المحصلة النهائية مما يدور حاليا ان السعودية وتركيا خارج حسابات السياسة الخارجية الأمريكية!! انقلاب حقيقى وتغيير فى بوصلة أمريكا الخارجية، استعاضت عنهما بالحليف القديم اللذيذ والمحبب إليها إيران تستجلب معه مجد ولى وأجواء مفعمة بالحب مع نظام الشاهنشاه، وبطبيعة الحال تغييرت معه أدوات اللعب، وأساليب المناورات، والقواعد الدبلوماسية، ومن الآخر، أمريكا باعت حلفاء السنة بالحليف الشيعى فى المنطقة فى مزاد علنى لم يحضره غير أمريكاوإيران وإسرائيل . البداية كان تساؤلا غائرا فى السر حول أسباب اعتبار باكستان حليفاً للولايات المتحدة فى العموم، والتي يراها أوباما بلداً مختلاً بصورة كارثية ؟ .. ثم توالت ورائه تساؤلات جمة تعبر عن بدايات استراتيجية جديدة فى المنطقة، فهل من المعقول التضحية بعلاقات امتدت لأكثر من ثمانين عاما مع المملكة كان ينظر إليها القاصى والدانى على أنها علاقة دائمة ومستمرة؟ و لماذا أدار باراك أوباما ظهره للسعودية وتركيا وهم الحلفاء التاريخيون لبلاده فى المنطقة؟، الأهم أن هذا التخلى جاء فى مواجهة خصم تاريخى للطرفين إيران . فلم يكن النقد اللاذع الذي وجهه أوباما تجاه السعودية وحلفائه السنة بدعوى إثارتهم "عداوات طائفية" وسعيهم المستمر لإغراء الولاياتالمتحدة وجرها نحو خوض حروب إقليمية بالوكالة عنهم، وليد اللحظة أو انفعال فى لقاء صحفى، بل كان وفق سلسلة من المقابلات الصحفية المطولة التى أجراها معه الصحفى الأميركى الإسرائيلى "جيفرى جولدبيرج" من مجلة "ذى أتلانتيك" رأى أوباما خلالها أن المصالح الأميركية لا تتطلب مواصلة التقليد الذى تنتهجه مؤسسة الخارجية الأميركية، وهى السياسة الداعية إلى إمداد للسعودية وحلفائها بدعم غير مشروط . يتضح ذلك بجلاء عندما رفض أوباما شن غارات جوية على سوريا فى أغسطس 2013، وكانت لدى السعودية وتركيا والدول الخليجية قناعات بأن الولاياتالمتحدة ستستجيب لرغبتهم وتطيح بالرئيس بشار الأسد، لكن كان ثمة تخوف بأن هذا سيولد فراغاً فى السلطة يمتلئ بالحركات الإسلامية الأصولية مثلما حدث فى العراقوأفغانستان وليبيا، وقد يعود هذا التغيير فى بوصلة أمريكا الخارجية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر2001 .. وما الجديد فى الأمر فقد اكتشفت إدارة بوش الابن أن 15 شخصاً من أصل 19 شخصاً نفذوا العملية كانوا سعوديين، كما أن أسامة بن لادن وممولي العملية كانوا أيضاً سعوديين. ولم ينقلب على المملكة بل استمرت الولاياتالمتحدة فى التعامل مع السعودية وباكستان، وعندما أرادت أمريكا هزيمة طالبان وازاحتها من حكم أفغانستان طالبان كانت باكستان الملاذ الوحيد لهم .. لذلك بات من المؤكد أن الإدارة الأمريكية أصبحت مستاءة من العقيدة السياسية الخارجية التى تجبره على التعامل مع السعودية على أنها دولة حليفة للولايات المتحدة . هذا الانقلاب فى التوجهات يثير الكثير من الشك والريبة فى دوافعه وتوقيته، فهل مثلا فوجئ أوباما ذلك التنافس بين السعودية وإيران واشتعال حروب طائفية فى سوريا واليمن والعراق أم كانت بتخطيط ممنهج من المخابرات الأمريكية، وهل زرع داعش فى المنطقة وتسليحها كان بقرار خليجى أم بتدبير جهنمى أمريكى؟، وبعد عشر سنوات من حكم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان هل اكتشف فاجأة أنه خيب أماله بعد أن كان يراه قائد مسلم معتدل يمكن أن يكون جسرًا بين الشرق والغرب، فانقلب عليه ووصفه بالفاشل والاستبدادى !! وماذا يمكن أن يفعل اردوغان وهو يرى الولاياتالمتحدة تحرق أمامه الدول المحيطه به ، بحرب طائفية لا تبقى ولا تذر، كما لم يسانده أوباما خلال التوتر المشوب بالحرب مع روسيا رغم أن الاستفزار الروسى كان واضحا للعيان؟ كان لزاما أن يكون الرد السعودى بحجم الاتهام الأمريكى، فانتقد الأمير تركي الفيصل رئيس المخابرات السعودية السابق الرئيس أوباما ما قاله عن أن السعودية بأنها لا تقوم بما يكفى لمساعدة الولاياتالمتحدة على مواجهة مشكلات الشرق الأوسط.. رافضا وصف الرئيس الأمريكي أوباما للسعودية بأنها "راكب مجانى" وقال إن بلاده كانت تضطلع دائما بدور محورى ومهم فى جهود مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وإن السعودية قدمت للولايات المتحدة معلومات استخباراتية لمنع هجمات قاتلة عليها.. وهل تساوى إدارة أوباما بين حليف تاريخه ممتد لثمانين عاما مع دولة مازالت تتهم أمريكيا بأنها الشيطان الأكبر . ومن الطبيعى أن تشعر السعودية بالقلق من التقارب بين واشنطن وطهران ودعم أمريكالإيران فى قضية الملف النووى الإيرانى، وتخشى من تضاؤل دورها الإقليمى لصالح إيران، لكن أوباما تجاهل هذا القلق وطلب من السعودية تقسيم النفوذ فى المنطقة مع ايران والتعايش معها .. بل ان أوباما غض الطرف عن تدخل إيران فى شؤون العالم العربى خاصة فى اليمن، والبحرين والعراق ولم يقدر الغضب السعودى من الدعم الإيرانى للرئيس السورى بشار الأسد . هو انقلاب فى سياسات أمريكا الخارجية موجها للحليف السنى السعودية وتركيا بدأ فى السر وكنا نستشعره من خلال التحركات والتصريحات وكتبنا عنه مرارا، لكنه الآن يخرج للعلن وينتقد سياسات المملكة وتركيا، وأصبحت الحرب تدار بوجه سا فر . أمريكا باعتنا وإيران كانت المشترى .