الزيارة لا تتجاوز الخمس دقائق وتتطلب المبيت أمام السجن 24 ساعة أهالى المعتقلين: "أحنا بنتذل وبنشوف المر والداخلية بتتحرش بينا مش بتفتش" حقوقيون: تصفية حسابات بتعليمات من النظام لكسر إرادة المعتقلين
فى منطقة بعيدة بجنوب القاهرة، يقبع المئات داخل حراسة مشددة بسجن "العقرب"، الذى يشد إليه رحال المئات من الأهالى الحالمين بزيارة لا تتجاوز مدتها الدقائق الخمس، تبدأ مراحل الاستعداد لها من ليل اليوم السابق حيث يصطف الأهالى فى تمام الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل, مابين أمهات وأطفال يفترشون أرصفة السجن فى طقس شديد البرودة لمدة قد تتجاوز اليومين أحيانا, مقابل نظرة لا تتجاوز دقائق من خلف حائل زجاجى وعبر خط هاتف يفصل مشاعر أبت الاختفاء. «كله يهون عشان نشوفهم», هكذا بدأ الأهالى روايتهم ل"المصريون" التى رصدت تفاصيل الزيارات التى وصفوها بالمؤلمة، وبحسب الأهالى, تقوم قوات الأمن المخولة بتأمين السجن, بالتعامل معهم بطريقة غير آدمية, وتتعنت معهم وتقوم بتفتيشهم كأنها تتحرش بهم, حتى الأطفال لا يسلمون من التفتيش. أم أحمد: "بخرج الساعة 12 علشان اسمع صوت جوزى دقيقة واحدة" تقول أم أحمد زوجة أحد المعتقلين فى سجن العقرب: " أنا بنزل من بيتى أنا وابنى الصغير الساعة 12 بالليل وفى عز البرد عشان أسمع صوت جوزى بس من ورا الزجاج لدقيقة". وتستكمل :" أحنا أول ما بنوصل السجن بنوقف فى طابور لمدة خمس ساعات على الأقل بعد كدا بنخش استراحة السجن, ثم يأتى الطفطف وننتظر وقتاً آخر ثم يتم تسجيل اسمنا فى الزيارة، ونقعد وقت تانى لحد لما نسمع أسم المعتقل بعد كدا ندخل استراحة التفتيش ونتفتش لمدى ساعة أو ساعة ونص". أب: "مستحمل الذل عشان أشوف أبنى" فيما يروى عبد التواب أب لأحد المعتقلين, المعاناة التى يعيشها والدموع تذرف من عينة: "أنا بشوف الذل كل زيارة عشان أشوف أبنى وأطمن عليه بس". ويستكمل عبد التواب قائلًا: "بعد أكتر من شهرين من منع الزيارة, وبعد 8 ساعات انتظار من الفجر ومعاناة من قدام السجن, يجى ضابط ويمشينى بأى حجة". وأضاف: "أن الزيارة بتكون 4 دقائق ومن ورا زجاج بالهاتف, وساعات إدارة السجن بتفرض تدخل والدته وأخته". ويصف عبد التواب المعاناة باختصار قائلًا : "إن الطابور بيكون رهيب وبيكون فيه ستات وأطفال وأمهات". وتصف الحاجة وهيبة والدة أحد المعتقلين بسجن العقرب, معاناة زيارتها لأبنها محمد وتقول:" بخرج من بيتى حوالى الساعة عشرة ولوحدى عشان أبنى الكبير مسافر بره, وبتكون معاناه بس أعمل أيه كله يهون عشان أشوف أبنى حبيبي". وتروى وهيبة وهى متأثرة قصة رحلتها للعقرب : " أنا ست كبيرة وعشان تروح العقرب بتقعد 3 ساعات فى الطريق عشان, وكمان عندى خشونة فى رجلى, وبعد كل ده بروح الاقى طابور كبير جدا بقف فيه يمكن ساعتين بعد كدا بخش مكان الاستراحة وبعدها بقف طابور تانى عشان التفتيش". وتقول وهيبة: "أن زوجى تعبان جدا وعنده فشل كلوى ونفسه يشوف أبنه لكن بسبب المعاملة الوحشة ديه مش بيعرف روح خالص". "بتشتم وبتهان عشان جوزى كل زيارة" تحكى نهال قصة معاناة استخراج تصريح كل زيارة تذهب لزوجها, وتنتهى بالذل والسب. وتقول وهى تبكى قهرًا :" أن الداخلية