سيرتفع ل14جنيهًا.. ولطفى: قرار تأخر كثيرًا أثار قيام البنك المركزى بخفض قيمة الجنيه بنسبة 14 فى المائة تقريبًا، موجة من التكهنات حول تأثير ذلك على أسعار السلع والمنتجات، فضلًا عن مدى مساهمة هذا القرار فى حل ما عُرف ب"أزمة الدولار" التى تضخمت فى الأسابيع الماضية . وقال الدكتور عبد الخالق فاروق - الخبير الاقتصادى - إن هذه القرارات لن تساهم فى حل أزمة الدولار، مشيرًا إلى أنه "بعد فترة هدوء قليلة فى أسواق النقد الأجنبى سوف يعاود الدولار صعوده والجنيه المصرى هبوطه والشعب سيكتوى من غباء تلك السياسات.. بحسب تعبيره . وأضاف: عمومًا الإجراءات الأخيرة التى اتخذها البنك المركزى المصرى بتخفيض قيمة الجنيه المصرى بنسبة 14% تقريبًا تعنى أن البنك قد ركز اهتمامه على عنصر واحد من وظائفه ألا وهو الحفاظ فقط على ما بقى من الاحتياطى النقدى المتاح لديه من النقد الأجنبى وخصوصًا الدولار ، وضرب عرض الحائط بالوظائف الأخرى وأهمها استقرار الأسعار وضبط معدلات التضخم فى الأسواق المصرية، وبالتالى سوف نشهد ارتفاعات كبيرة جدًا فى الأسواق، سيتضاعف أثرها السلبى بسبب سياسات وزير التموين من ناحية ونهج الدولة والحكومة التى ترفع الشعار المقدس "اقتصاديات السوق الحرة" بحسب قوله. وعن إمكانية مساهمة تلك الإجراءات فى حل أزمة الدولار قال عبد الخالق:"الحقيقة بكل بساطة ووضوح.. لا.. لأن جوهر الخلل البنيوى مازال موجودًا فى السياسات الاقتصادية الكلية( تآكل قدرتنا فى قطاعات الإنتاج السلعى وخصوصا الزراعة والصناعة والكهرباء والطاقة) مما أدى إلى أن 70% تقريبًا من احتياجاتنا الغذائية والصناعية نستوردها من الخارج.. ومن ناحية أخرى، فإن عوائدنا من النقد الأجنبى تتراجع ليس فقط من السياحة بل أيضًا من تحويلات العاملين فى الخارج ومن صادرات البترول الذى أنهار سعره.. مضيفًا: ستظل الفجوة التمويلية فى ميزان المدفوعات وتحديدًا الميزان التجارى قائمة وهى تتجاوز 50 مليار دولار سنويًا فمن أين نأتى بها؟ فى الوقت ذاته تنبأ الدكتور عماد مهنا - أستاذ الاقتصاد السياسى - أن يرتفع سعر الدولار خلال الأيام المقبلة إلى 14 جنيهًا، مضيفًا: "البنك المركزى يعلم هذا بالطبع لأن الإنتاج متوقف فى مصر، ولا توجد أى عمليات تصدير للخارج تستطيع جلب عملة صعبة" .
وأضاف: قرار البنك المركزى بخفض قيمة الجنيه مجرد "مسكنات" وقريبًا لن يستطيع التحكم فى سعر الصرف لأن مصر تستورد 75% من احتياجاتها تقريبًا . وطالب مهنا، بتثبيت العملة الآن عن طريق البنك المركزى والبعد عن استيراد السلع الاستفزازية مثل لعب الأطفال التى تستوردها مصر ب22 مليار دولار سنويًا. بينما تحفظت الدكتورة يمن الحماقى - أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة - على قرار البنك المركزى بخفض قيمة الجنيه قائلة: "هذا التخفيض مبالغ فيه.. وسيؤدى إلى ارتفاع الأسعار.. كما سيزيد من معدل التضخم مما يؤثر على الدخل الحقيقى للأسرة. وتابعت: ليس أمامنا سوى الاستغناء عن السلع غير المهمة التى نستوردها من الخارج، وعلى الحكومة أن تسيطر على السوق، وتعيد تشغيل المصانع لزيادة حجم المعروض من السلع ومن ثم انخفاض أسعارها. فى السياق نفسه، أرجع الدكتور جودة عبد الخالق - أستاذ الاقتصاد ووزير التموين الأسبق - سبب اضطرار البنك المركزى لتخفيض قيمة الجنيه إلا أنه أغلب المصانع متوقفة، ولم يعد هناك إنتاج زراعى أو صناعى، وبالتالى لا تملك الدولة ما تصدره للخارج لتحصل على عملة صعبة .
ولفت، إلى أن قرار تخفيض سعر الجنيه يعد بمثابة فرض ضريبة على من يملك ودائع بالجنيه أو من يحصل على دخله بالجنيه، مشيرًا إلى أن جزءًا من الدعم الذى تقدمه الدولة سوف يتأثر سلبًا بهذا القرار . واستبعد "عبد الخالق" أن يساهم قرار البنك المركزى فى إصلاح الأجواء السلبية التى يمر بها الاقتصاد المصرى، مشيرًا إلى أنه سوف يؤدى إلى زيادة كبيرة فى الأسعار وتكلفة المعيشة . بينما سار الدكتور على لطفى - رئيس الوزراء الأسبق - عكس التيار وأبدى تأييده لقرار خفض قيمة الجنيه، لافتًا إلى إنه "قرار تأخر كثيرًا لأن ما يحدث فى السوق السوداء من تعاملات مريبة يستدعى هذا.. بحسب رأيه. وأشار إلى أن هذا القرار لن يؤدى لحل مشاكل الاقتصاد المصرى، ولابد من إعادة تشغيل المصانع لكى تقدم منتجات بديلة للمستوردة مما يقلل من الاحتياج الدولارى، فضلًا عن محاولة جذب السياح مرة أخرى . على ضوء هذا، أكدت وكالة رويترز الأمريكية، أن الجنيه المصرى يبدو أقوى من حقيقته حتى بعد خفض قيمته هذا الأسبوع وقد يتعين أن يتراجع عشرة بالمائة أخرى لجذب التدفقات الدولارية إلى الاقتصاد واستعادة القدرة التنافسية.
وقال تشارلز روبرتسون كبير الاقتصاديين لدى رينيسانس كابيتال، الجنيه أبعد ما يكون عن قيمته العادلة حتى الآن. لقد انتقل من كونه أكثر عملة مقدرة بأعلى من قيمتها الحقيقية إلى أحد أكثر عملات الأسواق الناشئة المقدرة بأعلى من قيمتها الحقيقية وفقًا لسعر الصرف الحقيقى الفعال. وأضاف روبرتسون، أن تحليل رينيسانس كابيتال لتاريخ سعر الصرف الحقيقى الفعال للجنيه على مدى 20 عامًا يشير إلى قيمة عادلة بنحو 10.5 للدولار بنقود اليوم. لكنه أضاف أن التضخم والمخاوف من القلاقل الاجتماعية قد تحد من أى تحركات كبيرة أخرى.