بتتعامل معانا وبذات الستات أسوء معاملة ومش بيراعوا أننا ستات, فأنا عن نفسى بتشتم بأقذر الشتايم اللى ممكن تتقال, وبستحمل عشا أشوف جوزى بس وأكن عليه". وتستكمل حكايتها قائلة:"زوجى بقالة سنة فى سجن العقرب ومن ساعة ما اتحبس واحنا بنتذل ومفيش حد يساعدنا ورغم كدا انا بتصرف عشان أجيب له زيارة كويسة بس فى الأخر بيجى أمين شرطة أو واحد من قوات السجن ويبهدل الزيارة, لدرجة أنها مبتبقاش تصلح للأكل بعد كدا". أسرة معتقل: "أبونا بيقولنا متجوش تانى عشان كرامتكم" تحكى مها أبنه أحد المعتقلى بسجن العقرب, قصة زيارتها هى وأسرتها لوالدها, التى تصفها بالمأسوية. راوية:" أن والدها معتقل منذ عام ونص فى سجن العقرب, تارك ورائة أمى وأنا وأثنين آخرين, وجميعنا بنات انا أكبرهم, وعلى الرغم من ذلك مش بنقدر نفوت زيارة منشوفش فيها والدى مع اننا بنتبهدل آخر بهدله, بنتهان جدا, للدرجة اللى خالت والدى يقولنا متجوش تانى عشان كرامتكم أنا خلاص مستغنى عن الزيارة اللى مش بتكمل 4 دقائق". زوجة: الاعتداء بالضرب والدخول بالأسبقية وتصف أمال زوجة أحد معتقلى سجن العقرب, المأساة التى تعيشها كل زيارة لزوجها, قائلة : "على الرغم أنى بكون هناك قبل الفجر إلا انه بيكون رقمى فى الكشف 35 لأن الدخول بيكون بأسبيقة الحجز, وخاصة أن إدارة السجن أبلغت أن يكون الحجز منذ فجر اليوم السابق حتى نتمكن من الدخول". وتستكمل:" وبسبب ذلك يحدث تكدس رهيب وتقوم قوات الشرطة بالاعتداء علينا بالصرب بالعصى وزى ما تيجى تيجى مش بتفرق معاهم, أحنا بنتذل أوووى". حقوقيون: المعاملة التى يتعرض لها أهالى المعتقلين معاملة انتقامية مجرمة أكد الحقوقى هيثم على خليل، إن المعاملة التى يتعرض لها أهالى المعتقلين هى معاملة انتقامية مجرمة، تتعمد إذلال الأهالى . وأضاف الحقوقى فى تصريحات خاصة ل" المصريون", أن السلطات تلجأ إلى تجديد 25 زيارة يومية فقط والتسجيل بالدور ويبدأ من 6.30ص ، مما يضطر الأهالى للمبيت أمام مجمع سجون طره من مساء اليوم السابق. وأشِار إلى أنه أثناء الزيارة يكون هناك تفتيش مهين للسيدات اقرب للتحرش والزيارة دقائق و خلف غرفة زجاجية ويتم التواصل بين المعتقلين وذويهم من خلال التليفون . ولفت إلى أن هناك تصفية حسابات من الداخلية بتعليمات من النظام لكسر إرادة المعتقلين وذويهم، ولا يوجد أدنى مراعاة لمبادئ حقوق الإنسان، بينما على الجانب الآخر، الجنائيين يتم معاملتهم سوبر. ومن جانبه, يقول مصطفى مؤمن المحامى الحقوقي، إن منطقة سجون طره قررت عدم تجاوز عدد الزيارات يوميا عن 30 زيارة، مما يعنى 180 أسبوعيًا، فى حين أن عدد النزلاء يقارب من 900 على الأقل، مشيرًا إلى أن الزيارات أصبحت كل أسبوعين للمحبوسين احتياطيا وهو ما يعد مخالفة لقانون تنظيم السجون الذى ينص على كونها أسبوعية. ولفت مؤمن، إلى أن الوضع الآن يستوجب على الأهالى النوم أمام السجن لضمان الدخول، وسط فتح وإغلاق الزيارة بدون مقدمات أو أسباب، الأمر الذى وصفه ب"إذلال للأهالي" لنومهم بجوار أسوار السجن، واستمرارها من وراء الحاجز الزجاجي، موضحًا أن إدارة السجن تسمح فى بعض الأوقات للسلام باليد بين المسجون وأهله إذا كانت هناك تعليمات بتخفيف حدة الوضع.